إسقاط تهم الإرهاب أم إعاقة سير العدالة؟ بقلم ابنة المعتقل الليبي سليم العرادي
شنت الشابة مروة العرادي ابنة المعتقل الليبي في السجون الإماراتية سليم العرادي، هجوماً شديداً على جهاز أمن الدولة الإماراتي، متهمة إياه بتعذيب والدها وسحب الاعترافات منه بشكل قسري، وممارسة العديد من الانتهاكات الانسانية بحقه.
حديث مروة ابنة ال18 عاماً، جاء في مقال لها نشرته عبر صحيفة (عربي21) الإلكترونية بعنوان "إسقاط تهم الإرهاب أم إعاقة سير العدالة؟"، قالت فيه:
قبل عامين، قام عملاء أمن الدولة الإماراتي باختطاف والدي في دبي، حيث كانت عائلتنا في إجازة. كنت حينئذ أبلغ من العمر 16 عاما، وليس لدي أي فكرة عما سيحدث له. بل إنه لا أحد يعلم ما سيحدث له. وبعد مرور 550 يوما، قامت نيابة أمن الدولة الإماراتية باتهام والدي، سليم العرادي، وهو مواطن ليبي، بتهم متعلقة بدعم الإرهاب في ليبيا. وهذا يعني أنه إذا تمت إدانته فإن من الممكن أن تكون عقوبته الإعدام.
بنى جهاز أمن الدولة الإماراتي قضيته، ضد والدي، من خلال استجوابه تحت الإكراه، وقام بانتزاع هذه "الاعترافات" منه تحت التعذيب، وليس هناك أي دليل آخر باستثناء صفحات الاعترافات التي تمت تحت التعذيب والإكراه.
وفي ذروة سير العدالة وهي تنظر إلى هذه القضية، وفي ذروة قيام هيئة الدفاع بدورها في الإعداد للدفوع التي تنسف هذه التهم من أساسها، وفي خطوة مفاجئة، قامت نيابة أمن الدولة بتغيير الوقائع والتهم المتعلقة بدعم الإرهاب واستبدالها بوقائع وتهم جديدة متعلقة بإرسال إمدادات إلى التشكيلات العسكرية الليبية، بالإضافة إلى جنحة متعلقة بجمع التبرعات في الإمارات دون الحصول على إذن من السلطات.
العديد من وسائل الإعلام نظرت إلى هذا التطور نظرة إيجابية، فهل هو بالفعل كذلك؟ هذا التغيير من قبل نيابة أمن الدولة، تأكيد آخر على أن القضية المرفوعة ضد والدي هي قضية جوفاء. فلماذا تعديل الوقائع والتهم الموجهة إليه إذا كان جهاز أمن الدولة واثقا من أن والدي "اعترف" بجريمته؟ لماذا يغير هذه الوقائع وهذه التهم إذا كانوا على يقين بأن والدي مذنب؟ قد يعتقد المرء بعد 550 يوما من السجن والتعذيب وسوء المعاملة والحرمان من العدالة؛ أن النيابة بنت قضيتها بطريقة يقينية، وأنها تملك من الأوراق المليئة بالاعترافات الزائفة ما يثبت التهم على والدي! ما الذي تغير؟
من البداية كنا نقول إن التهم سياسية، وهذا التغيير أثبت ذلك. دولة الإمارات تحتاج أن تكبح جماح جهاز أمن الدولة ونيابته وتجبرهما على الالتزام بالقانون والنظام العام. المحامون يؤكدون أن هذا التغيير المفاجئ في التهم ليس سوى محاولة من قبل نيابة أمن الدولة لفرض حكم إدانة على والدي وباقي رجال الأعمال، وحرمانهم من براءتهم والحرية التي كانت على وشك أن تتحقق.
اتهم والدي وتسعة آخرين من رجال الأعمال الليبيين في نفس التوقيت وفي ظروف متشابهة، وبتهم مماثلة. أطلق سراح بعضهم من السجون السرية، سيئة السمعة، بعد أن التأمت جراحهم من جراء التعذيب، وتمت تبرئة اثنين آخرين، هما معاذ الهاشمي وعادل ناصف، الأسبوع الماضي. لكن وكنتيجة لتطابق قضية معاذ وعادل، أدركت نيابة أمن الدولة بأنه ما لم يتم تعديل التهم، فإن والدي وباقي رجال الأعمال الليبيين ستتم تبرئتهم كذلك، وبالتالي فهذا التطور محاولة من نيابة أمن الدولة لعرقلة سير العدالة.
لا شك أن سمعة أمن الدولة ونيابته على المحك هنا، لأنهما بالفعل شوها الصورة الذهنية لدولة الإمارات العربية المتحدة. العديد من المنظمات الدولية في مجال حقوق الإنسان، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، تنتقد بشكل روتيني سلوك أمن الدولة.
إدانة والدي من شأنها أن تساعد أمن الدولة في الإفلات من غضب السلطات الإماراتية على سوء إدارته لهذه القضية، وبالتالي الحفاظ على صورته التي يود تسويقها باعتباره "الحامي الشرعي للأمن الوطني لدولة الإمارات". ومع ذلك، وبالرغم من أن عدالة المحكمة قد برأت عددا من المتهمين في قضية مماثلة الأسبوع الماضي، فإن نيابة أمن الدولة لا تزال تأمل أن تقتنع هيئة المحكمة بعدم كيدية التهم في حالة والدي ورفاقه.
لقد أصبح والدي إنسانا مسلوب الإرادة، في هذه اللعبة السياسية القذرة.
وعلى الرغم من أن الاتهامات عُدلت، لا يزال والدي مضطهدا ظلما، وحريته مصادرة ظلما، من قبل نيابة أمن الدولة الإماراتية. أبي رجل أعمال، وأب لخمسة أطفال، ولديه حياة يريد أن يستأنفها، لولا ألاعيب جهاز أمن الدولة الإماراتي.
لقد قمت بالتواصل مع الحكومة الكندية، بوصفي أحمل الجنسية الكندية إلى جانب الجنسية الليبية، وأكدت لي أنها قد ناقشت قضية والدي في محادثات على مستوى عال مع السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة. يظل أملي في أن تقوم الحكومة الكندية بالخطوة الصحيحة من أجل أن تنتصر العدالة ويكسب والدي حريته.
في ظل ما تعانيه ليبيا من انقسام السلطات التشريعية والتنفيذية، قام عمي محمد بالتواصل مع رئيس المؤتمر الوطني العام وقام ابن عمي بالتواصل مع رئيس حكومة الإنقاذ، وكلهم وعدوا بالمساعدة، ولكن ما زال والدي مظلوما ويقبع في سجون دولة الإمارات.
لقد قام صديق للعائلة بالذهاب لمدينة البيضاء من أجل التصديق على إفادة صادرة من النائب العام، لأن دولة الإمارات لا تعترف إلا بالحكومة المؤقتة. قام هذا الصديق بمقابلة وكيل وزارة الخارجية حسن الصغير، وكانت المقابلة سيئة، ولم يقم بالتصديق على الإفادة، كما زار مكتب وزير العدل فنصحه مدير المكتب بمغادرة البيضاء فخرج خائفا يترقب. التاريخ يكتب يرفع ويضع.
قابلت بنفسي رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، وأحسن استقبالي ووعد بالمساعدة في حل قضية والدي الذي حرمه جهاز أمن الدولة من حريته ظلما وعدوانا لما يقارب السنتين، كما قمت بمقابلة عدد من نواب من المجلس الرئاسي ووعدوا خيرا.
لن يمنعني عجز الحكومة الكندية وضعف الحكومات الليبية نتيجة الانقسام، الذي أوهن البلاد وعلاقاتها الخارجية، عن الاستمرار في البحث عن حرية والدي، ولن يوهن من عزمي خذلان الموظفين في البيضاء والسفارة الليبية في الإمارات وتقاعسهم عن أداء دورهم الذي يلزمهم القانون القيام به. المطلوب منهم القيام بالإجراء الصحيح والقيام بعملهم للدفاع عن حقوق كل المواطنين الليبيين؛ الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة، وإلى أداء موظفي إدارات بلدهم لعملهم طبقا للقانون. مهما تخاذل هؤلاء وتقاعسوا عن أداء واجبهم تجاه مواطنيهم المظلومين، سيكون الفريق القانوني لوالدي جاهزا في 11 نيسان/ أبريل 2016 بإذن الله للدفاع عن والدي.
العدالة ستنتصر في نهاية المطاف ووالدي سيرجع سالما غانما قريبا بإذن الله. وحتى ذلك الحين، فإن معركتي، وهي في الحقيقة معركة كل الأحرار، كل الحريصين على السلام في العالم، وهي بحكم الواجب والأعراف والقوانين، معركة الحكومات الليبية والحكومة الكندية، لا تزال قائمة