بلومبيرغ: تورط بنك بريطاني شهير في حملة أبوظبي الاقتصادية ضد قطر
قالت وكالة "بلومبرج"، إن بنك هافيلاند ومقره لوكسمبورج، المملوك لأسرة الممول البريطاني "ديفيد رولاند" كان له علاقة وثيقة بولي عهد الإمارات "محمد بن زايد"، وتورطه في خطة عام 2017 وضعها البنك بتوجيه من أبوظبي للهجوم على الأسواق المالية في قطر ضمن ما عُرف بقضية التلاعب الإماراتي بالريال القطري.
وأوضحت الوكالة أن "محمد بن زايد" عرف داخل البنك باسم "الرئيس".
وأشارت الوكالة إلى أن مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني والوثائق القانونية التي استعرضتها، بالإضافة إلى مقابلات مع مطلعين سابقين، كشفت مدى الخدمات التي قدمها "رولاند" وبنكه الخاص لأحد أكبر عملائه "محمد بن زايد".
وأكدت الوكالة أن تلك الخدمات من بنك هافيلاند ذهبت إلى ما هو أبعد من النصائح المالية.
وذكرت الوكالة أن تلك الخدمات شملت البحث عن صفقات في زيمبابوي، وإنشاء شراكة لشراء حقوق صور اللاعبين في نادي مانشستر سيتي لكرة القدم، والمساعدة في وضع رئيس البنك في ذلك الوقت في مجلس إدارة "هيومن رايتس ووتش" بعد أن نشرت المنظمة الحقوقية تقارير تنتقد فيه الدولة الخليجية.
ووفقا للوكالة لم يكن أي من تلك الخدمات المذكور "أكثر وقاحة" من خطة تعود إلى عام 2017 وضعها البنك للهجوم على الأسواق المالية في قطر، وهي الدولة التي حاصرتها الإمارات والسعودية ومصر والبحرين بزعم أنها ترعي الإرهاب.
"التحكم في العائد، وتقرير المستقبل".. كانت هذه قراءة من ضمن 5 بيانات مهمة واردة في عرض تقديمي أعده محلل سابق في بنك هافيلاند، دعا إلى شن هجوم منسق لاستنزاف احتياطيات قطر من العملات الأجنبية وإفقار حكومتها.
ووفق "بلومبرج"، أرسل أحد أبناء "رولاند" وهو مسؤول تنفيذي كبير في البنك الذي مقره لوكسمبورج، الخطة المذكورة عبر البريد الإلكتروني إلى "ويل تريكس" (Will Tricks)، الذي ترك وظيفته المهنية في جهاز المخابرات الخارجية البريطاني "إم آي6" ليلحق بوظيفة مستشار "بن زايد".
وكان "تريكس" بمثابة وسيط بين "رولاند"، و"بن زايد"، وكان يحصل على أموال من البنك كمتعهد أو مورد.
ووجد العرض أو الخطة الموضوعة من قبل البنك طريقها إلى سفير الإمارات في الولايات المتحدة، الذي قام بتخزينها على جهاز الكمبيوتر الخاص به تحت عنوان "Rowland Banque Havilland".
وهذا هو المكان الذي وجد فيه القراصنة المحترفون، الخطة، وقاموا بتسريب وثيقة إلى موقع "إنترسبت"، الذي كتب عنها بدوره في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
وفي العام الماضي رفعت قطر دعوى قضائية ضد بنك هافيلاند في لندن، متهمة إياه بتنظيم حملة كلفت البلاد أكثر من 40 مليار دولار لدعم بنوكها وحماية ربط عملتها بالدولار.
بينما حظيت الدعوة باهتمام وسائل الإعلام لم يتم الإبلاغ سابقا عن مدى الاعمال الأخرى التي قام بها بنك هافيلاند نيابة عن "محمد بن زايد"، ولا الدور الذي قام به "تريكس".
وذكر "بلومبرج بزنس" في نوفمبر/تشرين الثاني أن بنك هافيلاند يواجه تحقيقا جنائيا في لوكسمبورج بسبب قائمة من الاتهامات من بينها تعاملات مع أسرة رئيس دولة أخرى هو رئيس أذربيجان "إلهام علييف".
ونفى البنك في وقت سابق هذا العام، تورطه في أي أعمال تهدف إلى إضعاف الاقتصاد القطري.
وقال في بيان: "أطلق البنك تحقيقا جنائيا مستقلا في هذه المسألة، بقيادة مستشار قانوني خارجي".
وأضاف: "أكد التحقيق أن البنك لم يتورط في أي من المعاملات المشار إليها في التقارير الإعلامية ذات الصلة التي نشرت في ذلك الوقت".
وقال بيان صدر عن مكتب الاتصال الحكومي القطري إن القضايا المقامة في لندن ونيويورك تستهدف بنك هافيلاند الذي مقره لوكسمبورج وبنك أبوظبي الأول ومجموعة سامبا المالية السعودية.
ووفق سجلات المحكمة فقد أكد البنك أن العرض لم يكن خطة حرب بل استراتيجية لإدارة المخاطر لحماية حيازات الإمارات من السندات القطرية، وتم وضع الاستراتيجية بعد اجتماع في أغسطس/آب في لندن بين "ديفيد رولاند" والرئيس التنفيذي لصندوق أبوظبي للثروة السيادية شركة "مبادلة" للاستثمار.
وقال البنك إنه وضع السيناريو بعد شهور من بدء ما تزعم قطر أنه هجوم على نظامها المالي وأنها لم تنفذ أيا من الخطوات المقترحة ولم تفعل أي شيء غير قانوني.
وقال متحدث باسم البنك في بيان أرسل بالبريد الالكتروني: "ينفي بنك هافيلاند بشدة أي مزاعم بارتكاب مخالفات أو سلوك غير لائق ضد دولة قطر.. لم يكن البنك جزءا من أي مؤامرة ضد قطر، كما يرفض جميع مزاعمها".
وعقبت "بلومبرج" بأن وضع خطة للتخريب الاقتصادي، سواء تم تنفيذها أو لم يتم هو أمر خارج اختصاص معظم البنوك الخاصة، ولكن بنك هافيلاند ليس مؤسسة مالية عادية.
ووفقا لـ"بلومبرج"، فإن الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني تظهر أن البنك متخصص في القيام بأشياء قد يرفضها الآخرون، وكان من بين عملائه الفاسدين والمجرمين المزعومين في بؤر الفساد الساخنة بما في ذلك نيجيريا وأذربيجان.
وسعى المذكورون للحصول على أعمال تجارية في البلدان الخاضعة للعقوبات مثل كوريا الشمالية وزيمبابوي.
ولم يكن جميع عملائه من الشخصيات المنبوذة، ولم يكن أي منهم مهما مثل "محمد بن زايد"، كما تقول مصادر "بلومبرج".
ويعد العرض الآن جزءا رئيسيا من القضية الي تتهم فيها قطر البنك بتدبير حملة غير قانونية مدعومة من الإمارات لخلق انطباعات خاطئة عن استقرار البلاد.
وفى غضون أسابيع من إرسال الخطة إلى "تريكس"، تعرض الريال القطري الذي كان واقعا تحت الضغط من بداية الحصار في يونيو/خزيران 2017 إلي السقوط الحر ووصل إلى مستوى قياسي منخفض.
كما ارتفع العائد على سندات قطر لأجل 10 سنوات، وكذلك تكلفة تأمين ديون الدولة للتخلف عن السداد، ولم تسترد العملة عافيتها حتى نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام بعدما كشف موقع "إنترسبت" خطة بنك هافيلاند.
وبحسب الدعوى القطرية المنظورة ضد البنك، حاولت خطة دعمتها الإمارات إنشاء آلية خارجية تحوّل الإمارات حيازاتها من الديون القطرية إليها قبل شراء المزيد من الأوراق المالية لتُغرَق السوق بالسندات، لخلق انطباع بعمليات بيع كبير تثير الذعر وتؤدي إلى اضطرابات بالاقتصاد القطري.