رويترز: مخاوف من العزلة وضغوط أمريكية سعودية وراء موافقة الإمارات على المصالحة الخليجية
كشفت وكالة "رويترز" عن تفاصيل مثيرة للساعات القليلة التي سبقت إعلان المصالحة الخليجية، والقرار السعودي بفتح المنافذ البرية والبحرية والأجواء مع قطر.
ونقلت الوكالة عن مصادر قولها إن السعودية والولايات المتحدة مارستا ضغوطا مكثفة على دول الحصار، لاسيما الإمارات، للقبول بالانخراط في المصالحة التي تم صياغة ملامحها خلال القمة الخليجية بالعلا، التي استضافتها السعودية، الثلاثاء الماضي.
وأكدت أن مناقشات بين الدول المعنية استمرت، حتى بعد توقيع اتفاق المصالحة في العلا.
وأشارت المصادر إلى أن مسارعة السعودية في التحرك نحو المصالحة، جاء لإثارة إعجاب الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة "جو بايدن"، عبر إنهاء ما تعتبره واشنطن خلافا يضر بجهودها المشتركة مع دول الخليج للجم إيران، علاوة على احتياج ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" الظهور بمظهر الحريص على الأمن الإقليمي أمام "بايدن"، لاسيما أن الأخير يمتلك تجاهه شعورا غير جيد.
وقالت الوكالة إن التقارب السعودي القطري والتوجه نحو إقرار مصالحة خليجية قد يقلل من نقاط الاحتكاك المحتملة بين الرياض والحكومة الأمريكية المقبلة التي من المؤكد أنها ستكون أقل تسامحا من إدارة الرئيس "دونالد ترامب"، والذي حمى المملكة بشكل مستمر من الانتقادات لسجلها في حقوق الإنسان.
وقالت المصادر إن السعودية هي حاليا الدولة الوحيدة التي تتخذ خطوات فعلية لإعادة فتح المجال الجوي والحدود مع قطر وإعادة العلاقات الدبلوماسية.
وأضاف أحد المصادر أنه بالنسبة لحلفاء الرياض سيكون من الصعب للغاية التراجع عن إعلان المصالحة الذي تم الثلاثاء في العلا، لكن قد يكون من الصعب أيضا التحرك قدما بسرعة، مشيرا إلى أن البعض يعتبرون الاتفاق في القمة "نقطة بداية وليس خط النهاية.
وبالنسبة للأمير "محمد بن سلمان"، الذي يعتبره منتقدون قائدا يصعب التكهن بقراراته، بدا أن محاولة التقارب مع قطر تهدف لإظهاره بمظهر رجل الدولة الذي يسعى للاستقرار الإقليمي، وفقا للوكالة.
ويهدف "بن سلمان" أيضا من تحركه نحو المصالحة إلى وضع السعودية في موضع الشريك المهم للولايات المتحدة في وقت يشهد توترا إقليميا مع إيران.
وقالت "كريستين سميث ديوان"، وهي باحثة بارزة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: "الشيء الوحيد الأسوأ من هذا الاتفاق بالنسبة للإمارات هو العزلة التي كانت ستفرض عليها لو أنها رفضته، ناهيك عن إمكانية حدوث شقاق مع السعودية".
وأضافت: "لا أتوقع أن هذا سيغير من المنافسة الأيديولوجية والاستراتيجية مع قطر"، مشيرة إلى أن دبي المركز المالي للإمارات ستنتفع من استعادة العلاقات التجارية.
وفي وقت سابق، الخميس، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، "أنور قرقاش"، إن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع قطر يتطلب مزيدا من الوقت ريثما تعمل الأطراف على إعادة بناء الثقة.
وقال "قرقاش"، في مؤتمر صحفي عبر الفيديو، إن مسائل مثل استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة ستستغرق وقتا نظرا لاستمرار وجود جوانب خلاف، من بينها قضايا جيوسياسية مثل إيران وتركيا وجماعات الإسلام السياسي، التي تعتبرها بعض النظم العربية خطرا وجوديا، بحسب وكالة "رويترز".
وتابع "بعض المسائل أسهل في إصلاحها وبعضها الآخر سيستغرق فترة أطول"، مضيفا أن مجموعات العمل الثنائية ستحاول تحريك الأمور. وقال "لدينا بداية جيدة جدا، لكن لدينا مشاكل تتعلق بإعادة بناء الثقة".
بدوره، شدد وزير الخارجية القطري، الشيخ "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني"، الخميس أيضا، على أن بلاده لن تغير من طبيعة علاقاتها مع تركيا وإيران بعد توقيع اتفاق المصالحة الخليجية، مضيفا أن ملف "قناة الجزيرة" خارج التفاوض.
واستشهدت السعودية والإمارات والبحرين ومصر بعلاقات قطر بإيران وتركيا، فضلا عن دعمها للحركات الإسلامية، كأسباب جوهرية لقرارهم الاستثنائي في عام 2017 بقطع العلاقات الدبلوماسية وروابط النقل مع الدوحة.
وأقر الوزير القطري أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لتحقيق مصالحة كاملة.
وأعرب "آل ثاني" عن أمله في أن تحظى الدول الأخرى المتورطة في نزاع الخليج بـ"الإرادة السياسية ذاتها التي يتمتع بها السعوديون، وسيجدون أن قطر لديها الإرادة السياسية للمشاركة".
وقال محللون لصحيفة "فايننشال تايمز" إن الإمارات على وجه الخصوص كانت مترددة في ما يتعلق بالتقارب، ويرجع ذلك جزئيا إلى مخاوف أبوظبي بشأن علاقة قطر المتنامية مع تركيا.
وتتهم الإمارات الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بالتدخل في الشؤون العربية، وقد اشتد الصراع على السلطة بين البلدين العام الماضي، حسب الموقع.