مليشيا الحوثي تتهم الإمارات بـ "التغطية" على نشاطات إسرائيلية في سقطرى جنوب اليمن
اتهمت مليشيا الحوثي دولة الإمارات، مساء اليوم السبت، بالتغطية على نشاطات إسرائيلية في جزيرة سقطرى جنوب شرق اليمن.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها زكريا الشامي وزير النقل في حكومة صنعاء غير المعترف بها دوليا، بحسب قناة "المسيرة" التابعة الحوثيين.
وكان الشامي يتحدث خلال اجتماع ضم عددا من مسؤولي قطاع النقل في حكومته وخصص لمناقشة "الاستحداثات العدائية التي تقوم بها دويلة الإمارات في أرخبيل سقطرى واعتداءاتها على الجرف القاري"، وفق ما أوردته القناة.
واستعرض الاجتماع "الاعتداءات التي تتعرض لها حدود الجرف القاري للجمهورية اليمنية ووضع بلوكات استكشافية نفطية من قبل الصومال في الجرف القاري اليمني".
وأكد الشامي: "أهمية المحافظة على خط الأساس للجرف القاري للجمهورية اليمنية".
وشدد على أن الجرف القاري لليمن "تم ترسيمه وتحديده من قبل مختصين وفنيين دوليين تابعين للأمم المتحدة والمتمثل في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية والجرف القاري بأميال محددة وفقا للقانون الدولي".
وقال إن "الكيان الإسرائيلي يعمل في أرخبيل سقطرى بغطاء إماراتي لنهب الثروات الطبيعية والاستفادة من الموقع الجغرافي لسقطرى اليمنية وما تحتويه من ثروات نفطية وعلاجية وسياحية وغيرها"، على حد قوله.
وسقطرى هي أرخبيل يمني مكون من 6 جزر تقع في المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي، بالقرب من خليج عدن، وتبعد 350 كم على شبه الجزيرة العربية.
ويشمل الأرخبيل جزر سقطرى، ودرسة، وسمحة، وعبد الكوري، وصيال عبد الكوري، وصيال سقطرى، بالإضافة إلى 7 جزر صخرية أخرى، وهي صيرة، وردد، وعدلة، وكرشح، وصيهر، وذاعن ذتل، وجالص.
وتعتبر جزيرة سقطرى أكبر الجزر العربية، ويبلغ طولها 125 كم وعرضها 42 كم، ويبلغ طول الشريط الساحلي (محيط الجزيرة) 300 كم، وعاصمة الجزيرة حديبو. وحسب إحصائيات عام 2004 بلغ عدد سكانها 175020 نسمة.
وتجتمع مليشيا الحوثي والحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في عدن جنوبي البلاد على اتهام الإمارات بمحاولة السيطرة على سقطرى.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قال فهد كفاين، الذي كان يشغل وقتها منصب وزير الثروة السمكية في الحكومة اليمنية، إن الإمارات قامت بإدخال معدات اتصال متقدمة، وعناصر أجنبية إلى محافظة أرخبيل سقطرى، بطريقة غير رسمية وبدون تنسيق مع الحكومة.
وقال كفاين وقتها عبر حسابه على "تويتر"، إن "سفينة إماراتية نقلت معدات اتصالات متقدمة ومعدات أخرى ضمن حمولتها الأخيرة إلى أرخبيل سقطرى".
وأكد "وصول أجانب من جنسيات مختلفة إلى أرخبيل سقطرى في أغسطس/ آب الماضي، ودخولهم دون الحصول على تأشيرات دخول رسمية ودون المرور بإجراءات الدخول الاعتيادية وفق النظام والقانون".
واعتبر كفاين، وهو أحد أبناء محافظة سقطرى، "تعليق العمل بالتأشيرات والإجراءات المتبعة في المطارات للقادمين إلى أرخبيل سقطرى أمرا مثيرا للقلق وغير مقبول".
وسيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، في 19 يونيو/ حزيران الماضي، على مدينة حديبو مركز محافظة سقطرى، بما فيها مقر الحكومة الذي يضم مكتب المحافظ، إضافة إلى إدارة الأمن ومعسكرات الجيش والأمن والمطار والميناء.
فبحكم حقيقة أن أبو ظبي تسيطر على المجلس الانتقالي الجنوبي—لدرجة أن العديد من الخبراء يصفون هذه الجماعة اليمنية الجنوبية بأنها “وكيل” إماراتي—فإنه يمكن القول أن أي إجراءات تتخذها الإمارات في اليمن وتتعلق بإسرائيل ستحظى بمباركة المجلس الانتقالي الجنوبي.
ومن الأمثلة على ذلك إشادة قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي باتفاق التطبيع بعد وقت قصير من إعلانه في 13 أغسطس/آب الماضي.
وبالتالي، على الرغم من عدم وجود اتفاق دبلوماسي رسمي بين إسرائيل والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي هو (على الأقل في الوقت الحالي) جهة فاعلة غير حكومية، فيمكن القول بأن المجلس الانتقالي الجنوبي هو القوة الأكثر صداقة لإسرائيل في اليمن.
قد يرى هذا الفصيل الانفصالي، الذي يسيطر على سقطرى، أن العلاقة الضمنية مع إسرائيل تخدم أجندته طويلة المدى في عدن وأماكن أخرى في جنوب اليمن.
فقد ذكر نبيل نويرة، وهو محلل مستقل في الشأن اليمني: “يعتقد المجلس الانتقالي الجنوبي أن تقاربهم مع إسرائيل سيساعد في إقامة دولتهم المستقلة.”
وأضاف: “لذلك، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يؤيد التنسيق الإماراتي الإسرائيلي في اليمن في حين يعارضه باقي المكونات اليمنية.”
يمكن للإسرائيليين أن يروا احتمال إيجاد موطئ قدم لهم في سقطرى عبر الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي باعتبارها “فرصة لا تُفوَّت” لمراقبة أنشطة إيران في جميع أنحاء بحر العرب والمحيط الهندي الأوسع كما يذكر الفقيه.
بطبيعة الحال، وفي إطار هذا السياق، فإن دخول إسرائيل إلى سقطرى سوف يتماشى مع هدف السياسة الخارجية لواشنطن وذلك في مواجهة أجندة السياسة الخارجية لإيران.
تدرك الإمارات كيف يمكن لهذا أن يعزز شراكتها مع الولايات المتحدة خاصة في الوقت الذي يعارض فيه العديد من المشرعين الأمريكيين صفقة السلاح المثيرة للجدل بقيمة 23 مليار دولار أمريكي إلى الإمارات.
إذا تم تمكين الإمارات في اليمن من خلال شرائها طائرات مقاتلة من طراز F-35 وطائرات ريبر بدون طيار وصواريخ جو-جو وذخائر، يمكن لأبوظبي أن تهدئ من مخاوف واشنطن من خلال استخدام قوتها لتمكين الإسرائيليين من متابعة سياساتهم المعادية لإيران في هذا الأرخبيل اليمني المُطل على باب المندب.
سيرى صانعو السياسات الأمريكيون مثل هذا الوجود الإسرائيلي الذي تسهّله الإمارات في سقطرى على أنه حصن ضد الأنشطة الإيرانية في اليمن وكذلك القرن الأفريقي، وهي منطقة مضطربة تمارس طهران فيها درجات متفاوتة من النفوذ منذ الثورة الإسلامية عام 1979.