إيكونوميست: إيران والإمارات تنقلان تنافسهما إلى القرن الإفريقي المشتعل

إيكونوميست: إيران والإمارات تنقلان تنافسهما إلى القرن الإفريقي المشتعل

قالت مجلة “إيكونوميست” في عددها الأخير إن دول الخليج وإيران نقلت منافستها إلى القرن الأفريقي مما زاد من القلق في منطقة هشة أصلا. وقالت إن المياه الضيقة بين شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي لم تكن حاجزا/خندقا أبدا، فقد ظلت البضائع والبشر تتدفق عبرها بشكل روتيني.

 

بشكل متزايد، تنشط إيران والإمارات، على وجه الخصوص، في القرن الأفريقي، وتصاعدت التوترات بين البلدين بعدما أقامت الإمارات علاقات دبلوماسية مع إسرائيل العام الماضي، وهي خطوة نددت بها إيران بشدة.

وتظهر سلسلة من الاعتقالات الأخيرة في تلك المنطقة كيف أن التنافس بين طهران وأبوظبي يضيف تقلبا إلى منطقة غير مستقرة بالفعل.

 

فقد اعتقلت إثيوبيا في الأسابيع الأخيرة 15 شخصا بزعم التخطيط لمهاجمة سفارتي الإمارات في أديس أبابا والخرطوم، وقالت السلطات الإثيوبية إن المعتقلين كانوا يعملون لدى "جماعة إرهابية أجنبية"، لكنها لم تعلن عن هويتها.

 

في نفس الوقت تقريبا، قالت السويد إنها احتجزت رجلين، سويديا وإريتريا، للاشتباه في قيامهما بالتخطيط لهجوم إرهابي في بلد أجنبي لم تذكر اسمه.

وتقول مصادر مخابرات غربية إن اعتقالات إثيوبيا والسويد مرتبطة ببعضها، وإن إيران كانت وراء الهجمات المخطط لها.

 

وحال ثبتت صحة ذلك، فلن يكون أمرا جديدا بالنسبة لإيران، إذ تمتلك طهران تاريخا حافلا في التخطيط لهجمات بأفريقيا، وفي كثير من الأحيان تكون دون جدوى، ويعتقد عملاء المخابرات الغربية أن إيران ربما تبحث عن أهداف سهلة للانتقام من منافسيها، وهم أمريكا وإسرائيل ودول الخليج.

 

تزعزع إيران استقرار القرن الأفريقي بطرق أخرى أيضا، فمنذ عام 2013، أعرب خبراء الأمم المتحدة عن مخاوفهم لمجلس الأمن بشأن تدفق الأسلحة من اليمن وإيران إلى الصومال.

 

وفي السنوات الأخيرة، وصل حوالي 4 شحنات من الأسلحة كل شهر إلى هذا البلد، فقد اعترضت قوات غربية ومحلية عدة قوارب متجهة إلى الصومال واليمن محملة بأسلحة مصنوعة في إيران أو كوريا الشمالية.

 

وربما تذهب بعض هذه الأسلحة إلى "حركة الشباب"، وهي جماعة مسلحة صومالية تتبنى فكر تنظيم "القاعدة"، فيما يكون بعضها الآخر متجها إلى المتمردين الحوثيين في اليمن.

ففي يونيو/حزيران 2020، على سبيل المثال، صادرت السعودية مركبا شراعيا يحمل صواريخ مضادة للدبابات وآلاف البنادق الهجومية المصنوعة في إيران كانت في طريقها إلى اليمن عبر شبكات التهريب في الصومال.

 

وفي يناير/كانون الثاني 2021، نشرت "حركة الشباب" مقطع فيديو لإحياء ذكرى هجومها العام الماضي على قاعدة جوية أمريكية في خليج ماندا على الساحل الكيني، ويمكن رؤية مقاتليها، في الفيديو، وهم يحملون قاذفات صواريخ إيرانية الصنع، لكنهم يحملون أيضا بنادق مسروقة من الجيش الصومالي قدمتها الإمارات في الأصل.

 

فبين عامي 2014 و2018، دربت الإمارات جزءا من الجيش الصومالي، لكن البلدين اختلفا بعد أن قاوم الصومال ضغوطا إماراتية لقطع العلاقات مع قطر في أعقاب الأزمة الخليجية التي اندلعت في 5 يونيو/حزيران 2017، في المقابل، كان الصومال غاضبا من الإمارات لعقدها صفقات مع "أرض الصومال"، وهو إقليم انفصالي.

 

واليوم، تعد الإمارات أكثر نشاطا في إريتريا وربما إثيوبيا، فقد قدمت ذخائر للجيش الإريتري في تحد لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على هذا البلد، واستخدمت قاعدة جوية وبحرية في مدينة عصب الساحلية الإرتيرية لشن ضربات جوية في اليمن.

 

وزعم المتمردون الإثيوبيون أن تلك القاعدة استُخدمت أيضا لشن هجمات بطائرات بدون طيار ضدهم، وتقاتل إريتريا إلى جانب الحكومة الإثيوبية ضد "جبهة تحرير شعب تيجراي"، المتمردة في إقليم "تيجراي" الشمالي.

 

ليست إيران والإمارات القوتين الشرق أوسطيتين الوحيدتين اللتين تعملان في القرن الأفريقي، فلطالما أفاد صحفيون إسرائيليون بوجود منشآت استخباراتية إسرائيلية سرية في إريتريا، التي تحتل موقعا استراتيجيا، بإطلالة متميزة على مضيق باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.

والسؤال هنا: هل التنافس الإماراتي الإيراني في القرن الأفريقي مفيد لتلك المنطقة؟

 

بالطبع لا.. فقد تراجعت جهود الصومال الهشة لبناء الدولة في وقت سابق من هذا الشهر، عندما تم تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى، وفي الوقت نفسه، باتت إثيوبيا معرضة لخطر الانقسام إلى مجموعات عرقية متحاربة.

إن المنطقة بحاجة فعلية إلى الغرباء لإخماد هذه النيران، لكن، بدلا من ذلك، يقوم الكثير منهم بإذكائها.

الكاتب