واشنطن بوست: تورط حليف لترامب وشركات إماراتية في مهمة سرية انتهكت حظر الأسلحة المفروض على ليبيا

واشنطن بوست: تورط حليف لترامب وشركات إماراتية في مهمة سرية انتهكت حظر الأسلحة المفروض على ليبيا

 نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده جون واريك، قال فيه إن وثائق لدى الأمم المتحدة تقدم ضوءا جديدا على خطة لاستخدام أسلحة أمريكية الصنع من مروحيات قتالية وغير ذلك للهجوم على الحكومة الشرعية في طرابلس.

 

وقال إن وحدة الكوماندوز التي تم استئجارها وهبطت في مطار بنغازي في حزيران/يونيو 2019 رتبت وبطريقة منظمة لشراء الأسلحة والأدوات الضرورية للهجوم على الحكومة في طرابلس. وحصل الفريق على طائرات مسيرة وقوارب حربية قابلة للنفخ السريع ومركز قيادة متحرك ونظام تشويش على اتصالات العدو.

 

وهناك مروحيات قتالية: ثلاث إي أتش- 1أف مزودة برشاشات وقاذفات صواريخ والتي قدمتها الولايات المتحدة إلى الأردن قبل سنوات عدة. وسافر قادة العملية إلى العاصمة الأردنية عمان معتقدين أنهم حصلوا على صفقة.

 

 وفي تقرير عن وضع العملية كتب أحد أعضاء الكوماندو، أن الطائرات كانت جاهزة وبانتظار تحميلها على طائرات نقل باتجاه ليبيا و”سيكون الفريق جاهزا للعمل خلال أسبوع” حسب التقرير. ولكن تدخل اللحظة الأخيرة من المسؤولين الأردنيين هو الذي منع نقل الطائرات إلى بنغازي، التي يسيطر عليها المتمردون في شمال- شرق ليبيا. ولو وصلت الطائرات لأدت لحرف مسار الهجوم العسكري الذي كان يعد له ضد الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس وتدعمها الولايات المتحدة رسميا.

 

ويقول واريك إن مجموعة من الوثائق التي حصل عليها محققو الأمم المتحدة عبر تحقيق استمر 18 شهرا، تلقي الضوء على المحاولة غير العادية في 2019 لشركات التعهدات الأمنية إدخال عناصر من الخبرة العسكرية الغربية والأسلحة، نيابة عن زعيم التمرد في الشرق خليفة حفتر والذي كان يحاول السيطرة على البلد بمساعدة من مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا.

 

ويقدم التقرير صورة مؤكدة عن انتشار السلاح الذي تحاول إدارة جوزيف بايدن التعامل معه، وهي تدفق السلاح الأمريكي والمعدات إلى محاور الحرب في الشرق الأوسط وبدعم من حلفاء الولايات المتحدة والمرتزقة.

 

من بين خطوط التحقيق التي تابعها المحققون في الأمم المتحدة هو دور إريك برينس، مؤسس شركة التعهدات الأمنية سيئة السمعة “بلاكووتر” والمتعهد العسكري السابق والذي يزعم المحققون أنه حاول استخدام تأثيره لتأمين نقل الأسلحة إلى ليبيا

 

ومن بين خطوط التحقيق التي تابعها المحققون في الأمم المتحدة هو دور إريك برينس، مؤسس شركة التعهدات الأمنية سيئة السمعة “بلاكووتر” والمتعهد العسكري السابق والذي يزعم المحققون أنه حاول استخدام تأثيره لتأمين نقل الأسلحة إلى ليبيا.

 

ويعتبر أي نقل للأسلحة الأمريكية الصنع إلى طرف ثالث خرقا لقرار حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وشروط مبيعات السلاح التي تغطي الصفقات الأمريكية الأجنبية. لكن المحققين في الأمم المتحدة يقومون بفحص حالات وصلت فيها أسلحة أمريكية ومعدات متقدمة مثل طائرات النقل العسكري سي-17 وصواريخ جافلين المضادة للدبابات إلى اليمن أو ليبيا، وذلك حسب مسؤولين أمريكيين سابقين وحاليين على معرفة بالتحقيق الأممي.

 

وتمت متابعة بعض الأسلحة للحكومات التي حصلت عليها من الولايات المتحدة. ولكن العقود غالبا ما تتم عبر وسطاء يحاولون الإثراء من الحروب الأهلية وحركات التمرد في جنوب آسيا وشمال أفريقيا.

 

وقال ويليام لورنس، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية الذي عمل في طرابلس “هذا هو الغرب المتوحش من شبكات الجريمة وتجار السلاح الذي يقدمون الأسلحة وينتهكون كل القواعد والأعراف الدولية” و”تعتبر ليبيا رمزا للمشكلة”.

 

وفي الشهر الماضي قررت إدارة بايدن تعليق صفقات صواريخ إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة لبيع مقاتلات إف-35. واحتج الكونغرس على المبيعات بسبب القلق من استخدام البلدين الأسلحة الأمريكية في الماضي في حروب الوكالة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويقوم الكونغرس بالتحقيق بشكل منفصل في عمليات نقل الأسلحة الأمريكية لطرف ثالث.

 

وقال العضو الديمقراطي بلجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب توم مالينوسكي (ممثل ولاية نيوجيرسي) إن نقل الأسلحة عبر المهربين بحثا عن المال، أمر معروف إلا أن أمريكا مجبرة على استخدام نفوذها لمنع حدوث هذا “المسؤولية تقع هنا على الحكومات لكي توقف هذا النوع من السلوك”. و”هناك دول متورطة وتعتبر شريكة وحليفة للولايات المتحدة”.

 

وتكشف الوثائق التي اطلعت عليها “واشنطن بوست” عملية غير عادية لاستئجار مرتزقة وأسلحة، لم تشهد ليبيا مثلها خلال 10 أعوام من الحرب الأهلية ومنذ الإطاحة بمعمر القذافي.

 

وتشمل الوثائق التي حصل عليها فريق تحقيق في الأمم المتحدة على سجلات للرحلات الجوية وفواتير مالية واتصالات بين الأفراد المشاركين في العملية التي تكشفت خلال ربيع وصيف 2019.

 

ومن بين الأوراق تقرير قدمه عضو في فريق الكوماندو، ويصف فيه محاولات إدخال عناصر عسكرية غربية بشرية ومعدات في ذروة الهجوم على العاصمة الليبية والإطاحة بالحكومة فيها. وتشير المذكرة أو التقرير إلى فريق المتعهدين الأمنيين بـ”مجموعة أوبس”، وكتبه عضو في المجموعة أشار لاسمه بـ “أوس1″، وأكد ثلاثة مسؤولين حاليين وسابقين صحة الوثيقة.

 

وفشلت العملية قبل أن تبدأ حيث فر أعضاء المجموعة في قارب إلى مالطا. وفي الوقت الذي نشرت صحف مثل “نيويورك تايمز” ومجلة “رولينغ ستونز” معلومات عن المحاولة الفاشلة إلا أن “تقرير الوضع” وغيرها من الوثائق تظهر حجم الجهود لحصول الفريق على معدات عسكرية متقدمة بما في ذلك مروحيات كوبرا ودعم فريق هجوم عسكري غربي مكون من خبراء عسكريين من جنوب أفريقيا وبريطانيا ومحاربين سابقين في الجيش الأسترالي وأمريكي واحد على الأقل.

 

ومع وصول فريق الهجوم الغربي نهاية ربيع 2019 كانت حكومة الوفاق الوطني تحاول التمسك بالسلطة فقد شنت قوات حفتر هجوما على العاصمة وسيطرت على المناطق المحيطة بها وكانت تحضر للهجوم على العاصمة في غضون أسابيع.

 

وبحسب مسؤولين في الأمم المتحدة وأمريكيين على معرفة بالأحداث فقد وافق حفتر على خطة الحصول على المروحيات والخبرات العسكرية لتعزيز فرص نجاح عمليته للسيطرة على طرابلس.

 

ومن الخطط التي تمت مناقشتها، قال المسؤولون هي استخدام فريق كوماندو لقتل أو القبض على القادة العسكريين والسياسيين البارزين، والذين تم تحديد أسماء بعضهم في قائمة قتل. وفي نيسان/إبريل اشترى حفتر خدمة عدد من المتعهدين الأمنيين واللوجيستيين في الإمارات العربية المتحدة وأشير إليهم معا بـ “مجموعة أوبس”.

 

وبحسب الوثائق التي حصل عليها المحققون فقد كانت الجهة الرئيسية الممولة للفريق هي “أوبس كابيتال أسيتس” و”لانكستر 6″ ومقرهما في دبي.

 

ويدير لانكستر6 كريستيان دورانت الطيار الأسترالي السابق والذي كان يحتل مناصب أخرى في أوبس كابيتال أسيتس. وعندما اتصلت الصحيفة به أشار إلى بيان سابق له نفى فيه أي تورط في عملية حزيران/يونيو 2019 غير تقديم الخبرة الهندسية وتوصيات للطائرات التي تم الحصول عليها في الأردن.

 

وقال دوران في بيان حصلت عليه هيئة الإذاعة الأسترالية: “لم أكن ولن أكون أبدا مرتزقا” أو “زعيما لمجموعة كهذه”. وفي مقابلة مع فريق الأمم المتحدة اعترف دورانت بدور في إنشاء “مركز لوجيستي” في ليبيا بهدف توفير الحماية للبنى النفطية ومنشآت الغاز.

 

وقال في بيان معد مسبقا إنه لم يقم ولا شركاته بتوفير الأسلحة للمقاتلين الليبيين و”لم نخرق العقوبات، ولم نقدم خدمات عسكرية ولا نحمل بنادق”.

 

وأعرب عن جهله بمجموعة الوثائق الأخرى حول أصل عملية “مجموعة أوبس”. ولم يرد حفتر أو إدارة أوبس كابيتال أسيتس في دبي على أسئلة الصحيفة. ويظهر “تقرير الوضع” أن الفريق كان لديه بمنتصف حزيران/يونيو 2019 كل شيء من المعدات العسكرية المتقدمة الضرورية للهجوم على العاصمة.

 

وفي الوقت الذي كتب فيه التقرير في 18 حزيران/يونيو 2018، كان لدى “أوبس” رصيد على الأرض بما في ذلك “مزيج من خلية الاستهداف” وكذا “فريق سايبر” للتشويش على اللاسلكي، وقاربان قابلان للنفخ السريع تم الحصول عليهما للمهمة. و”كانا جاهزين ومزودين بالوقود في مالطا بانتظار قدوم الفريق إلى بنغازي” كما جاء في التقرير. وفحص فريق المحققين وثائق تشير إلى خطط متقدمة للهجوم وخطط طارئة لإجلاء الفريق والهروب من ليبيا حالة فشل العملية. وكان آخر ما اشتراه الفريق ينتظر في الأردن.

 

وسافر أعضاء في العصابة إلى العاصمة الأردنية في منتصف حزيران/يونيو على ثقة أنهم حصلوا على صفقة ونقل ثلاث طائرات إي أتش- 1أف وبثمن 6 ملايين دولار حسب مسؤولين سابقين وحاليين ومسؤولين في الأمم المتحدة الذين قاموا بالتحقيق. وتم تفكيك المروحيات القتالية من أجل نقلها على متن طائرتين عسكريتين روسيتين تم استئجارهما.

 

وبالإضافة إلى مروحيات كوبرا، حاولت “مجموعة أوبس” الحصول أسلحة صغيرة وذخيرة ومناظير متقدمة من اتصالات في الأردن. وتم شراء طائرات مسيرة ستصل إلى عمان في أيام حسب “تقرير الوضع”.

 

وجاء فيه: “سيكون الفريق فاعلا في أسبوع لو دعمت (حكومة الأردن) في تصدير الأسلحة المتحكم بها بما فيها المروحيات، والذخيرة الجوية والأسلحة البرية والذخيرة البرية والمناظير الليلية”. ولكن الخطة فشلت عندما رفضت الحكومة الأردنية التعاون.

 

وقبل وصول “فريق أوبس” إلى عمان بدأ المسؤولون الأردنيون بالنظر في الصفقة وإمكانية خرقها شروط صفقة السلاح مع أمريكا. وفي ذلك الوقت كان الأردن يحاول بيع الزائد من طائرات كوبرا التي تم إنهاء خدمتها من أجل استيعاب مقاتلات جديدة. وكانت هناك مفاوضات مع الفلبين بانتظار الموافقة الأمريكية.

 

ولم يسمح الأردن رسميا بمغادرة الطائرات وتسليمها لفريق أوبس الذي ظل يضغط باتجاه الحصول عليها قائلا إنها لأغراض إنسانية وجرى الموافقة عليها من مستويات أمريكية وإماراتية.

 

وفي مكالمات أجراها المسؤولون الأردنيون مع واشنطن لم يجدوا مصداقية لما يقوله الزوار. وبعد إجراء تفتيش وجد المسؤولون أن طائرات أوبس كانت محملة بأسلحة أخرى في طريقها لليبيا، وذلك حسب مسؤول على معرفة بالتحقيق الداخلي الأردني.

 

وقال مسؤول إن “فريق أوبس كان مصمما على أن لديهم الموافقة” بما فيها موافقة إدارة دونالد ترامب للحصول على كوبرا و”لم تكن هناك موافقة”. ويحاول المسؤولون في الأمم المتحدة التأكد من مكالمتين أجراهما برينس للمسؤولين الأردنيين يطلب فيهما الإفراج عن المروحيتين. وقال مايكل شوارتز الذي يمثل برينس إن موكله لم يخرق أي قانون “لا علاقة لبرينس بالعملية في ليبيا 2019 أو أي وقت آخر”.

 

وكان رفض الأردن تسليم المروحيات لفريق أوبس مدمرا “فرغم التأكيد من المسؤولين المشتركين (من حكومة الأردن) بأنهم سيدعمون فريق أوبس” و”لكن الدعم لم يحدث مما سيترك أثره الخطير على العملية”.

 

وبالتأكيد فشلت الخطة والفريق بعد أيام من كتابة التقرير، وعندما سافر الفريق إلى بنغازي لإبلاغ حفتر، انفجر غاضبا لعدم حصوله على مروحيات أمريكية. ونظرا لخوفهم من الاعتقال فر المرتزقة على قارب منفوخ إلى مالطا حيث وصلوا في 2 تموز/يوليو وتم احتجازهم في الجمارك ثم أفرج عنهم.

الكاتب