"ميدل ايست آي": مسبار الأمل الإماراتي إنجاز مبني على سياسة القمع
اعتبر موقع "ميدل ايست آي" البريطاني، تجاح مسبار الأمل الإماراتي في الوصول إلى مدار الكوكب الأحمر، إنجاز إماراتي مبني على سياسية القمع، لافتاً إلى أن كل حالة من التقدم التكنولوجي في دولة الإمارات لها ثمن وهي مبنية على ظهور العمال المهاجرين.
وقالت الكاتبة إسلام الخطيب في مقال لها على الموقع البريطاني، إن نجاح "مسبار الأمل" هذا الشهر في دخول مدار المريخ. بينما كنت أتصفح حساباتي على منصات التواصل الاجتماعي، كان الجميع يحتفلون بهذا الإنجاز، لكنني لم أشعر سوى بالقلق والذعر.
وأضافت "الهدف من الرحلة هو الكشف عن أسرار المناخ على كوكب المريخ من خلال المستشعرات عن بعد وجمع البيانات، حيث يهدف برنامج الفضاء الإماراتي إلى بناء مستوطنات بشرية على المريخ بحلول سنة 2117".
وأشارت إلى استمرار الإمارات العربية المتحدة في توسعها غير الإقليمي في سنة 2021، وهي عملية تقوم فيها الدولة بتوسيع سلطتها دون احتلال الأراضي بشكل فعلي. ومع ذلك، تتوقع الحكومة تنفيذ توسعها الإقليمي بحلول سنة 2117.
زأصافت "بينما ما زلنا ننعى أولئك الذين فقدناهم في سنة 2020 ونتساءل عما إذا كان أحباؤنا سينجون في سنة 2021، يُطلب منا إعادة توجيه مشاعرنا للاحتفال بـ "التقدم"، أريد أن نخطو خطوة إلى الخلف ونتأمل، ليس فقط في الاحتفال نفسه وإنما أيضا في حاجتنا المستمرة لتحقيق الانتصارات، دعونا نضع الاحتفالات التي شهدناها في سياقها وإطارها التاريخي والسياسي".
كما اعتبرت أن كل تقدم تكنولوجي تحرزه دولة الإمارات العربية المتحدة له ثمن: كلها تحققت بفضل جهود العمال المهاجرين.
وأكدت أن حقيقة كون دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة في قطاع التكنولوجيا يجب أن يولد الخوف، في ظل وجود مزاعم خطيرة حول تدخل الحكومة الإماراتية في الخصوصية والحقوق الرقمية ليس فقط في الخليج، وإنما في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في المقابل، يدفع الناس ثمن هذا التقدم التكنولوجي بطرق مختلفة وقاسية، حيث تعتبر السياسات القمعية الإماراتية مجرد تجليات لقضية منهجية أكثر تعقيدا، بدءا من استخدام برامج التجسس الإسرائيلية كأداة لإسكات المعارضة، مرورا بالاستثمار في الحرب على اليمن، وصولا إلى تسليح الحكام المستبدين.
وأطلق بعض العلماء، بما في ذلك الراحل بول كروتزن الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء، مصطلح "الأنثروبوسين" على العصر الجيولوجي البشري الجديد. وعادة ما يستخدم هذا المصطلح لوصف بداية النشاط البشري وكيفية تأثيره بشكل كبير على مناخ الكوكب والنظم البيئية، مع ذلك، يجادل منظرو العلوم الاجتماعية الآخرون، مثل هيرمينيو مارتينز، بأنه يمكن أيضا تسميته بعصر "التكنوسين" - وهي حقبة تصفها الوكالة التكنولوجية بعصر التقدم.
واعتبر ات الكاتبة، الخطيب، الاحتفال بإنجاز دولة الإمارات العربية المتحدة يضفي الشرعية على هياكل الاضطهاد التي جعلتها تصل إلى هذا التقدم التكنولوجي.
وأضافت" يساعدنا مفهوم "التكنوسين" على فهم الاحتفال بالإنجاز الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة - بشكل أعمق - على أنه ليس مجرد حدث عرضي فقط وإنما تنبؤًا بالمستقبل. يُنظر إلى هذا المستقبل على أنه قائم على إعطاء الأولوية للتقدم التكنولوجي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وتقنيات المعلومات والاتصالات، التي ستكون أدوات للتوسع غير الإقليمي والحصول على البيانات.
غالبًا ما يكون "تقديس التكنولوجيا" في صميم عصر التكنوسين. في عصر التقدم، ينظر إلى "الآلة" على أنها كيان قائم بذاته ومستقل عن البنى التحتية السياسية التي تخلقه وتدعمه، مما يعني أننا نرى التقدم التكنولوجي دون الاعتراف بالعمل الخفي وأنظمة الاضطهاد التي تقف وراءه.
يعد فهم عملية "تقديس التكنولوجيا" في خضم عصر التكنوسين أمرًا ضروريًا لتحليل رحلة الإمارات العربية المتحدة إلى المريخ، لأنها تؤثر بعدة طرق بينما تمكننا من بناء تقنيات رقمية لتكون كيانات تعمل بشكل مستقل دون أن تتحمل مسؤولية أفعالها.
وقالت "إن الاحتفال بإنجاز دولة الإمارات العربية المتحدة يضفي الشرعية على هياكل الاضطهاد التي جعلتها تصل إلى هذا التقدم التكنولوجي. وهذا يشمل مجتمعات المهاجرين الذين يعملون فوق طاقتهم ويتقاضون أجورا منخفضة في المقابل.
وأضافت " نحن نشهد انقساما كبيرا: فنحن نحتفي بالتقدم التكنولوجي للدولة، لكننا نريد أيضًا التحرر من الدولة الاستبدادية، كيف يمكننا أن نحتفل بالانتصارات ونحزن على الخسائر في الآن ذاته؟ إننا نتخذ خيارا سياسيا مقصودا لكبت الحزن، ونحتفل بدلا من ذلك بالانتصارات الملحوظة".
وتمثل رحلة الإمارات إلى المريخ بداية حقبة جديدة تختلف تمامًا عن أي شيء سبقها، ولكنها مبنية على الماضي والحاضر القمعي والسلطوي.
وتتمحور العديد من المشاريع والرؤى بشأن مستقبل البشرية - مثل تلك الخاصة بالإمارات العربية المتحدة - حول حرب التوسع غير الإقليمي واحتلال "الفضاء".
إن فهم التوسع غير الإقليمي ومعرفة الطرف الذي يتحكم في البيانات من شأنه أن يساعد على تفكيك الاحتفال بنظام استبدادي بطريقة تدفعنا أيضًا لقبول هذه الحقبة الجديدة، عصر الحزن والخوف والسيطرة، مع إمكانات لا نهاية لها للأمل.
لهذا السبب يجب الاشارة للسياسات التي تقوم عليها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول عصر التكنوسين لتوجيه تنظيمنا.
يشير الاحتفال بنجاح رحلة مسبار الأمل إلى المريخ إلى الحاجة إلى تحليل الطريقة التي ينظر بها إلى التكنولوجيا من أجل بناء خطاب متجذر في البيئة السياسية.
إن التقدم التكنولوجي لا يعني بالضرورة أنه سيحقق التنمية، ولكن لا ينبغي تشويهه أيضًا.
ودعت الكاتبة الخطيب في ختام مقالها، "الجميع للتساؤل عن التداخل المستمر بين الطبيعة والتكنولوجيا، والحزن والأمل، والاحتفال والقمع. و لطرح منظور قائم على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول ما يعنيه التقدم التكنولوجي في ظل الأنظمة الاستبدادية، والدعوة للتعبير عن تقديرنا للعمال المهاجرين الذين يجعلون كل هذا التقدم ممكنا".
كما دعت للتفكير في شعارات "صناعة التكنولوجيا من أجل الخير" التي غالبا ما تستخدمها الدول الاستبدادية كذريعة لإخفاء السياسات القمعية وراء تقدمها التكنولوجي. بدلا من الحلم بالحلول التكنولوجية المتقدمة من قبل الأنظمة الاستبدادية (التي تهدف فقط إلى الحصول على البيانات)، والتفكير في الاستدامة البيئية - مستقبل يتم التعرف فيه على التقنيات كاستراتيجيات اجتماعية من أجل عالم أفضل وأكثر عدلاً.