فجاجة نتنياهو (تُحرج) الإمارات!

فجاجة نتنياهو (تُحرج) الإمارات!

فجاجة نتنياهو (تُحرج) الإمارات

اعتبر نتنياهو العلاقة مع أبوظبي إنجازا فرديا له ورأسمالا خاصا يمكنه صرفه بالطريقة التي تناسبه.

تعامل نتنياهو مع الانفتاح الإماراتي بطريقة تختلف عن تعامله مع حكومات عربية أخرى أعلنت تطبيعها مع إسرائيل.

استخدم نتنياهو اسم ولي عهد أبوظبي في دعايته الانتخابية بقوله إن بن زايد «تطوّع» باستثمار نحو 12 مليار دولار في إسرائيل.

أثارت الفجاجة الإسرائيلية حفيظة أبوظبي مما دفع قرقاش للتعليق في تغريدة بأن الإمارات «لا تشارك في أية عملية انتخابية داخلية في إسرائيل».

أبوظبي لا تجمعها حدود مع إسرائيل ولم تشارك عمليا في حروب ضدّها وهو ما يعني أن اتفاق التطبيع جعل العلاقات طبيعية بعد قطيعة أو توتر!

*     *     *

أظهرت الإمارات، منذ إعلان التطبيع الرسمي مع إسرائيل في 13 آب /أغسطس 2020، أشكالا واسعة من الانفتاح على الدولة العبرية وبدا هذا الانفتاح أكثر اتساعا وشمولا مما شهدته تل أبيب سابقا مع مصر التي كانت أول دولة عربية توقع اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1979، ثم الأردن الذي وقع معاهدة وادي عربة عام 1994.

أنهت الاتفاقيتان المذكورتان، عمليا، ظاهرة الحروب المتقطعة بين القاهرة وعمّان مع إسرائيل منذ عام 1948، وهو أمر لم ينطبق على حالة أبوظبي التي لا تجمعها حدود مع الدولة العبرية، ولم تشارك عمليا في حروب ضدّها، وهو ما يعني أن اتفاق التطبيع جعل العلاقات طبيعية بعد قطيعة أو توتر!

وهو ما قد يفسّر الانتقالة الكبيرة من الانقطاع الرسمي في العلاقات، والالتزام بقرارات الجامعة العربية المعروفة فيما يخص شروط السلام مع إسرائيل، إلى حدود التعاون العسكري والأمني والدبلوماسي (الذي توّج بوصول محمد آل خاجة كأول سفير لأبوظبي في تل أبيب) وصولا إلى التعاون السياحي والمالي والرياضي والفنّي، وكتابة مسؤولين وإعلاميين إماراتيين في صحف إسرائيلية بالعبرية.

تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الانفتاح الإماراتي بطريقة تختلف عن تعامله مع البحرين والسودان والمغرب، وهي الحكومات العربية الأخرى التي أعلنت تطبيعها مع تل أبيب، معتبرا، على ما يبدو، العلاقة مع أبوظبي إنجازا فرديا له ورأسمالا خاصا يمكنه صرفه بالطريقة التي تناسبه.

أحد أشكال هذا «الصرف» من الحساب الإماراتي كان ما تردد عن منعه وزير الخارجية الإسرائيلي غابي اشكنازي، من زيارة الإمارات قبله، كي لا تسجّل هذه الزيارة في حسابات أشكنازي، الذي يعتبر أحد خصومه السياسيين، ولا يمكن، في هذه الحالة، لأشكنازي ادعاء تقديم أي منجز في مجال التطبيع مع دول الخليج العربي عموما، ومع أبو ظبي خصوصا.

سرّب مكتب نتنياهو بعد ذلك خططا لوسائل الإعلام الإسرائيلية عن زيارته الأولى للإمارات، وتم ترويج الأمر على أنه «مناقشة سرية لمواجهة إيران» ولم يكتف نتنياهو بذلك فقام باستخدام اسم ولي عهد أبوظبي بشكل واضح في الدعاية الانتخابية لنفسه بقوله إن محمد بن زايد آل نهيان، «تطوّع» باستثمار 40 مليار شيكل (أي ما يقارب 12 مليار دولار) في إسرائيل.

أثارت هذه الفجاجة الإسرائيلية حفيظة أبوظبي مما دفع أنور قرقاش، مستشار رئيس الإمارات، وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق للتعليق في تغريدة على تويتر بأن الإمارات «لا تشارك في أية عملية انتخابية داخلية في إسرائيل».

لكنّ الردّ الأوضح ظهر مع إلغاء زيارة نتنياهو، للمرّة الخامسة إلى أبوظبي، بعد أن كانت فجاجته أدت إلى إلغاء الأردن للزيارة السابقة عليها، بتأخير إعطاء طائرته تصريحا بالمرور عبر أجوائه.

حاول نتنياهو، مع ذلك، تخفيف الأضرار عبر تمييع أسباب إلغاء الزيارة الرابعة، بالحديث عن صواريخ الحوثيين فوق السعودية، وكذلك القول إن الإماراتيين لم يلغوا الموعد الخامس للزيارة، وأن تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات حصل بسبب «خلل».

نتنياهو «صادق» طبعا في حديثه، باستثناء الاعتراف أنه هو «الخلل» الذي يرخي بظلاله على كل ما يتّصل به، وبالدائرة التي تحيط به، وبالسياسة التي ينتهجها ضد الفلسطينيين أولا، وضد خصومه، أيّا كانوا، ثانيا.

الكاتب