محاكمة موزة العبدولي .. خطوة في السباق العالمي نحو «الظُلم »

محاكمة موزة العبدولي .. خطوة في السباق العالمي نحو «الظُلم »

المحرر السياسي - إيماسك

يكرس جهاز أمن الدولة نفسه في المزيد من السقوط في الأخلاقيات وانتهاك الحُرمات الإماراتية، فبعد اختطاف دام خمسة أشهر في سجن سري تمثل موزة محمد العبدولي (18) عاماً أمام القضاء بتهمة الإساءة للدولة على تويتر، عندما كانت تتحدث عن والداها الشهيد في سوريا. فيما لايزال مصير شقيقتها "أمينة العبدولي" أم الخمسة أطفال، واثنين من أشقائها في السجون السرية بلا رادع وصمتّ مطبق.

 هذه الفتاة التي ماتزال قاصر هي أول فتاة في العالم تحاكم بسبب تغريده رثاء لوالدها على تويتر؛ لقد أصبحنا عالميين في كل شيء في الأبراج الطويلة وأكبر "كيكة" على ساحل دبي، وتقديماً للمعارضين إلى السجون والمعتقلات، الإمارات ليست فقط أبراج ولا مبنى بعشرات او مئات الطوابق ، هي مناطق مظلمة تستهدف المواطنة والإنسانية.

 إن هذا الصمت على هذا الظُلم و "الضيم" الشديدين يقود الدولة إلى المنحدرات نحو الهاوية السحيقة، هو أقرب منه من الرضى إلى التواطئ الحكومي الذي وضع العربة قبل الحصان فأصبحت الحكومة تابعة لجهاز أمن الدولة لا العكس، وهو ما يشير بالتأكيد إلى مدى تحكم الجهاز الأمني الذي يمارس الإرهاب المجتمعي على مؤسسات الحكومة والتشريع والقضاء في البلاد.

تبقى أمينة وأشقائها الاثنين في السجن السري، الذي عُرف بخضوع المختطفين إلى التعذيب المهووس من قبل مجموعة من القتلة والمجرمين الفارين من دولهم إلى الإمارات.

وقبل ذلك جرى الحكم على مجموعة "شباب المنارة" بالسجن بأحكام أقل ما يقال عنها أنها "أحكام سياسية إرهابية" تخّوف المجتمع والمواطنين والمقيمين، والمدونين، فهؤلاء الـ41 ليسوا أعداء ولا إرهابيين وطالما كان لهم الصلة والقرابة من الناس في مسجدهم وهم يعلمونهم.

أصبحت "تغريدة" تُخيف ويواجه صاحبها تهمة "الإرهاب" وتعرضه للتعذيب والإخفاء وتبعد أهله وذويه عنه بحجة "الإساءة" أو "الإهانة"، فالدولة التي يهدد أمنها أو تهينها تغريدة عبر مواقع للتواصل الاجتماعي تُظهر للعام انها دولة هشة ، وجهاز أمنها هو أكبر الأخطار الذي يهددها، والإمارات أكبر من أن تُقاد إلى هذا المستنقع الموبوء بالجريمة والتفكك والانهيار.

مما تخاف السلطة القضائية التابع للحكومة، ومما يخاف جهاز أمن الدولة المتنفذ، بجعل التقاضي من درجة واحدة، لايحق لأحد الاستئناف، لماذا تجرى المحاكمات على هذا النحو، يتم اعتقال واختطاف الرجال والنساء ثم يخفون لأشهر وبعدها يتم إصدار قانون من أجل محاكمتهم بالتهم التي يرغب بها جهاز أمن الدولة، أين أساسيات التقاضي؟، وكيف يحدث ذلك في بلد تعرف ببلد "حكمة الشيخ زايد"؟!، إنها جريمة منظمة ترتكب باسم الحكمة الأمنية القمعية، لا الدستور ولا القانون فهذا القمع والتخبط لم يعرفه تاريخ الإمارات.

لم تكن الإمارات مسرحاً للإرهاب ولا موصولاً لهذا النوع من الجريمة المجنونة، والاستغلال الأعمى لكل سلطات الشعب والحكومة من أجل بقاء جهاز أمن "سيداً" وحاكماً، وقاضياً، وعضواً في المجلس الوطني.

ومن الواضح أن هذه الحملة المجنونة على النساء والرجال على حد سواء من المدونيين، على شبكات التواصل وزيادة تشديد القوانين يوضح أن هذا الجهاز لم يعد يطيق المجال الوحيد المتبقي المفتوح للإماراتيين، ليعبروا عن آرائهم ولو بالحد الأدنى . فعلاوة على قفل ومنع وحظر وسائل الإعلام المعارضة والحقوقية ومحاكمات جماعية وإغلاق الجمعيات يظهر واضحاً أن الجهاز لا يطيق المواطنة ولا أحقية المواطن باستخدام مواطنته في التعبير عن رأيه أو حتى الكتابة عن أقاربه الذين طالتهم الانتهاكات الأمنية، أو الكتابة عن أي شخص لا يروق لجهاز أمن الدولة حتى لو كان هذا الشخص ميتاً يتم الترحم عليه من قبل ابنته على صفحتها الخاصة في تويتر.

الكاتب