المونيتور: إفتتاح مكتب للتمثيل التجاري الإماراتي في صوماليلاند تصعيد للضغوط على حكومة مقديشو

المونيتور: إفتتاح مكتب للتمثيل التجاري الإماراتي في صوماليلاند تصعيد للضغوط على حكومة مقديشو

تناول تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي تطورات الدور الإماراتي في الإقليم الذاتي الحكم "أرض الصومال"، وتحدث الموقع عن الجدل الذي أثير بسبب تأدية الإماراتي عبدالله محمد النقبي اليمين الدستورية في 17 مارس/آذار لمنصب مدير مكتب التمثيل التجاري الإماراتي في صوماليلاند. 

 

حيث أثار هذا التعيين على الفور جدلاً بسبب الرسائل المتناقضة من حسابات رسمية لصوماليلاند على تويتر. إذ زعمت وزارة الخارجية في صوماليلاند أنَّ الإمارات عيَّنت سفيراً لديها، في حين صرح الرئيس موسى بيهي عبدي بأنَّ الإمارات قد عيَّنت ممثلاً لها في المنطقة الذاتية الحكم. وعلى الرغم من الإعلان الفاشل عن تعيينه، تعهد النقبي بتعزيز "العلاقات الأخوية" الإماراتية مع صوماليلاند، وأطلقت شركة موانئ دبي العالمية على الفور خططاً لتوسيع ميناء بربرة الرائد.

 

وقوبل تعيين النقبي بردود فعل شديدة الانقسام في الصومال وصوماليلاند. ففي مقديشو، اعتُبِر وصوله تكتيكاً إماراتياً لزعزعة استقرار الصومال وتقويض سيادتها. وقال محلل صومالي بارز لموقع Al-Monitor إنَّ "الإمارات تستخدم عادةً المناطق الصومالية للضغط على الحكومة المركزية". وزعم المحلل أنَّ "الإمارات اتخذت هذه الخطوة في هذه الساعة المتأخرة من ولاية (الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو محمد) لاكتساب نفوذ سياسي قبل الانتخابات الصومالية ومساعدة المعارضة الصومالية على هزيمة فارماجو".

ويتماشى هذا المنظور إلى حد كبير مع لهجة وزير الإعلام الصومالي عثمان دوب الحادة تجاه الإمارات. وفي 21 فبراير/شباط، اتهم دوب أبوظبي بنزع الشرعية عن حكومة فرماجو وحذر من أنَّ الإمارات تريد أن يكون الصومال غارقاً في "النزوح والعنف والتخلف" مثل اليمن وليبيا. 

 

وتفاقمت حساسية الحكومة الصومالية تجاه انخراط الإمارات في مناطق الحكم الذاتي في الصومال بسبب الانقسامات داخل المنطقة بشأن الانتخابات الصومالية التي لم يتحدد موعدها إلى الآن. ونشأت الانقسامات الإقليمية الحادة بسبب انتهاء ولاية فارماجو في 8 فبراير/شباط ورفض ولاية جوبالاند وإقليم بونتلاند (شمال شرق الصومال) قبول الشروط التي حددها فارماجو للانتخابات القادمة في الصومال. ونظراً لأنَّ بونتلاند لديها علاقات وثيقة مع الإمارات، وحثت أبوظبي على الحفاظ على عملياتها الأمنية في الصومال في أبريل/نيسان 2018، يخشى المسؤولون الصوماليون من أنَّ الإمارات يمكن أن تستغل مقاومة بونتلاند لفرماجو لتعزيز مصالحها الخاصة.

 

وكان رد الفعل في هرغيسا -عاصمة صوماليلاند- أكثر تفاؤلاً كما هو متوقع. أشادت صحيفة The Somaliland Chronicle بوصول النقبي باعتباره "الأحدث في سلسلة من النجاحات الدبلوماسية للرئيس بيهي". وقال يوسف غابوبي، المحلل السياسي في صوماليلاند، لموقع Al-Monitor إنَّ "تعيين الإمارات لدبلوماسي محترف في صوماليلاند سيزيد من احتمالية انضمام دول أخرى إلى الإمارات"، حسب تعبيره. 

 

إلى جانب المشاريع المتقدمة مثل ميناء بربرة وممر بربرة والمرافق الصحية، جادل غابوبي بأنَّ تعيين النقبي يمكنه المساعدة في توسيع التعاون بين الإمارات وصوماليلاند بشأن تأمين الطرق البحرية للبحر الأحمر وخليج عدن من الإرهاب والقرصنة.

 

وعلى المدى القصير، من غير المرجح أن يكون للتوسع المرتقب للبصمة التجارية لدولة الإمارات في أرض الصومال تأثير تحولي على الصراع الجيوسياسي المستعر في القرن الإفريقي. وقال محلل سياسي صومالي لموقع Al-Monitor إنَّ قطر ستكون سعيدة إذا "وبخت الحكومة الفيدرالية الإمارات" وذكر أنَّ "تركيا لن تؤرق نفسها كثيراً بالخطوة الإماراتية، إذ تتمتع أنقرة بدعم واسع في الصومال". وأشار المحلل أيضاً إلى أنَّ تركيا تعود إلى "دورها السابق المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية". ويعني هذا الموقف المعتدل أنه حتى لو استخدمت الإمارات وجودها الموسع في صوماليلاند كنقطة انطلاق لعلاقات أعمق مع المعارضة الصومالية، فإنَّ تركيا ستكون قادرة على الحفاظ على علاقات إيجابية مع أية سلطة تتولى مقاليد الحكم في مقديشو.

ا

 

ويقول الموقع الأمريكي، إن التأثير الجيوسياسي طويل المدى لتعيين النقبي قد يكون أكثر أهمية؛ إذ يمكن أن يعكس تغييراً جذرياً في تكتيكات إظهار القوة الإماراتية على البحر الأحمر والقرن الإفريقي. وظاهرياً، يبدو أنَّ الإمارات تخفض مستوى وجودها في المنطقة. في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ، سحبت الإمارات رسمياً وجودها العسكري من عدن، وفي 18 فبراير/شباط، فكَّكت الإمارات قاعدتها في مدينة عصب بإريتريا؛ التي ساعدتها في تدخلها العسكري في جنوب اليمن.

لكن بالفحص الدقيق يتبيَّن أنَّ الإمارات العربية المتحدة تعيد توجيه إستراتيجيتها في البحر الأحمر بعيداً عن التدخل العسكري المباشر ونحو توليفة من الاستثمار الاقتصادي واستعراض النفوذ عن بُعد. ويشكل انتقال الإمارات من إستراتيجية قائمة على الأمن إلى إستراتيجية تركز على الاقتصاد في صوماليلاند، الذي تجلى في تحويل أبوظبي في سبتمبر/أيلول 2019 لقاعدتها العسكرية المقترحة في بربرة إلى مطار مدني، بُعداً حاسماً في إعادة توجيهها الاستراتيجي. إنَّ البصمة الاقتصادية المتوسعة لدولة الإمارات في صوماليلاند، التي ستنجم عن تعيين النقبي، ستكتمل بالبناء المرتقب لخط أنابيب نفط بين إثيوبيا وإريتريا ومخصصات تزيد عن 200 مليون دولار لقطاع الزراعة السوداني.

 

إضافة إلى ذلك، تعمل الإمارات بهدوء على تعزيز دائرة نفوذها حول مضيق باب المندب. وقال أحمد عاطف، وهو دبلوماسي يمني سابق، لموقع Al-Monitor، إنَّ خروج الإمارات من إريتريا كان بدافع عدم الاستقرار الناتج عن صراع تيغراي والرغبة في إعادة نشر القوات على جزيرة ميون "الأهدأ والأهم إستراتيجياً" في جنوب اليمن. 

 

وجادل عاطف أيضاً بأنَّ الإمارات كانت تؤسس "مثلث نفوذ في عدن وجزيرة ميون وسقطرى" لتأمين مضيق باب المندب. وإذا امتد التعاون الاقتصادي الوثيق بين دولة الإمارات وصوماليلاند ليشمل المجال الأمني -كما يفترض المحلل السياسي يوسف غابوبي- فستكون أبوظبي قادرة على توسيع دورها الأمني ​​البحري في هذه المنطقة، على الرغم من أنها ليست جزءاً من تحالف البحر الأحمر الرسمي الذي تأسس في يناير/كانون الأول 2020.

 

وعلى الرغم من أنَّ العلاقة بين الإمارات وصوماليلاند قد تعززت كثيراً منذ عام 2018، لكن تعيين النقبي سيعزز الأبعاد الاقتصادية والأمنية لهذه الشراكة. ومن شأن النفوذ الإماراتي الموسع في صوماليلاند المساهمة في زيادة حدة تنافسها مع تركيا وقطر في القرن الإفريقي واستكمال شبكتها المتبقية من الميليشيات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي في جنوب اليمن

الكاتب