تقرير: كيف دعمت أموال الإمارات حروبًا بالوكالة ضد الإسلاميين؟
"أين الرقابة الشعبية في الإمارات على سياستها الخارجية وإنفاق أموالها بالخارج؟".. سؤال طرحه بقوة استمرار دولة الإمارات في سياسة الإنفاق السخي على تدخلاتها الإقليمية، والتي أصبحت تثقل كاهل الدولة والمواطن، الذي يعاني من تراجع في مؤشر الرخاء، فهل أصبحت العوائد النفطية لتنمية الاقتصاد الداخلي أم لخوض حروب بالوكالة ضد الإسلاميين، والإخوان المسلمين، ولدعم الثورات المضادة والمشروع الغربي في المنطقة، في ظل أزمة اقتصادية متصاعدة مع تراجع أسعار النفط؟
الدعم الخارجي السخي لمصلحة من؟
كانت قد حافظت دولة الإمارات للعام الثالث على التوالي، على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية، قياسًا لدخلها القومي، لتصبح في مقدمة أكثر عشر دول عطاء في العالم للعام 2015، جاء ذلك حسبما أعلنته لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي أظهرت وفق البيانات الأولية الخاصة بالدول التي قدمت مساعدات إنمائية رسمية لعام 2015، أن دولة الإمارات العربية المتحدة جاءت ضمن أكثر عشر دول مانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية ،"ODA" قياسًا بدخلها القومي الإجمالي ."GNI"
وبلغ حجم المساعدات الإنمائية الرسمية الإماراتية في عام 2015 نحو 16.12 مليار درهم، بنسبة 1.09 % من الدخل القومي الإجمالي، وأكثر من 52 % من تلك المساعدات تم في شكل منح.
واستحوذت القارة الإفريقية على ما يقرب من 65 في المائة من المساعدات الإماراتية، بقيمة 10.4 مليار درهم. ومن المرجح أن تكون هذه المساعدات قد ذهبت لنظام السيسي.
وارتفعت قيمة المساعدات الإنسانية لليمن بنسبة 62 في المائة لتصل قيمتها 3.45 مليار درهم، مقارنة بعام 2014.
تراجع في مؤشر الرخاء
جاء هذا الدعم الخارجي السخي الذي تقدمه الدولة، في الوقت الذي تسحب من المواطن أساسيات العيش الكريم، وحياة الرخاء والرفاهية التي تدعيها، علمًا بأن ترتيب الدولة تراجع نحو 7 درجات على مؤشر الرخاء لعام 2015 عن عام 2014، فقبل أيام ألغت الدولة برنامج المنافع الإضافية لتأمين "ثقة" للمواطنين بالجهات الحكومية والشركات المملوكة للحكومة، وطرح وثائق المنافع الإضافية على الأفراد فقط، على أن تغطي تكلفتها من قبل المستفيد.
كذلك أصدر المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي نهاية الشهر الماضي، قرارًا خاطب به هيئة الموارد البشرية لإمارة أبوظبي، يطلب منها إجراء دراسة حول مقترح "تعديل أو إلغاء" بدل التعليم للموظفين المواطنين والمقيمين، في الجهات والشركات البترولية الحكومية.
ولذلك يتخوف المواطن الإماراتي الذي لاحظ تقليص الامتيازات الداخلية التي تمتع بها خلال السنوات الخمس الأخيرة، ويتساءل عن جدوى دعم الخارج على حسابه، خصوصًا في حالات دعم الانقلاب في مصر، أو التدخل العسكري غير المحسوب في ليبيا، فهل الأولى السعي لترفيه حياة المواطن، أم دعم الجنرالات الانقلابية في مصر وليبيا، مع تسريبات تشير إلى تخطيط انقلاب ضد تركيا أيضًا؟
مغامرات النظام بالخارج
دعم الانقلابات العسكرية والثورات المضادة صار أحد أركان السياسة الخارجية الإماراتية، في ظل تراجع رقابة شعبية حقيقية، مع تصاعد وتشديد القبضة الأمنية، لدرجة مطالبة نشطاء بتأسيس "وزارة لدعم الانقلابات".
تعد الإمارات أهم الداعمين للانقلاب العسكري في مصر، حيث واصلت تقديم المساعدة المالية والسياسية والعسكرية للجنرال عبد الفتاح السيسي، حتى أصبحت مصر أكبر متلقٍ للأموال من الإمارات، ودعمت الانقلاب عسكرياً، حيث توسطت لإتمام صفقة شراء مصر لـ24 طائرة رافال فرنسية، وتقدر قيمة الصفقة بـ5.2 مليار يورو. وتعهدت بدفع جزء كبير من قيمتها، ويرى مراقبون الهدف منها أن يستخدمها السيسي فيما بعد في عمل عسكري موسع ضد ليبيا.
كان ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، زار روسيا 3 مرات العام الماضي، منها مرتان قبيل العدوان الروسي على سوريا. وجاءت هذه الزيارة لتكتمل مع زيارة لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لروسيا أيضًا، وعقد عدة صفقات من السلاح مولت أبوظبي بعضها لصالح الجيش المصري، إضافة إلى تأييد العدوان الروسي، كونه يحقق مصلحة سياسية واستراتيجية لأبوظبي في القضاء على ثورة الشعب السوري، بذريعة وجود منظمات إرهابية، وإعادة تأهيل نظام الأسد.
دعم انقلاب خليفة حفتر لإجهاض الثورة الليبية كان أيضًا على حساب أموال الإماراتيين، بهدف إقصاء الإسلاميين الذين صعد دورهم بعد الإطاحة بالقذافي، وقاد حفتر محاولة انقلاب فاشلة ضد حكومة طرابلس، وشنت الإمارات في أغسطس 2014 ضربات جوية سرية على الفصائل الإسلامية في ليبيا بدعم مصري، وفي مارس 2015 أكد تقرير للأمم المتحدة، أن الإمارات ومصر تخرقان حظر تصدير السلاح إلى ليبيا المفروض منذ الإطاحة بالقذافي قبل ثلاث سنوات، عبر تهريب سلاح إلى حكومة طبرق. كما زار حفتر أبو ظبي في إبريل 2015، لزيادة الدعم المالي والعسكري الإماراتي.
تنفق الإمارات أموالًا باهظة للهيمنة على صناع القرار الدولي، أشهرهم "برنارد ليون"، فقد اتهمت صحيفة "الغارديان" البريطانية الإمارات باستخدام ليبيا ساحة حرب بالوكالة ضد الإسلاميين، حيث عرضت على المبعوث الأممي برنارد ليون، راتبًا يوميًا مقداره ألف جنيه إسترليني.
خطة للانقلاب على أردوغان
في 19 يناير 2016، نشرت مجلة "الحياة الحقيقة" التركية، مخططًا للانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دبّرته كل من الإمارات، وروسيا، وإيران، بالتعاون مع القيادي في حركة فتح محمد دحلان، وبينت المجلة أن الدول الثلاثة الراعية لتنفيذ المخطط الانقلابي، قد خصصت ميزانية بقيمة 70 مليون دولار من أجل تنفيذ هذا الانقلاب.
ورصدت المجلة أن رسم المخطط الانقلابي على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدأ بعد الانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي، مبينة أن مخطط الانقلاب يبدأ بالتحريض على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وسائل الإعلام العربي، والعمل على شيطنته، ومن ثم شن حملة موازية عليه في وسائل الإعلام التركي المعادي.
توني بلير وتدمير الدول
تربطه علاقات وطيدة ومريبة بدولة الإمارات، إنه "مهندس غزو وتدمير العراق واحتلالها" السياسي البريطاني الشهير "توني بلير"، والذي لعب دورًا في دعم وتثبيت انقلاب السيسي في مصر، حيث كشفت صحيفة "ذي فاينانشيال تايمز" في 25 يونيو 2014: "أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، أصبح وسيطاً سياسياً وتجارياً، يعمل خلف الكواليس بين حكومة الامارات ودول العالم، ونسبت الصحيفة في تقريرها لصديق توني بلير القول: "إن رئيس الوزراء البريطاني من المقربين لولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد، الذي يشاطره انتقاده الصارخ للجماعات الإسلامية".
تقشف واقتراض وتراجع العوائد النفطية
ما زالت الإمارات تنفق بسخاء على مشروع محاربة الإسلاميين والإخوان المسلمين، بينما اقتصادها مهدد في ظل أزمة النفط والتشاؤم بشأن استكمال اتفاق تجميد الإنتاج في الدوحة في 17 إبريل الجاري، فيما توقع تقرير اقتصادي صدر في 10 إبريل 2016 عن مركز الكويت المالي ("المركز")، أن تقترض دول مجلس التعاوني الخليجي حتى 390 مليار دولار بحلول سنة 2020، لتمويل العجز في موازناتها، في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط، المصدر الرئيسي لإيراداتها. وجاء في التقرير أنه من المتوقع أن تسجل الدول الست لمجلس التعاون الخليجي عجزا يقدر بـ 318 مليار دولار في 2015 و2016.
فيما حذر خبراء من أن معظم دول الخليج مرشحة لإقرار مزيد من خطط التقشف، خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيخفض عجز الموازنات الحكومية لتلك الدول بنسب تدور بين 20 إلى 30 في المئة، لاسيما في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار التي تشهدها أسواق النفط العالمية.
دولة الإمارات تحديدًا بادرت بتطبيق أكبر إصلاح اقتصادي منذ سنوات، بعد قيامها بتحرير أسعار الوقود وفقاً للأسعار العالمية، في خطوة قد توفر مليارات الدولارات وتساهم في تخفيف الضغط عن الموازنة الحكومية. وفي وقت سابق، قدر صندوق النقد الدولي دعم الإمارات لوقود المركبات بنحو 7 مليارات دولار سنوياً، كجزء من حزمة لدعم الطاقة تصل إلى 29 مليار دولار، أي بما يشكل 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، والذي يتضمن أيضاً دعم الغاز والكهرباء.
(شؤون خليجية)