التعاون العسكري بين الإمارات والصين يهدد مصير صفقة الأسلحة الأمريكية

التعاون العسكري بين الإمارات والصين يهدد مصير صفقة الأسلحة الأمريكية

مع تصاعد التحذيرات الأمريكية للإمارات حول تصاعد التعاون العسكري لها مع الصين تثار التساؤلات حول أثر ذلك على مستقبل التعاون العسكري بين واشنطن وأبوظبي، وفي مقدمة ذلك صفقة الأسلحة الأمريكية والتي تقدر قيمته بأكثر من 23 مليار دولار للإمارات والتي تم توقيعها في عهد الرئيس الامريكية لاسابق دونالد ترامب وتضم طائرات إف 35 والتي كانت أحد أساب التطبيع الغماراتي مع تل  أبيب.

 

وأكد مسؤولون أمريكيون أن المخاوف بشأن التعاون العسكري بين الإمارات والصين كان على رأس جدول أعمال وفد من كبار مسؤولي البيت الأبيض والدفاع ووزارة الخارجية الذين زاروا الإمارات ودولاً أخرى بالمنطقة في وقت سابق من هذا الشهر، حيث تم ربط مصير صفقة الأسلحة برفض السماح بإقامة قاعدة للصين في الإمارات.

 

كما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية نقلا عن مسؤولين أمريكيين -أطلعوا على معلومات استخباراتية- قولهم إن وكالات الاستخبارات الأمريكية رصدت خلال الأسابيع الأخيرة طائرتين تابعتين للجيش الصيني تهبطان في مطار بالإمارات، حيث أفرغتا حمولتهما وكان عبارة عن "عتاد مجهول"

 

ووفق المصادر المذكورة فقد أثارت الخطوة السابقة، إلى جانب علامات أخري على التعاون الأمني الناشئ بين بكين والإمارات، قلق المسؤولين الأمريكيين وألقت بظلال جديدة على صفقة الأسلحة المتطورة والتي تتضمن أيضا طائرات مسيرة.

 

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، أعلنت أنها ستمضي قدما في الصفقة التي أقرتها إدارة "دونالد ترامب" في الساعات الأخيرة من ولايتها، ثم أوقفتها الإدارة الجديدة للمراجعة.

 

وتتضمن الصفقة، 50 مقاتلة من طراز "إف-35" و18 طائرة مسيرة وذخيرة متطورة بقيمة 23 مليار دولار.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن بوادر توسيع العلاقات بين بكين وأبوظبي، ألقت بظلال من الشك حول مستقبل الصفقة المذكورة، حيث تسعي الإدارة الأمريكية للحصول على ضمانات من الإمارات بشأن تلك الأسلحة، بما ذلك، ضمان عدم وصول الصينيين أو غيرهم تلك الأسلحة التي تمثل أحدث تقنيات الحرب الأمريكية.

 

ونقلت الصحيفة عن "ديفيد شينكر" الذي تعامل مع الصفقة عن كثب بصفته مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق "مايك بومبيو" قوله إن: نقل إف-35 التي تعتبر جوهرة التاج في الترسانة الأمريكية، يعني ضمنا درجة من الزواج الأحادي بين أبوظبي وواشنطن.

 

وأضاف: هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام بها قبل أن تقوم واشنطن بنقل تلك الأنظمة المتطورة لأبوظبي".

 

وفيما لن يتم تسليم إف-35 لأبوظبي قبل عام 2027، فقد استشهد الإماراتيون بتعاونهم الأمني الممتد مع واشنطن لدرء المخاوف الأمريكية الأخيرة المثارة بشأن العلاقات بين الدولة الخليجية والصين.

 

غير أن تقرير للبنتاجون صادر في عام 2020 بشأن الطموحات العسكرية الصينية، كشف أن الإمارات كانت من بين الدول التي كانت تفكر بكين بإنشاء مرافق لوجستية عسكرية خارجية على أراضيها.

 

وأفاد مسؤولين بوزارة الدفاع الأمريكية أن الصين تأمل أيضا في بناء قاعدة بحرية لها في الإمارات، كما تشير تقارير المخابرات الأمريكية إلى أن بكين ناقشت إرسال المئات من العسكريين إلى الإمارات.

 

وبحسب الصحيفة فقد أثارت أيضا الأنشطة العسكرية والأمنية للصين في الخليج، قلق المسؤولين الأمريكيين، إذ غادرت سفينة إعادة تموين صينية في سبتمبر 2020 متجهة إلى خليج عدن.

 

وعلى الرغم من قرار الإدارة الأمريكية الحالية المضي قدما في إتمام صفقة الأسلحة المليارية إلى الإمارات، فإن مسؤولون بإدارة بايدن لا يزالون يسعون للتفاوض بشأن شروط الصفقة مع الحكومة الإماراتي.

 

وذكرت الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين وجدوا أن الاتفاق الذي أبرمته إدارة دونالد ترامب يفتقر إلى وجود شروط جيدة على الإمارات.

وأوضح مسؤول أمريكي يتابع القضية عن كثب، أن وجهة نظر الإماراتيين، هي أنهم إذا اشتروا معدات عسكرية من حكومة أخرى، فالأمر متروك لهم لتقرير كيف ومتي يتم استخدامها.

 

وأضاف المسؤول أنه في محادثاتها مع أبوظبي، قدمت واشنطن طلبات ثلاث الأول الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، وعدم وصول دول ثالثة وخاصة الصين للتكنولوجيا الطائرات المسيرة وإف-35، وعدم استخدام تلك الأسلحة في اليمن أو ليبيا.

 

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أخر، الولايات المتحدة أوضحت للإمارات أن السماح للصين بإنشاء قاعدة عسكرية في الإمارات، سوف يقتل صفقة بيع الأسلحة.

 

وأعرب مسؤولون أمريكيون أخرون عن قلقهم بشأن الأنشطة العسكرية والأمنية للصين في الخليج، كما أن بكين تتعاون مع السعودية في الأعمال النووية المدنية ، ما يشير إلى وجود طموحات طويلة الاجل لدي الصين بالتواجد في تلك المنطقة.

 

وأصبحت الإمارات بوابة الصادرات الصينية إلى الشرق الأوسط،  مع  وجود نحو 4200 شركة صينية مسجلة في الإمارات؛ بما يجعل الدولة الخليجية منفذا لنحو 60% من صادرات الصين إلى منطقة الشرق الأوسط.

 

وبعد فترة وجيزة من افتتاح أكبر مختبر لتشخيص "كوفيد-19" في العالم خارج الصين، عرضت الإمارات على سفارة الولايات المتحدة لديها منحها المئات من أجهزة الفحص لاستخدامها على موظفيها. لكن مبادرة الإمارات، واحدة من أقرب حلفاء واشنطن في المنطقة، قوبلت بازدراء نادر الحدوث.

 

ومن جانبه، قال مسؤول أمريكي: "رفضنا العرض بلباقة". وأضاف المسؤول إنَّ السبب هو دور الشركات والتكنولوجيا الصينية؛ مما رفع "راية الخطر" وأثار شكوكاً حول خصوصية المرضى، ونزع الرفض الغطاء عن التوترات المستترة بين أبوظبي وواشنطن حول تعميق العلاقات بين الإمارات والصين، في الوقت الذي تنهال فيه إدارة ترامب على بكين بهجمات شفهية بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد.

 

ونظراً لأنَّ الأزمة أوجدت خطوط قتال جديدة بين واشنطن وبكين، اضطرت دول الخليج إلى إيجاد التوازن بين الحاجة الفورية للتعامل مع العلاقات الوثيقة مع الصين، واحدة من أكبر مستوردي النفط الخام من الخليج، ووجوب إرضاء حليفتها التاريخية الولايات المتحدة.

 

وقال مسؤول غربي: "أصبحت الإمارات جبهة توسع النفوذ الصيني. وكانت الولايات المتحدة قد أبعدت الإمارات عن هذه المنافسة سابقاً، لكنها أصبحت الآن تهاجم الإماراتيين بسبب هذه العلاقة، هناك شعور بأنك إما معنا أو علينا في هذه الحرب الباردة؛ مما أبرز التوترات التي تتراكم منذ بعض الوقت".

الكاتب