باحث في معهد بروكينغز: الإمارات تعزز سيطرتها على الجزر اليمنية الإستراتيجية

باحث في معهد بروكينغز: الإمارات تعزز سيطرتها على الجزر اليمنية الإستراتيجية

قال بروس ريدل من معهد بروكينغز، والمحلل السابق في المخابرات الأمريكية “سي آي إيه” إن كلاً من السعودية والإمارات عزّزتا موقعهما في شرق وجزر اليمن الإستراتيجية ولن تتخليا عن مكاسبهما في هذه المناطق بدون ضغط دولي.

 

وأوضح أنه في وسط حالة الجمود للتسوية السلمية بين الحكومة المعترف بها دوليا وحركة الحوثيين، فإن الرياض وأبو ظبي ركّزتا جهودهما على تحصين وجودهما في المواقع الإستراتيجية من اليمن.

 

السعوديون ركّزوا جهودهم على محافظة المهرة في شرق البلاد، وهي ثاني أكبر محافظة يمنية محاذية للحدود مع عُمان. وهي بعيدة عن المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في شمال البلاد، ومعظم سكانها من السنة ويتحدثون اللغة المهرية التي تميزهم عن بقية السكان في اليمن ممن يتحدثون بالعربية.

 

ويعيش فيها حوالي 300 ألف نسمة مع أن الإحصائيات في اليمن تظل محلا للتكهن. وهناك روابط بين محافظة المهرة ومحافظة ظفار العمانية التي تعيش فيها نسبة صغيرة من المتحدثين باللغة المهرية.

 

ومنذ عام 2017 سيطرت السعودية وبشكل تدريجي على المهرة، حيث احتلت العاصمة والميناء وسيطرت على نقاط الحدود مع عمان. وقالت منظمات حقوق إنسان إن السعودية وحلفاءها من القبائل المحلية اعتمدت على الاعتقال والتعذيب لمنع أي معارضة للوجود السعودي. وأقام السعوديون في المحافظة 20 قاعدة وموقعا عسكريا.

 

وتمنح المحافظة السعودية منفذا مباشرا على المحيط الهندي، وتخطط لإنشاء خط أنابيب نفط من المنطقة الشرقية السعودية إلى المحيط الهندي عبر المهرة، وذلك حسب بعض التقارير، مما سيخفف اعتماد السعودية على مضيق هرمز في تصدير النفط وتخفيض التأثير الإيراني على الرياض.

 

وتراقب عُمان الدور السعودي في المهرة التي كانت في الماضي قاعدة لجنوب اليمن الشيوعي لدعم ثوار ظفار في السبعينات من القرن الماضي، والذين هُزموا بعد إرسال شاه إيران قواته لمساعدة الجيش العماني.

 

وكانت عمان الدولة الوحيدة التي لم تشارك في التحالف الذي قادته السعودية ضد الحوثيين، ورفض السلطان قابوس دعم التحالف وحافظ على الحياد في الحرب، حيث رعى محادثات بين المتمردين الحوثيين والسعوديين وحلفائهم في اليمن. وعبّر خليفة السلطان قابوس عن قلقه على مستقبل محافظات اليمن الجنوبية- الشرقية مثل المهرة وحضرموت.

 

في المقابل، ركّزت أبو ظبي جهودها على الجزر اليمنية الإستراتيجية، وخفّضت الإمارات من دورها في الحرب العام الماضي. واختارت الخروج بهدوء من مستنقع اليمن وقللت من وجودها في عدن. ولدى الإمارات مجموعات صغيرة من الجنود في المُخا وشبوة وعدد آخر من المناطق، لكنهم ينشطون في عدد من الجزر.

 

وأظهرت الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية أن الإمارات تقوم ببناء قاعدة عسكرية كبيرة في جزيرة ميون في باب المندب الذي يربط ما بين البحر الأحمر وخليج عدن. وتعتبر الجزيرة التي لا تزيد مساحتها عن خمسة أميال مربعة مفتاحا للتحكم بباب المندب.

 

وظلت ميون المعروفة أيضا بجزيرة بيريم هدفا للإمبراطوريات القديمة، وتصارع عليها العثمانيون والبرتغاليون في القرن السابع عشر. وسيطر عليها البريطانيون من العثمانيين عام 1857 في وقت بناء قناة السويس. وسيطر النظام الشيوعي في اليمن عليها عام 1968 وقام بالتعاون مع مصر بإغلاق المضيق أثناء حرب 1973. وسيطر عليها الحوثيون في 2015 ثم أخذها منهم الإماراتيون عام 2016.

 

وتسيطر الإمارات على جزيرة سقطرى وهي أكبر من ميون، وتعتبر بسكانها البالغ عددهم 60 ألف نسمة الأكبر في أرخبيل سقطرى. وظلت تاريخيا تابعا لسلطنة المهرة قبل سيطرة الجمهورية الشعبية الديمقراطية اليمنية عليها. وفيها قاعدة عسكرية إماراتية تستخدمها لجمع المعلومات الأمنية عن حركة الملاحة في خليج عدن وباب المندب.

 

وذكرت تقارير إعلامية في الفترة الماضية عن زيارة سياح إسرائيليين للجزيرة كجزء من اتفاقيات إبراهيم. وزار آلاف السياح الإسرائيليين أبو ظبي ودبي واستفاد بعضهم من الرحلات الأسبوعية إلى الجزيرة.

 

واحتجت حكومة عبد ربه منصور هادي على السياحة، ودعت الإمارات لإعادة الجزيرة للسيادة اليمنية، لكن أبو ظبي ترى في هادي شخصا غير فاعل ورفضت الاستجابة لمطالبه.

 

ويرى الكاتب أن السعودية والإمارات تتطلعان للحصول على منافع من المستنقع الذي قفزتا فيه عام 2015. مضيفا أن المكاسب المناطقية الإستراتيجية ربما كانت المنفعة الوحيدة من المكلفة. فوهم وحدة التراب اليمني قد تكذبه الوقائع على الأرض، ويجب ألا تكون الولايات المتحدة جزءا من تمزيق اليمن، ولم يفت الوقت كي يتم وضع علامة تقضي بخروج السعوديين من المهرة والإماراتيين من ميون وسقطرى في حال تحقيق تسوية سياسية وإعادتها للسيادة اليمنية.

الكاتب