فورين بوليسي: خطة إسرائيلية جديدة للضغط على حماس بالمساعدات عبر مصر والإمارات
سلطت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الضوء على حدوث تغيير كبير في استراتيجية إسرائيل المعتمدة على استغلال أموال المساعدات للضغط على حركة "حماس" في قطاع غزة بعد أن فوجئت دولة الاحتلال خلال الحرب الأخيرة، بقدرة حركة المقاومة الفلسطينية على ضرب عمق المدن الإسرائيلية، ليس فقط تل أبيب ولكن القدس.
وذكرت المجلة في تحليل مطول، أن مسؤولي المخابرات الإسرائيلية كانوا يعرفون أن "حماس" تستفيد من أموال المساعدات ولاسيما القطرية، لكنهم كانوا يعتقدون أن الأموال القطرية ستبقي "حماس" هادئة، وأنها ستشتريها بشكل أساسي وتمنعها عن إطلاق الصواريخ على مدن جنوب إسرائيل.
غير أن هذه السياسية وفقا لمسؤولين إسرائيليين جاءت بنتائج عكسية على دولة الكيان الصهيوني، ونقلت المجلة عن العقيد "عيران ليرمان"، النائب السابق لمستشار الأمن القومي للبلاد قوله: هل كانت الموافقة على دخول المساعدات القطرية مفيدا لنا؟ لا نعتقد ذلك.
وأشارت "فورين بوليسي"، أن المبعوث القطري كان يحضر منذ 2018 بالمال إلى غزة عبر مطار "بن جوريون"، حيث يصل القطاع بحراسة من الأمن الإسرائيلي، ويتم استخدام تلك الأموال لشراء الوقود لمحطة الطاقة الوحيدة في القطاع المحاصر، وتمويل مشاريع البنية التحتية وتوفير راتب شهري قدره 100 دولار لآلاف العائلات الفلسطينية الفقيرة.
وأوضحت المجلة أن ملامح تغيير السياسات الإسرائيلية يمكن رؤيته، عندما رفضت تل أبيب الأسبوع الماضي السماح بدفع 30 مليون دولار من قطر للمساعدة الشهرية مباشرة إلى غزة.
وردت "حماس" بسرعة بتهديدها بإعادة النظر في وقف إطلاق النار، لكن الإسرائيليين مصممون الآن على إعادة صياغة استراتيجيتهم.
وبدلا من المال مقابل الهدوء، فإنها تخطط الآن لاستخدام أموال إعادة الإعمار كرافعة ضد إعادة تسليح "حماس".
ولفتت "فورين بوليسي" أن هناك دعما لمثل هذه الأفكار بين صناع القرار الأمريكي، في ظل قلق المجتمع الدولي من الاستثمار في إعادة بناء البنية التحتية لغزة إذا كان سيتم تدميرها في غارات جوية بعد سنوات قليلة.
ونقلت الصحيفة عن "دينيس روس"، الدبلوماسي الأمريكي الذي عمل على تشكيل السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط تحت قيادة 4 رؤساء أمريكيين، قوله: "يجب إنشاء معادلة تقول بشكل أساسي: إعادة الإعمار مقابل عدم إعادة التسلح (حماس)".
وتعهد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بالمساعدة في إعادة بناء غزة من خلال السلطة الفلسطينية وفي إطار آلية تابعة للأمم المتحدة لمنع وصول أموال المساعدات إلى "حماس"، غير أنه لم يتضح بعد نوع آلية المراقبة التي تفكر فيها أمريكا.
وفي هذا الصدد، قال "مخيمر أبوسعدة"، الأستاذ المشارك ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، إنه من المستحيل منع وصول جميع مواد إعادة الإعمار إلى أيدي "حماس".
وأضاف "مخيمر" أن السياسات الإسرائيلية ساعدت على صعود "حماس" بدلا من عرقلة مشروعها في غزة، مشيرا إلى أن الاتفاق الإسرائيلي مع قطر كان يهدف إلى إبقاء "حماس" في اللعبة وذات صلة بغزة بهدف نهائي هو ضمان انقسام الفلسطينيين لمنع إجراء حوار سياسي إلى أجل غير مسمى.
ورغم أن قطر أن أكدت أن مساعداتها لقطاع غزة، قدمت بالاتفاق مع إسرائيل وأن الإسرائيليين على دراية جيدة بكيفية استخدام الأموال، إلا أن إسرائيل ترغب الآن في استبدال قطر فيما يتعلق بتقديم المساعدات بكتلة عربية أخرى لا سيما فيما يتعلق بعملية إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة.
وذكرت المجلة أن إسرائيل ترغب في استبدال قطر الداعمة لحركة "حماس" وجماعة "الإخوان"، بمصر والإمارات لكي تتولى القاهرة وأبوظبي زمام المبادرة في إعادة إعمار قطاع غزة في المستقبل.
ونقلت "فورين بوليسي" عن البروفيسور "كول ليرمان" قوله: إن "مصر أعلنت عن نصف مليار دولار، ويتساءل المرء من أين أتت (القاهرة) بهذه الأموال لأنهم فقراء".
وعقب: "لكنني لن أتفاجأ إذا كانت الأموال إماراتية هي للتفوق على قطر. نريد أن تكون مصر في مقعد القيادة".
ويعتقد الخبراء من مختلف الطيف السياسي في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة أنه من المستحيل نزع سلاح "حماس" بالكامل ومن السذاجة الاعتقاد بأن الجماعة لن تحتفظ بجزء من مواد إعادة الإعمار والمساعدات المرسلة إلى غزة.
لكن التحول في السياسة الإسرائيلية، من إبقاء الفلسطينيين منقسمين وإبقاء "حماس" حكومة فاعلة (وفقا لسياسة نتنياهو الذي غادر منصبه مؤخرا)، إلى نزع الشرعية عن الجماعة داخل غزة والانخراط في حل سياسي ذي مغزى مع السلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية، يظل السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم.
وكان كشف مصدر دبلوماسي غربي تفاصيل تقديم الإمارات لنصف مليار دولار لقطاع غزة عبر مصر، وذلك بأوامر من الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس "جو بايدن".
وقال المصدر الدبلوماسي، إن الإمارات قدمت نصف مليار دولار لغزة، وذلك بعد أن تلقى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ "عبدالله بن زايد" طلبا بذلك من نظيره الأمريكي "أنتوني بلينكن"
.
وأوضح المصدر، أن ذلك جاء خلال اتصال هاتفي بين الجانبين، إبان الحرب على قطاع غزة وذلك من أجل تسريع قبول التهدئة، مشيرا إلى أن الإمارات مررت المبلغ باسم مصر.
يأتي ذلك، تأكيدا لما كشفه الكاتب الفلسطيني "نظام المهداوي"، بشأن الدعم الذي أعلن الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" تقديمه لغزة من أجل إعادة الإعمار عقب العدوان الإسرائيلي الذي استمر 11 يوما على القطاع.
وقال "المهداوي": "حسب المعلومات المتوفرة لدي فإن الـ500 مليون دولار التي قدمها السيسي إلى غزة هي أموال محولة من الإمارات".
وأضاف: "ليس الهدف منها إعادة اعمار غزة، بل دعم التيار الذي يمثله محمد دحلان لتقويض حماس في غزة بعد انقضاء الحرب".