العفو الدولية تطالب أبوظبي بسرعة الإفراج عن جميع معتقلي"الإمارات 94" في الذكرى الثامنة لمحاكمتهم
قالت منظمة العفو الدولية إن على الإمارات إنهاء احتجازها التعسفي لـ60 شخصًا معتقلاً من المعارضين الإماراتيين الذين عرفت قضيتهم بـ”الإمارات 94″.
جاء ذلك في بيان للمنظمة بمناسبة الذكرى الثامنة لأكبر محاكمة سياسية في الإمارات، والتي توافق 2 يوليو، والتي شملت نشطاء ومحامين وطلاب ومعليون أدينوا بتهم ملفقة عقب محاكمة جماعية غير عادلة تعرف باسم قضية "الإمارات 94".
و ستة من أهالي المعتقلين للعفو الدولية كيف عانوا هم وأحباؤهم المسجونون على مدى السنوات التسع الماضية، حيث احتُجز بعضهم بمعزل عن العالم الخارجي لسنوات وتعرض أقاربهم لأعمال انتقامية.
وأشارت المنظمة إلى الناشطة الراحلة آلاء الصديق، ابنة المعتقل في القضية محمد الصديق، والتي توفيت بحادث سير بالمملكة المتحدة في 19 يونيو 2021. وقالت إن آلاء سلطت الضوء على محنة العائلات التي انفصلت ظلماً عن أحبائها لما يقرب من عقد من الزمان.
وقالت لين معلوف، نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد قبع سجناء (الإمارات -94) ظلماً خلف القضبان لأكثر من تسع سنوات حتى الآن، مع منعهم من رؤية عائلاتهم أو التحدث إليها لسنوات طويلة".
وأضافت معلوف: "أصبحت الآثار المدمرة لسياسة أبوظبي القاسية أكثر وضوحا مع وفاة آلاء الصديق، والتي توفيت دون التحدث إلى والدها خلال ثلاث سنوات بسبب السلطات".
وأكد البيان أن السجن الناتج عن المحاكمة الجماعية يعتبر تعسفياً، لأن محاكمة العديد من المتهمين في نفس الوقت تجعل من الصعب الالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وأوضحت أن التهم استندت إلى لغة قانونية فضفاضة وغامضة، ولا تعبّر عن "جريمة دولية" بالشكل الكاف، وأن الإجراءات شابتها في كل مرحلة عدم احترام المبادئ القانونية الأساسية، كتقديم أوامر القبض، وتقديم المحتجزين على وجه السرعة إلى المحكمة، والاستماع العادل لأدلة المتهمين. فقد سُجن العديد من المتهمين لمجرد التعبير السلمي عن الرأي السياسي.
ونوهت المنظمة إلى تقرير أصدرته في 2014 تطرق إلى حرمان المعتقلين من المحاكمة العادلة. ووجدت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاعتقال التعسفي –حينها– أن جميع المتهمين في القضية محتجزون بشكل تعسفي.
وأصدرت السلطات حكما ضد محمد الصديق بالسجن 10 سنوات في قضية "الإمارات -94". وأشارت العفو الدولية إلى أن السلطات قامت قبل إدانته، بتجريده من جنسيته بعد اعتقاله بسبب التوقيع على عريضة تطالب بإصلاحات ديمقراطية. وأوضحت الراحلة آلاء أن السلطات سحبت جنسياتها هي وجميع إخوتها في مارس 2016، بسبب سحب جنسية الأب.
وقبل وفاتها، أخبرت آلاء الصديق منظمة العفو الدولية أنه لم يتمكن أي شخص من عائلتها من التحدث إلى والدها مباشرة منذ عام 2018، عندما قطعت الحكومة جميع اتصالاتهم معه.
كما أُدين صهر محمد الصديق، "عمران الرضوان" في المحاكمة.
ورغم استكماله عقوبة السجن سبع سنوات في 2019، تواصل السلطات احتجازه في سجن الرزين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي يسمح للدولة احتجاز أي شخص "يتبنى الفكر المتطرف أو الإرهابي إلى أجل غير مسمى" بحسب ادعاءات أبوظبي.
وقالت عائلة السجين في القضية حسن الجابري للمنظمة إنه في ديسمبر 2019، أوقفت الإمارات جميع زيارات عائلته ومنعته من الاتصال بأسرته لأكثر من ستة أشهر. لكن سُمح له بالاتصال بأسرته عدة مرات في يوليو وأغسطس 2020، لكنه احتُجز منذ ذلك الحين بمعزل عن العالم الخارجي. وحُكم عليه وشقيقه حسين، وكلاهما موظفان حكوميان سابقان، بالسجن 10 سنوات في قضية "الإمارات -94" وجردتهما الحكومة من جنسيتهما في ديسمبر 2011.
وأشارت العفو الدولية إلى أن الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية قامت في يناير 2017، بالاتصال بأسرة السجين في قضية الإمارات 94 "عبد السلام المرزوقي"، الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات، وأبلغتهم أنها أسقطت جنسية جميع أبنائه، مما يحرمهم من جميع حقوقهم.
قضى الستون رجلاً الذين ما زالوا محتجزين في قضية "الإمارات -94" ما يقرب من عقد من الزمان في سجن مطول وغير عادل.
وقالت لين معلوف: "بدلاً من الاستمرار في معاقبتهم وعائلاتهم، يتعين على الإمارات إلغاء الإدانات والإفراج عن ضحايا هذه المحاكمة الجماعية الجائرة، وإعادة الجنسيات التي تم سحبتها تعسفاً من السجناء وعائلاتهم".
اعتقدت السلطات الأمنية أن تلك المحاكمة نهاية "مطالب الإصلاح"، وحتى لا يتكرر ذلك فرضت قوانين سيئة السمعة استخدمت لاعتقال وسجن أي انتقاد مهما كان بسيطاً، وجرفت تلك الأجهزة الأمنية الإمارات نحو اعتبار النظام السياسي الحاكم نظاماً "تسلطياً" يدير سلطة تسلطية متحكمة بالسلطات الثلاث. وكل ذلك لأنها تخشى انكشاف الفساد والإفساد المتعمد للإمارات وسياستها في ظل استئثار فئة قليلة من الأشخاص تدير الدولة من الخلف.
لكن أثبتت السنوات اللاحقة أن كل قوانين وإجراءات المنع والرقابة والقمع "معركة فاشلة"، وسبب ذلك عدم قدرة السلطات على تلبية مطالب المجتمع التي تزايدت، واصطدامها بالمتغيرات السياسية والاقتصادية اللاحقة التي دفعت السلطات على كسر "العقد الاجتماعي" القائم على توزيع ريع النفط على المواطنين -كمنحة وليس حقاً للشعب- مقابل الهدوء السياسي، حيث فرضت رسوماً وضرائب على المواطنين تتزايد بمرور الوقت رغم تعاظم مستويات البطالة والتراجع الاقتصادي المؤثر على القدرة الشرائية للإماراتيين.