فورين بوليسي: وزير الخارجية الإسرائيلي ذهب إلى الإمارات هربا من التعامل مع الموضوع الفلسطيني
قال الزميل البارز في وقفية كارنيغي للسلام العالمي آرون ديفيد ميلر، إن اختيار وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد الإمارات كأول محطة له بعد توليه المنصب في الوزارة التي أشرف على تشكيلها، وأطاحت برئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، يعطي صورة عن حرص الحكومة الجديدة على مضاعفة جهودها مع الدول العربية بدلا من معالجة الموضوع الفلسطيني القريب منها.
وفي مقال نشره بمجلة “فورين بوليسي” قال فيه: “لو جاءت إدارة بايدن إلى المدينة وهي تفكر أنها تستطيع غسل يديها من الموضوع الإسرائيلي- الفلسطيني، فقد اكتشفت خطأها عندما أطلقت النيران في الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس في أيار/مايو”.
وكما تبدو الأمور فإن الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية الجديدة تعتقدان أن غسل اليدين لا يزال خيارا قابلا للتطبيق.
والنصيحة لهما عدم مواصلة هذا التفكير، بل ويجب على إدارة بايدن العمل ما بوسعها للتخلص من إرث الرئيس السابق دونالد ترامب ومنع انفجار جديد. فقد كانت إدارة ترامب واضحة دائما في عدم دعمها لحل الدولتين أكثر من اهتمامها بتسهيل العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. وكانت النتائج واضحة في الأسبوع الماضي عندما زار لابيد الإمارات وافتتح السفارة الإسرائيلية في أبو ظبي وقنصلية في دبي.
وزار الإمارات، خلال الأشهر العشرة الأولى منذ توقيع “اتفاقيات إبراهيم” أكثر من 200 ألف سائح إسرائيلي، ووصلت التجارة المتبادلة إلى 354 مليون دولار، وعقود تجارية أخرى قيد الدراسة والتوقيع. وكرئيس وزراء مفترض (من خلال التداول مع نفتالي بينيت) وداعم لحل الدولتين بدون تقسيم القدس، يبدو لابيد غير مقدّر لأهمية الموضوع الفلسطيني.
ونظرا لتشكيلة الحكومة الإسرائيلية التي يملي فيها اليمين ويوافق اليسار، فإنه مجبر على عمل هذا والاستفادة من الوضع الراهن. ولو قام لابيد بأول زيارة إلى رام الله لكان قراره سيئا وسياسة مرعبة، خاصة إن لم يكن لديه ما يقوله أو يقدمه. وهو يعرف أن الاتفاقيات ليست بديلا عن الحل مع الفلسطينيين لكنه قام بكيل المديح على الجانب الوحيد من الاتفاق الذي يعمل ومنذ توليه المنصب.
وفي الحقيقة هناك تقارير تشير إلى أن لابيد يريد تعيين مبعوث خاص لإدارة الإتفاقيات. ولو التقى لابيد الرئيس محمود عباس لوجد زعيما محاصرا ومهزوما. وبعد 16 عاما من الحكم يراقب الرئيس البالغ من العمر 85 عاما ما حدث لمصداقيته. ففي الاستطلاعات الفلسطينية بشأن اللاعبين المهمين في المواجهة الإسرائيلية- الفلسطينية، حصل عباس على نسبة 8% مقارنة مع مواطني إسرائيل الفلسطينيين (86%) وحماس (75%).
وقال الكاتب إن من المفارقة الرهيبة أن الشخصية الفلسطينية المهمة الآن في الشرق الأوسط ليست محمود عباس، ولكن عباس منصور، زعيم القائمة العربية الموحدة المشارِكة في الحكومة الإسرائيلية الحالية والتي تحمل مفتاح نجاتها. وهو الفلسطيني الوحيد الذي يجب على الاستطلاعات الإسرائيلية الاهتمام به، وهو ليس مهتما بالقضية بقدر اهتمامه بالحصول على خدمات للمواطنين العرب في إسرائيل.
ويقول الكاتب إن الحكومة الإسرائيلية وبلا شك لا تريد -من أجل بقائها- اتخاذ إجراءات استفزازية مثل الضم أو توسيع الاستيطان، لأن لابيد سيمارس الفيتو، ولوجود حزبين يساريين وحزب عربي لا يمكن للائتلاف خسارته. وربما حاولت الحكومة الإسرائيلية بخطوات صغيرة مثل مساعدة اقتصاد الضفة الغربية.
ولكن عدم القيام بتصرفات مستفزة لا يعني أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة مستعدة للعمل بطريقة تنفع الفلسطينيين. فرئيس الوزراء بينيت يقف على الطرف المتطرف عندما يتعلق الأمر بالضفة الغربية. وقرار تأجيل الإجلاء الكامل من موقع استيطاني و31 مشروعا آخر، يعني أن حكومته ليست مهتمة بالمواجهة مع المستوطنين ولكن إدارة مشكلتهم. ومن المثير رؤية عندما يقوم بينيت والوزراء معه بالتحرك والتواصل مع الفلسطينيين، بالسر أولا.
وبالنسبة لإدارة بايدن فهي تواجه أولويات متنافسة، وبالتحديد تلك التي تتعلق بأجندته المحلية.
ولو نجحت الولايات المتحدة بالتوصل إلى اتفاقية مع إيران للعودة إلى اتفاقية 2015 النووية فستواجه الإدارة مشاكل محلية مع الجمهوريين وبعض الديمقراطيين. وهي ليست بحاجة إلى انفجار جديد في فلسطين لحرف نظرها أو لتجد نفسها محشورة بين الجمهوريين الذين يحاولون تصوير الحزب الديمقراطي بالمعادي لإسرائيل والتيار التقدمي في الحزب الديمقراطي الداعي للتشدد مع إسرائيل.
والمشكلة هي أن إسرائيل والفلسطينيين قريبون من بعضهم، ولو أرادت إدارة بايدن تجنب انفجار جديد، ولا يوجد ما يضمن عدم حدوثه، فعليها التظاهر بالاهتمام وعمل ما تستطيع لتخفيف الوضع في غزة وتقوية السلطة الوطنية، والعمل على الحد من تجاوزات حقوق الإنسان، وحث إسرائيل للحفاظ على الوضع الراهن في القدس، وتجنب الاستفزازات فيها، والعمل مع إسرائيل والفلسطينيين لتحسين الاقتصاد وحرية الحركة في الضفة الغربية. وهذه خطوات ليست كبيرة ولا تكفي بمعالجة الجذور الأساسية للنزاع.