كبير المفتيين يتناسى معتقلي الرأي ويكتفي بالتحذير من الإرهاب الإلكتروني

كبير المفتيين يتناسى معتقلي الرأي ويكتفي بالتحذير من الإرهاب الإلكتروني

تناسى الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، كبير مفتيين إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، الحديث عن معتقلي الرأي وما يتعرضون له في سجون الإمارات، مكتفياً بالتحذير مما أسماه خطر الإرهاب الإلكتروني.

وحذر الحداد في حوار نشره موقع الإمارات اليوم شباب الأمة من خطر الإرهاب الإلكتروني، الذي يستقطب السُّذَّج من الأمة ويُلحقهم بصفوفه، مؤكداً أهمية دور العلماء والسلطات ووسائل الاتصالات في حماية الأمة من هذا الخطر.

وأضاف أن الوطن العربي مهد اختلاف الديانات كما هو أرض النبوات، لافتاً إلى أن الأقليات تعيش في حماية الدول والمجتمع منذ أن دخلها الإسلام، ولم تتعرض للاضطهاد أو التهجير أو الإكراه على الإسلام أو غير ذلك، مؤكداً أن سجل دولة الإمارات في حقوق الأقليات نموذج يحتذى.

وواصل الحداد قوله بأن الإرهاب الإلكتروني بات يشكل تهديداً خطراً على شباب الأمة، يأخذهم على غرة من أحضان آبائهم وأمهاتهم، ومن بين زوجاتهم وأولادهم، لما يتبعه من أساليب ابتزاز خطرة، حتى يقعوا في شراك المتطرفين الذين يعيثون في الأرض فساداً»، متابعاً «ما كنت أتخيل أن لـ(داعش) المجرم أكثر من 6000 موقع إلكتروني، يستقطب السُّذَّج من الأمة حتى يلتحقوا بصفوفه، بينما لا تجد أقل القليل من المواقع التي توعي الشباب والشابات بخطورة هذه الثغرة الجهنمية التي تدخل غرف نومهم، فتبتزهم منها وأهلهم عنهم غافلون».

وقال الحداد إن «الواجب أن يقوم العلماء والسلطات ووسائل الاتصالات بواجبهم نحو حماية الأمة من هذا الخطر، أما العلماء فبفتح مواقع موازية لمحاربة هذا الفكر بالحجج النيرات والعبارات الواضحات، حتى يعي الناس خطر هذه الفئة الضالة، التي تدغدغ مشاعر البسطاء بنصوص يتوهمها الجهلاء أنها تحملهم على الاستجابة لدعواتهم، والواقع أنها مغالطات وجهالات».

وأوضح أن «نصوص الحاكمية تحمل على غير وجهها، ونصوص الجهاد توضع في غير مواضعها، وكل ذلك من تحريف الكلم عن مواضعه، والمسؤول عن بيان ذلك هم العلماء، وقد أخذ الله تعالى عليهم العهد بالبيان وعدم الكتمان، كما قال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}، لاسيما عند مقتضى الحاجة، فإنه لا يجوز السكوت عندئذ بحال، بل يجب أن تُبين للناس المعاني الحقيقية والدلالات الواقعية للنصوص».

وتابع «أما السلطات فعليها إيجاد تشريعات وافية كافية لمحاربة التطرف، وتنظيم وسائل الاتصالات بما يجعلها وسائل نافعة آمنة لا هادمة، ثم إيجاد آلية لتطبيق تلك التشريعات، حتى لا تبقى ككثير من التشريعات النافعة حبراً على ورق».

وادعى الحداد أن سجل دولة الإمارات في حقوق الأقليات نموذج يحتذى، فالناس فيها على مختلف أعراقهم وأديانهم ولغاتهم وأفكارهم يتعايشون كأنهم أبناء أمة واحدة، لأنها علمت هدي القرآن والسنة في واجب رعايتها للأقليات والأكثريات، فوضعت ذلك ميزاناً تسير به في معاملتهم.

 

وتأتي هذه التصريحات من قبل الحداد لتتماشى مع النهج القمعي الذي تتبعه الدولة ضد كل أصحاب الرأي والفكر، تحت غطاء وستار محاربة الإرهاب ومحاربة داعش، إذ أن الواقع يفرض حقيقة أن سلطات القمع الإماراتية تحارب كل من يخالف رأيها بغض النظر عن أي توجهات أو أيديولوجيات.

ومنذ بداية الربيع العربي، تحمل أبوظبي راية محاربة وسائل التواصل الاجتماعي، ولم تجد سبيلاً إلى ذلك سوى استخدام فزاعة تنظيم الدولة لتخويف الناس من هذه المواقع، فالغاية هي دفع الناس للعزوف عن استخدامها وليس محاربة التنظيم، وأصدرت قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية سيء السمعة لتمرير مخططها، حيث إن معظم ضحايا السلطات في قضايا التعبير عن الرأي هم مغردون ناشطون سلميون مدنيون لا يدعون إلى عنف وليسوا حتى متعاطفين مع تنظيمات العنف والتطرف، ما يؤكد أن الهدف ليس مكافحة "الإرهاب الإلكتروني" كما يدعي الحداد.

وتناسى الحداد في حديثه ما بات يعرف من التعذيب وسوء المعاملة والإهانات التي تقع على معتقلي الرأي في الدولة وحتى متهمين في قضايا مدنية وجنائية وفق ما تؤكد شهادات معتقلين سابقين من تعرض السجناء للضرب والبصق ومنع من تلقي العلاج، فضلاً عن التعذيب الذي يلاقيه معتقلو الرأي في سجن الرزين وغيره من سجون الإمارات.

الكاتب