تحريض أفريقيا ضد مونديال 2022.. مخططات الإمارات تهدد باضطراب القارة السمراء
في بداية العام الجاري، أعلنت السعودية عن اتفاق لإعادة العلاقات مع قطر ليطوي صفحة الحصار الذي بدأ في عام 2017.
ووقعت أيضا مصر والبحرين والإمارات على اتفاقية "التضامن والاستقرار" أو ما يسمى بـ "اتفاق العلا".
لكن الأحداث اللاحقة، إلى جانب ما كشف عنه اتحاد الصحفيين الأفارقة، تشير إلى أن أبوظبي كانت مارقة في هذا الاتفاق.
وفي أوائل يونيو/حزيران، أدان اتحاد الصحفيين الأفارقة ما وصفه بحملة منظمة من قبل الإمارات لدفع الصحفيين الأفارقة للتحدث علانية ضد قطر في الفترة التي تسبق كأس العالم لكرة القدم 2022، والتي ستستضيفها قطر في الفترة من 21 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 18 ديسمبر/كانون الأول العام المقبل.
وجاء في التقرير الصادر عن الاتحاد في 2 يونيو/حزيران: "نلاحظ مع الأسف المحاولات الأخيرة من قبل عناصر خارجية من الإمارات حاولوا عمدا التلاعب بمنظمات الصحفيين في أفريقيا للاشتراك في حملة ضد كأس العالم لكرة القدم 2022 التي ستستضيفها دولة قطر".
وأضاف: "نلاحظ بقلق بالغ الجهود المبذولة لاستخدام أفريقيا ومؤسساتها الكروية سياسيا من أجل تصفية الحسابات في النزاعات السياسية وجر الصحفيين الأفارقة إلى أنشطة تتجاوز اهتماماتهم الأساسية ونطاقهم وتفويضاتهم. ونرفض بشدة هذه المحاولات الدنيئة لاستخدام الصحفيين الأفارقة ومنظماتهم والتلاعب بهم كأدوات لتحدي تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر".
كما دعا التقرير الفيفا والاتحاد الأفريقي لكرة القدم إلى التحقيق مع المسؤولين ومعاقبتهم.
وقال رئيس اتحاد الصحفيين الأفارقة "صادق إبراهيم أحمد" إن مسؤولين إماراتيين رفيعي المستوى تواصلوا مع ما لا يقل عن 8 منافذ إخبارية أفريقية، وضغطوا عليهم لتشجيع الفرق الأفريقية على مقاطعة كأس العالم بحجة "انتهاكات حقوق العمال" في قطر.
وقال "أحمد": "لا يمكن السماح بالتلاعب بالصحفيين الأفارقة واستخدامهم لتصفية حسابات سياسية. لا تهمنا الخلافات السياسية في الخليج. مهمتنا الرئيسية هي الدفاع عن الصحفيين ومصالحهم بالإضافة إلى حرية وسائل الإعلام".
ويعتبر ذلك اعتداء مشينا على حرية الصحافة في أفريقيا التي كافح الصحفيون فيها طويلا تحت الأنظمة المستبدة المختلفة.
وبالتالي، فإن جهود الإمارات للضغط على المؤسسات الإخبارية الأفريقية للانصياع لأهداف سياستها الخارجية أمر مروع بلا شك.
إن تشجيع الدبلوماسيين الأجانب للصحفيين والمحررين المحليين على نشر مقالات تقدم صورة إيجابية عن بلدانهم الأصلية أو حكوماتهم شيء، لكن الضغط عليهم لشن هجوم دبلوماسي على دولة أخرى ذات سيادة أمر آخر، خاصة إذا كان ذلك في صورة تخريب للحدث الرياضي الأكثر شعبية في العالم.
ومع ذلك، فإن هذا الاعتداء على الصحفيين الأفارقة لا يمثل سوى قمة جبل الجليد فيما يتعلق بفهم مدى اتساع وانتشار المشروع الاستعماري الإماراتي في القارة الأفريقية خلال الأعوام الـ 5 الماضية.
ويؤثر النفوذ العميق للإمارات في أفريقيا على البلدان التي تم استدراجها إلى مدارها الجيوسياسي، بما في ذلك الصومال، حيث ترى الإمارات أن الحكومة الحالية متحالفة بشكل وثيق مع قطر.
ولمواجهة النفوذ القطري في الصومال، وتخلت الإمارات عن مقديشو لتطوير علاقات مع الحكومات المحلية والإقليمية، وهو ما يشبه صب البنزين على خطوط الصدع السياسية الموجودة مسبقا، والتي كان بعضها مسؤولا عن عقود من الحرب الأهلية.
وتلاحظ مجموعة الأزمات الدولية أن "تصدير أزمة الخليج إلى الصومال ساهم في التوترات بين مقديشو والولايات الفيدرالية مما فاقم الوضع على مدار الأشهر الأخيرة".
وفي فبراير/شباط، اتهم وزير الإعلام الصومالي، "عثمان دوب"، الإمارات بالسعي إلى زرع العنف في البلاد، قائلا: "تريد الإمارات أن يكون الصومال مثل اليمن وليبيا، وتريد أن تخلق في الصومال نزوحا وعنفا وتخلفا، وهذا شيء يتخوف منه الشعب الصومالي".
وقال "دوب": "يتعارض البيان الإماراتي (الذي تضمن استخفافا بالحكومة الصومالية باعتبارها مؤقتة) مع الدبلوماسية الدولية والعلاقات الأخوية بين البلدين والثقافة العربية المشتركة".
وفي نهاية المطاف، فإن حملة الضغط التي تشنها الإمارات ضد المؤسسات الإخبارية الأفريقية ليست فقط هجوما على الصحافة الحرة، ولكن أيضا على السيادة الأفريقية، وهو جهد قد يجلب المزيد من العنف إلى أرض عانت كثيرا من الصراعات والدماء.