تحقيق أمريكي: الإمارات خدعت "FBI" بشأن عملية إعادة الشيخة لطيفة
كشف تحقيق جديد، كيف وجد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ابنته لطيفة، التي هربت إلى المحيط الهندي على متن يخت، واستطاع إعادتها إلى دبي، بمساعدة قوات كوماندوز مدججة بالسلاح.
أثبت تحقيق أجرته USA TODAY أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "FBI"، ساعد في العثور على لطيفة، وإحباط هروبها من عائلتها، بطلب عاجل من مكتب زعيم دبي القوي.
وأشارت الصحيفة إلى أن مكتب التحقيقات حصل على بيانات موقع اليخت في عرض المحيط، وقدمها إلى حكومة دبي، بعد أن ادعى المسؤولون هناك أن الأميرة مختطفة، وتحتاج إلى مساعدة طارئة لإطلاق سراحها.
وقالت مصادر خاصة للصحيفة، إن مكتب التحقيقات الفدرالي تم تضليله بشأن ظروف الشيخة لطيفة، ما دفع بعملاء المكتب لإعطاء حكومة دبي معلومات من مزود خدمة الإنترنت "نوسترومو"، ومقره الولايات المتحدة.
ونقلت عن خبراء قانون قولهم إن المكتب انتهك القانون، بعد أن قدم البيانات دون أن يطلع مقدم الخدمة مسبقا، كما هو مطلوب منه.
وأشارت الصحيفة في تقريرها، إلى أن ارتباط مكتب التحقيقات الفيدرالي باختطاف الأميرة لطيفة يطرح أسئلةً صعبة للحكومة الأمريكية، مع الوضع في الاعتبار مستوى الغضب الذي أشعلته القضية في أوساط النشطاء الحقوقيين.
وأوضحت أن إدارة بايدن تعهَّدَت باحترام حقوق الإنسان باعتبارها حجر الزاوية لسياساتها الخارجية وتعاملاتها مع حلفائها وخصومها على السواء. وبالأخذ في الاعتبار هذا التعهُّد، فإن مشاركة مكتب التحقيقات الفيدرالي في العملية، حتى وإن كان عن غير علم، قد تفرض اختباراً على إدارة الرئيس جو بايدن في تعاملها مع قضايا مُعقَّدة في الدبلوماسية والأمن القومي وفي الوقت نفسه تدافع عن حقوق الإنسان.
كذلك يطرح ذلك أسئلةً عن الالتزام بالبروتوكولات داخل العمليات الدولية البعيدة التي يجريها المكتب، والتي حافظ وكلاؤه بموجبها لعقودٍ من الزمن على اتفاقيات المساعدة المتبادَلة مع نظرائهم في 63 هيئة حول العالم.
لكن من ناحية أخرى يبدو أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد انحرف عن مبادئه التوجيهية من أجل أطرافٍ تتمثَّل مهمتهم في تنمية العلاقات مع الدول وتعزيز التعاون العالمي في مجال إنفاذ القانون، وفق الصحيفة.
وتواصل مكتب الشيخ محمد بن راشد آل نهيان مع عميلٍ لمكتب التحقيقات الفيدرالي بالقنصلية الأمريكية في الإمارات. أُخبِرَ العميل بأن ابنة الشيخ محمد اختُطِفَت، وأن هناك طلب فدية. لكن في الحقيقة، كانت لطيفة تحاول الهرب من والدها للمرة الثانية، بحسب عدة مصادر تحدَّثَت للصحيفة الأمريكية.
إذ طلب مكتب الشيخ محمد من عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي مساعدةً طارئة، لتحديد أين ومتى استُخدِمَت حسابات البريد الإلكتروني الخاصة بالأميرة لطيفة لآخر مرة. ومثل هذه المعلومات يمكن الحصول عليها من خلال مزوِّدي خدمة الإنترنت.
وتواصَلَ العميل مع مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن، لكنه لم يحصل على إرشاداتٍ واضحة بشأن كيفية التعامل مع الأمر. ورئيس ذلك العميل، بالسفارة الأمريكية في أبوظبي، العاصمة الإماراتية، أيضاً طُلِبَ منه المشورة.
كذلك تواصَلَ عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد ذلك مباشرةً مع شركة القمر الصناعي الذي زوَّد اليخت بخدمة الإنترنت. أُخبِرَ في البداية بأن إذناً من المحكمة ضروريٌّ من أجل حصوله على البيانات، لكن الشركة وافقت على تقديم البيانات له بعدما أصرَّ على أن الموقف طارئ، حيث تظلُّ ابنة زعيمٍ في الشرق الأوسط وحليفٍ للولايات المتحدة رهينةً، وفقاً للأشخاص المُطَّلِعين على العملية.
من ناحية أخرى قال أحد هؤلاء الأشخاص للصحيفة: "الخطأ القاتل الذي ارتكبته لطيفة هو تفقُّد بريدها الإلكتروني".
وأضاف: "كان ذلك هو الحدُّ الفاصل، فقد صار الإماراتيون قادرين على معرفة أيِّ قاربٍ بالتحديد تمكث هي على متنه، وأين هذا القارب بالضبط".
من ناحية أخرى تواصَلَت الصحيفة مع عميلَي مكتب التحقيقات الفيدرالي اللذين يُزعَم تورُّطهما في هذه الواقعة، عن طريق الهاتف، وعن طريق خدمةٍ للرسائل المُشفَّرة. رفض كلاهما التعليق، وأوصيا الصحيفة الأمريكية بالتواصل مع المكتب الصحفي لمكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن، الذي رفض التعليق بدوره أيضاً.
وطلب أحد العميلين إبقاء هويته مُجهَّلة، متعلِّلاً بمخاوف أمنية. وطلب العميل الآخر، الذي تقاعَدَ الآن، الأمر نفسه؛ نظراً إلى المخاوف الأمنية أيضاً.
وكان مزوِّد الإنترنت ليخت نوسترومو في وقت المداهمة في 2018 وهو شركةٌ مقرها ولاية رود آيلاند الأمريكية تسمى KVH Industries، وفقاً لوثائق العقد ومراسلات البريد الإلكتروني التي استعرضتها الصحيفة الأمريكية.
وقد نُشِرَت صورٌ تُظهِر الأميرة علانيةً في دبي لأول مرة منذ ديسمبر 2018، على حساباتٍ بمنصة إنستغرام في مايو 2021.
وفي نهاية يونيو 2021، نشر أحد الحسابات صورةً منفصلة للأميرة لطيفة، زاعماً أنها في مطارٍ بإسبانيا، حيث قيل إنها تقضي عطلتها.
وقبل وقتٍ قصيرٍ من نشر هذه الصور، أصدرت شركة Taylor Wessing للقانون في لندن بياناً نَسَبَته إلى الأميرة، يقول إن الصور نُشِرَت من أجل إثبات أن "بإمكاني السفر حيثما أريد. آمل أن أعيش حياتي في سلام".
لكن في مقطع فيديو نشرته الصحيفة الأمريكية في فبراير 2021، قالت الأميرة لطيفة إنها تخشى على حياتها، وإنها كانت أسيرةً في فيلا بدبي.
ورفضت السلطات الإماراتية أن تستجيب للطلبات المتكرِّرة لإثبات حياة الأميرة من الأمم المتحدة، ومن غير الواضح ما إذا كانت الصور الجديدة وبيان الأميرة لطيفة قد نُشِرت بموافقتها الحرة. وتصرُّ شركة Taylor Wessing على أن الأمر جرى على هذا النحو.