منظمتان حقوقيتان تكشفان عن انتهاكات جسيمة بحق عمال أفارقة في الإمارات
كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وإمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان عن انتهاكات جسيمة، شملت السجن والتعذيب والترحيل القسري لمئات العمال المهاجرين الأفارقة في الإمارات العربية المتحدة خلال الشهرين الماضيين.
وقالت المنظمتان في تقرير لهما بعنوان "قالوا لنا إنهم يكرهون الأفارقة السود"، استند على أكثر من 100 شهادة لعمال مهاجرين من الكاميرون ونيجيريا وأوغندا، أن السلطات الإماراتية نفذت في يومي 24 و25 حزيران/ يونيو الماضي حملة اقتحامات واعتقالات واسعة ضد نحو 800 عامل أفريقي في البلاد، واحتجزتهم بشكل غير قانوني وعذبتهم، قبل ترحيلهم جماعيًا، بشكل -فيما يبدو- مبني على دوافع عنصرية.
وعبرت المنظمتان عن قلقهما البالغ من أن حملات الاعتقالات والترحيلات ما تزال مستمرة في جميع أنحاء الإمارات حتى تاريخ نشر التقرير، حيث ما تزالان تتلقيان المزيد من المعلومات والشهادات من الضحايا المفرج عنهم والمرحلين يوميًا.
وقالت المنظمتان إن قوات من فرق التدخل السريع(SWAT) والمباحث الجنائية والشرطة الإماراتية داهمت خمسة مبانٍ سكنية في أبو ظبي، معروفة بإيوائها عمال أفارقة، في وقت متأخر من يومي 24 و25 يونيو 2021.
وأفادت الشهادات بأن أفراد القوات أتلفوا كاميرات المراقبة، وأوقفوا الإنترنت اللاسلكي في المباني التي تم اقتحامها، قبل أن يستخدموا القوة المفرطة التي شملت تكسير الأبواب والممتلكات الخاصة واستخدام أسلحة الصعق الكهربائي ضد العمال الذين اعتُقلوا دون تهم واضحة.
وقال العمال إنهم اقتيدوا من شققهم بينما كان بعضهم ما يزالون بملابسهم الداخلية، فيما لم يُسمح لهم بأخذ أي ممتلكات سوى جوازات السفر التي رُحلوا بها لاحقًا.
وأكد العمال أن بعض النساء تعرضن للتحرش الجنسي خلال عملية الاقتحام، شملت لمس أجزاء خاصة من أجسادهن بينما كن شبه عاريات ومكبلات. وقال معظم العمال إن أفراد الشرطة شتموهم، ووجهوا لهم عبارات عنصرية ضد الأفارقة السود.
وأفاد العمال، الذين ينحدرون من جنسيات مختلفة في أفريقيا، بأنهم نُقلوا إلى سجن الوثبة، وهو مجمع سجون يقع على بعد 44 كيلومترًا من أبو ظبي، حيث احتُجزوا دون تهمة في زنازين تضم ما يصل إلى 60 شخصًا بها ثلاث دورات مياه فقط. وأفاد الضحايا، ومن بينهم نساء حوامل، بأنهم قُيّدوا من أيديهم وأقدامهم لمدد تصل إلى أسبوعين، ولم يزوّدوا بأدوات النظافة، وحُرموا من الرعاية الطبية.
وقال الضحايا إن السلطات استجوبتهم وضربتهم وعذبتهم جسديًا ونفسيًا خلال استجوابهم عن وضعهم القانوني ومهنتهم ورواتبهم، فيما اتهمت عددًا منهم بالدعارة.
وقال "كينيث روبانجاكين"، وهو مدرس من أوغندا أمضى 38 يومًا في سجن الوثبة: "لقد تمت ملاحقتنا بوحشية على أساس لون البشرة. قال لنا عناصر الشرطة: "لن نسمح لأي منكم بالبقاء في شوارع أبو ظبي." قالوا لنا أننا قذرون. في السجن جردونا من ملابسنا. وضحكوا علينا وصادروا مقتنياتنا".
وأضاف: "لم يخبروني عن سبب اعتقالي، وأجبرونا على التوقيع على أوراق قانونية باللغة العربية لم نفهمها. كنت مرعوبًا وغاضبًا. هددونا بالصعق بالكهرباء وأطعمونا الخبز العربي والأرز فقط. رأيت شخصًا يتعرض للضرب عندما رفض الامتثال لمطالب السلطات".
وقالت المنظمتان إنه بعد نحو 5 أسابيع من السجن، بدأت السلطات بترحيل العمال الأفارقة، بعد أن قامت بتزييف فحوصات كوفيد-19 لتسريع عملية السفر، بحسب العمال، فيما عاد معظم العمال إلى بلادهم دون أي ممتلكات سوى جوازات السفر.
وقالت "ميشيلا بولييزي"، باحثة شؤون الهجرة في المرصد الأورومتوسطي، إن دولة الإمارات انتهكت تسعة من التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المنصوص عليها في دستورها. ولكن الأهم من ذلك أن السلطات الإماراتية دمرت أيضًا حياة وسبل عيش أكثر من 800 فرد".
وأضافت "بولييزي" أنه يجب الاعتراف بالعنصرية الممنهجة في البلاد ومعالجتها، فهي التي أفسحت المجال لمثل هذه المعاملة المقيتة والصادمة للبشر.
وحدد الفريق القانوني للمنظمتين تسعة انتهاكات رئيسة ارتكبت خلال عمليات الاقتحام وحتى الترحيل:
الاستخدام المفرط للقوة، الاعتداء الجنسي، التمييز العنصري والشتائم، الاعتقالات والحبس التعسفي، عدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة والحرمان من الاتصال بالمحامين، التعذيب الجسدي والنفسي، الحرمان من الرعاية الصحية، مصادرة الممتلكات الشخصية، الترحيل القسري.
وطالبت المنظمتان بالإفراج الفوري عن أولئك الذين ما زالوا محتجزين، وإجراء تحقيق تحت إشراف المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، "غونزاليز موراليس"، لفحص سياسات الإمارات العربية المتحدة في التعامل مع العمال المقيمين داخل أراضيها، ووقف جميع الإجراءات التعسفية وغير القانونية ضدهم، واعتقال مرتكبي الانتهاكات غير المبررة.