أسباب التقارب التركي الإماراتي أبرزها ترقب سقوط حكم السيسي

أسباب التقارب التركي الإماراتي أبرزها ترقب سقوط حكم السيسي

خاص - شؤون إماراتية
غانم حميد

مفارقة لا يمكن أن تخطئها العين فيما يخص التوافق الاماراتي الاسرائيلي، هي أن أبوظبي وتل ابيب هما من يتزعمان حملة الصراخ والتحذير من توقع انهيار حكم الرئيس المصري السيسي، وضرره على مصالحهما في المنطقة.

هذه الحقيقية قد تكون مفتاح حل لغز التقارب الاخير بين الامارات وتركيا الذي بدأه مسئولون إماراتيون بزيارة تركيا، ورد الزيارة وزير خارجية تركيا.

فمن الواضح أن هناك علاقة بين تأكيد صحف تركيه أن أبوظبي سعت لاستعادة حليفها القوي (تركيا) بعد شعورها بضعف السيسي، وبين الرسالة التي حرص وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو علي تأكيدها في قلب الامارات من أن "مصر اليوم ليست قوية وغير مفيدة لأحد فهي هشة جدا ومن الممكن أن تنهار في غياب الدعم الإقليمي لها من دول أخرى"؟.

فهذا السبب – توقع انهيار حكم السيسي – إضافة لأسباب أخري تتعلق بفشل الخطط الاماراتية في التدخل بالشأن التركي للتأثير علي فوز حزب اردوغان، ورسوخ دعائم حكم الاسلاميين الاتراك بعد وصول أردوغان للرئاسة وفوز حزبه بأغلبية البرلمان الاخير، أجبر "عيال زايد" على التقارب مع "الورقة الرابحة" في المنطقة.

لهذا يبدو التقارب الاماراتي من تركيا "مقامرة"، تستهدف تحقيق مصالحها، أكثر منه "نوايا حسنة"، بعدما جربت الامارات التدخل في الشأن التركي بالمال كما فعلت في دول الربيع العربي، وفشلت، وبعدما أوشك حليفها الرئيسي في المنطقة على السقوط في مصر برغم المسكنات واخرها إعطاء السيسي 4 مليارات دولار لتأخير سقوطه.

فالمناكفات السابقة بين الطرفين لا يمكن نسيانها بسهولة، والصراخ والصدمة التي ظهرت بين الكتاب والسياسيين الاماراتيين ووسائل الاعلام التابعة أو المدعومة منهم بعد فوز اردوغان وحزبه، لحد وصف فضائية "سكاي نيوز" التابعة للأمارات ما حدث بأنه "ديمقراطية الديكتاتور"، تلخص حجم الفزع الاماراتي من تثبيت حكم اسلاميي تركيا مقابل انهيار حليفهم السيسي في مصر.

فهناك محاولات إماراتية سابقة لزعزعة الاستقرار الداخلي التركي وخصوصاً خلال أحداث "غزي بارك" في إسطنبول في مارس من العام 2013، والإعلام التركي اتهم الإمارات بدعم لوبيات ومجموعات معارضة للحكم في تركيا بالمال، ونشرت قصص عن اعتقال رجال مخابرات اماراتيين في انقره.

وما قاله جاويش أوغلو خلال زياراته الامارات كان أشبه برسالة للأمارات بأن السيسي سيسقط، وإن "تركيا ساندت الإخوان المسلمين في مصر لأنهم الطرف المنتخب ديمقراطيا في مصر"، وأنها تدعم الحكومات المنتخبة ديمقراطيا بشكل عام، كان مؤشرا واضحا على أن الطرف التركي لم يقدم أي تنازلات، وعلى العكس اثبت خطأ الموقف الاماراتي في دعم الانقلابات ضد الديمقراطية.


دعم إمارتي للمعارضة التركية

وسبق أن ترددت أنباء عن دعم إماراتي لتيارات معارضة تركيا، وألمح لهذا أكثر من تقرير صحفي، وصحفيون عرب.

أيضا ترددت معلومات عن تنسيق اماراتي مع مجموعة فتح الله جولن التركية التي يطلق عليها أردوغان اسم "الكيان الموازي" وتنسيق مالي معها

وتصف السلطات التركية جماعة "فتح الله غولن"، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1998، بـ "الكيان الموازي"، الذي تتهمه بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في سلكَي الشرطة والقضاء، وأنه أداة تحركها أمريكا وإسرائيل وإيران لإطاحة أردوغان.

ولوّح أردوغان في وقت سابق بطرد عديد السفراء الأجانب على خلفية اعتقالات شهدتها البلاد، شملت مقربين من وزراء، بتهم الفساد والرشوة، وكان من الواضح أنه يقصد سفير الامارات، بعد اتهام صحف حزبه لها بالتدخل في الشأن الاماراتي.

وفي ديسمبر الماضي 2013، ذكر موقع "الجماهير" ما قال إنه تفاصيل اجتماعات سرّية احتضنتها مدينة العقبة الأردنية حضرها ملك الأردن والأمير السعودي بندر بن سلطان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ومدير المخابرات المصرية السابق (أستاذ السيسي) محمد تهامي، كما شارك فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

ونقل الموقع عن مصادر دبلوماسية مطلّة على تفاصيل الاجتماعات إن ممثل الإمارات أكد أن "بلاده سحبت كافة استثماراتها من اسطنبول وأنقرة، والتي كانت تقدر بعشرات ملايين الدولارات، احتجاجا على رفض الحكومة التركية الاعتراف بالانقلاب العسكري في مصر".

وكشف بن زايد خلال الاجتماعات أن بلاده قدمت دعما ماليا ضخما لصالح مجموعات سياسية معارضة لأردوغان، لا سيما حزب العمال الكردستاني وأحزاب منافسة أخرى مرورا بأبناء الطائفة العلوية، الذين يقطنون عديد المدن والضواحي التركية.

وأشارت الصفقة إلى ضرورة دعم المعارضة السياسية في تركيا، وخلق مشاكل وأزمات حياتية داخل المدن والأقاليم التركية من خلال دعم حزب العمال الكردستاني والطائفة العلوية، وصولا إلى الإطاحة برئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم.

وسبق أن كشف جمال سلطان، رئيس تحرير جريدة "المصريون" إن الإمارات اخترقت الانتخابات التركية، ودعمت حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، لتحجيم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومنعه من الوصول لتطبيق النظام الرئاسي.

وأضاف "سلطان" على "تويتر": "الاختراق المحدود الذي حققته الإمارات في انتخابات تركيا، بدعمها حزب الشعوب الكردي لا يستحق هذه الاحتفالات الكبيرة للإعلام الموالي لأبو ظبي".

وفي وقت سابق، عقب فشل حزب اردوغان في يونية 2015 من حصد أغلبية لتشكيل حكومة وحده، اعتبر مستشار حاكم أبو ظبي الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية، أن تراجع أصوات العدالة والتنمية في الانتخابات التركية وهزيمة حزبه "مرغوبة من أجل علمانية تركيا"، بحسب قوله.

وذكر عبر تويتر أن "تحجيم أردوغان مطلوب وهزيمة حزبه مرغوب وتقليص سيطرتهما على المشهد السياسي التركي يصب في صالح الدولة الديمقراطية العلمانية الحديثة في تركيا"، على حد قوله.

وبذلت الامارات مع دول إقليمية وعربية جهودا مضنية لإغراق تركيا بالفوضى، عبر الإطاحة بحكومة رجب طيب أردوغان -ذات الميول الإسلامية-على غرار ما جرى في مصر، ومحاولات أخرى لإجهاض التجربة الديمقراطية في تونس، والتي لم يكتب لها النجاح حتى الآن.

الكاتب