واشنطن بوست: بايدن يضاعف أخطاء ترامب في صفقات السلاح للإمارات

واشنطن بوست: بايدن يضاعف أخطاء ترامب في صفقات السلاح للإمارات

قال أستاذ الصحافة بجامعة نيويورك، محمد بازي، إن إدارة الرئيس جو بايدن تضاعف من أخطاء دونالد ترامب في صفقات سلاح مع الإمارات. وأشار في مقاله بصحيفة “واشنطن بوست” إن الإدارة صادقت وبشكل هادئ في نيسان/ أبريل على مبيعات أسلحة بـ23 مليار دولار إلى الإمارات وتشمل مقاتلات أف-35 وطائرات بدون طيار.

 

وجاء هذا بعد الضجة التي أثارها بايدن وكبار مساعديه في الأسابيع الأولى بالبيت الأبيض، وأنهم سيقومون بمراجعة سلسلة من صفقات الأسلحة الأمريكية للسعودية والإمارات والتي تم التعجيل بها في الأيام الأخيرة من إدارة دونالد ترامب.

 

وبدد بايدن الآمال بأنه سيغير علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء المستبدين ويلتزم بوعوده وخطاباته بجعل حقوق الإنسان في مركز سياسته الخارجية. وتؤكد صفقات الأسلحة أن اتفاقيات إبراهيم، وهي سلسلة من الاتفاقيات التي وقعت في العام الماضي لتطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل، بنيت على التناقض. فقد منح ترامب معظم هذه الدول صفقات أسلحة تجعل في النهاية منطقة الشرق الأوسط أقل أمنا واستقرارا.

 

وقال بازي إن على إدارة بايدن إعادة النظر في صفقات الأسلحة، وبناء على المقترحات الجديدة التي تقوم بتطويرها، تشترط مبيعات السلاح بسجل البلد المعني في مجال حقوق الإنسان.

 

ولدى الإمارات تاريخ صارخ في دعم النزاعات بالمنطقة، خاصة في العقد الماضي. وحتى سحبها قواتها عام 2019، كانت الإمارات الشريك الرئيسي في الحرب التي قادتها السعودية في اليمن وأدت إلى مقتل 23 ألف شخص وأدت إلى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

 

وظلت الإمارات حتى بعد انسحابها من اليمن تدعم الميليشيات المحلية الفاسدة في اليمن. وشنت الإمارات غارات بالطائرات المسيرة على ليبيا، وقدمت الأسلحة للقوات التي قادها خليفة حفتر، في خرق واضح لحظر تصدير السلاح لليبيا الذي فرضته الأمم المتحدة.

 

ووجد تقرير أعده خبراء في الأمم المتحدة أن الإمارات “زودت بشكل روتيني وأحيانا صارخ الأسلحة” لحلفائها في ليبيا، بما في ذلك أنظمة دفاعية وعربات مصفحة. بالإضافة إلى هذا فالإمارات كانت في مركز فضيحتين تضران بالمصالح الأمريكية. فقد وردت أسماء بعض قادة الإمارات بمن فيهم الحاكم الفعلي، ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد في لائحة الاتهامات ضد جامع التبرعات لحملة دونالد ترامب، توماس باراك.

 

واعتُقل باراك في تموز/ يوليو بعدما فشل في تسجيل اسمه كعميل أجنبي بناء على قانون الوكلاء الأجانب، أو جماعات الضغط السياسي، وكذا إعاقة مسار العدالة بالكذب على المحققين. ووفقا للمدعين العامين، قام باراك وبناء على طلب من الإمارات بإقناع ترامب ومساعديه لإضعاف العلاقات مع حليفة الولايات المتحدة ومنافسة الإمارات، قطر، التي تستقبل أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط. ولعبت القاعدة والدور القطري في التوسط بمحادثات السلام بين الولايات المتحدة وطالبان، دورا مهما في عمليات الإجلاء من أفغانستان الشهر الماضي.

 

وتعتبر الإمارات من أكثر الدول ديكتاتورية، حيث استخدمت برنامج التجسس الخبيث “بيغاسوس” الذي طورته الشركة الإسرائيلية “إن إس أو غروب” للتجسس على المعارضين والصحافيين والمسؤولين الغربيين. واستخدم قادة الإمارات موارد النفط في بداية الألفية لتحسين صورتهم في الغرب، وفتحوا فروعا للمتاحف المعروفة مثل لوفر وغاغينهام وجامعات غربية ومولوا مهرجانات أدبية. ولكنهم أصبحوا بعد الربيع العربي أكثر قلقا على حكمهم وصاروا أكثر قمعا.

 

وبدأت الإمارات بملاحقة المعارضة الداخلية، واعتقلت العشرات من الذين انتقدوا الحكومة. وقلصت من الحريات الضئيلة المتوفرة وبدأت حملة ضد الإسلاميين في المنطقة، خاصة الإخوان المسلمين في مصر، وقامت أيضا بإنشاء نظام القرصنة أو التسلل الإلكتروني الخاص بها معتمدة على المسؤولين الأمنيين الأمريكيين السابقين. وفي 14 أيلول/سبتمبر أعلنت وزارة العدل الأمريكية عن اعتراف ثلاثة مسؤولين سابقين بجرائم قرصنة، وتزويدهم الإمارات بتكنولوجيا متقدمة، وعملوا مع شركة “دارك ماتر” المرتبطة بالحكومة الإماراتية.

 

ويقول الكاتب إن على إدارة بايدن ألا تكافئ الإمارات على جهودها في زعزعة الاستقرار وسياستها الخارجية العدوانية والقمع الداخلي وبيع لها أسلحة بما فيها عدد من طائرات أف-35 وطائرات مسيرة وصواريخ وقنابل بقيمة 10 مليارات دولار.

 

وبشكل عام، فصفقة الأسلحة ترسل الرسالة الخطأ للشرق الأوسط والعالم. وكان من المفترض أن تنهي اتفاقيات إبراهيم التي تم الترويج لها بشكل واسع الجمود في عقود من النزاع العربي- الإسرائيلي، ولكنها تحولت إلى معرض سلاح. وبعد يوم من إعلان إدارة ترامب عن التطبيع بين المغرب وإسرائيل أبلغت الكونغرس أنها تخطط بيع الرباط بأسلحة متقدمة وصواريخ بقيمة مليار دولار.

 

وعندما جاء رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق لتوقيع اتفاقيات إبراهيم في البيت الأبيض، وصل ومعه قائمة مطالب: 8 مليارات في صفقة جديدة لمقاتلات أف-3 ومقاتلات في-22 أوسبري ومروحيات أباتشي القتالية. ولا يعرف المدى الذي ذهبت فيه واشنطن للمصادقة على هذه المطالب الإسرائيلية. ولكن إدارة بايدن ستجد صعوبة في رفض الطلب الإسرائيلي بعدما وافقت على الصفقة الإماراتية.

 

وضيع بايدن فرصة إصلاح أخطاء سلفه الأخيرة الذي حول اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية إلى سباق تسلح قد يغذي نزاعات جديدة في الشرق الأوسط. ولو واصل بايدن في هذا الطريق، فسيكون متواطئا بموجة جديدة من الدم وعدم الاستقرار.

الكاتب