وسط اتهامات لأبوظبي بالتورط في تنظيم المؤتمر....رفض عراقي واسع لمؤتمر عقد في أربيل للدعوة للتطبيع
أثار انعقاد مؤتمر “السلام والاسترداد”، في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، للدعوة إلى الانضمام إلى إطار “السلام الإبراهيمي” والشروع بـ”التطبيع” مع الإسرائيليين، موجة من ردود الفعل “الغاضبة” في الأوساط الحكومية والسياسية العراقية، وسط مطالبات باعتقال المشاركين في المؤتمر.
وقال القائمون على المؤتمر إنه عقد بتنظيم من مؤسسة أمريكية تحمل اسم "مركز اتصالات السلام".
وفي تصريحات صحفية، قال رئيس المركز جوزيف براودي، إن المؤتمر نجح في استقطاب نحو 300 شخصية عراقية (أكراد، وسنة، وشيعة)، من ست محافظات هي بغداد والموصل وصلاح الدين والأنبار وديالى وبابل.
وبالاطلاع إلى السيرة الذاتية لبراودي الذي يترأس هذه المؤسسة، فهو أكاديمي أمريكي يهودي من أصول عراقية، يعمل كمستشار لدى مركز دراسات ممول إماراتيا.
وتقول السيرة الذاتية لبراودي إنه مستشار لـ"مركز المسبار للدراسات والبحوث" الذي أسسه سفير السعودية حاليا لدى أبو ظبي، تركي الدخيل.
ومن الأعضاء في المركز المنظم للمؤتمر، الإعلامية الأمريكية من أصول سورية هيفي بوظو، وهي من أشد الداعمين للتطبيع مع الاحتلال، وتؤيد الإمارات بشكل دائم في حسابها عبر "تويتر".
وبوظو عملت لسنوات في قناة "أورينت" السورية التي كانت تتخذ من دبي مقرا لها، وروجت مرارا للتطبيع مع الاحتلال، وهي الآن تقدم برنامجا عبر صفحاتها بمواقع التواصل برعاية "مركز اتصالات السلام".
فيما ركزت مقدمة المؤتمر سحر الطائي على أنه من الواجب على العراق الاقتداء بالإمارات تحديدا في خطوتها نحو التطبيع.
وقالت الطائي وهي موظفة في وزارة الثقافة العراقية، إن المستوطنين الإسرائيليين هم "إخوة وأخوات لنا".
وتابعت أنها والقائمون على المؤتمر يطالبون بالانضمام إلى اتفاقيات "أبراهام" مع الاحتلال كما فعلت الإمارات من قبل.
وأضافت: "لا يمكن لأي قوة منعنا من هذه المطالبة".
وكشفت الطائي أن النتائج الختامية للمؤتمر تمخض عنها تشكيل سبع لجان، منها لجنة اقتصادية تسعى لفتح علاقات مع الإمارات والاحتلال الإسرائيلي.
بالإضافة إلى لجنة تسعى إلى تغيير المناهج الدراسية بما يتوافق مع التطبيع، وأخرى تسعى لإنهاء قوانين تجريم التطبيع في العراق، بالإضافة إلى لجنة ثقافية فنية تسعى إلى الترويج للتطبيع المشترك في هذا المجال.
ولاحقا، تبرأت وزارة الثقافة العراقية من الطائي، مؤكدة "وقوفها المنيع مع أبناء الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وترفضُ هذا التجمُّع غير المشروع".
وأضافت الوزارة في بيان أن الطائي موظفة في قسم الإرشاد التابع للهيئة العامة للآثار والتراث، وشاركت في المؤتمر "دون أن تملك أي صفة تخولها للتحدث باسم الوزارة، وإنما شاركت في المؤتمر بوصفها عضوًا في أحد التجمعات".
وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان صحافي “تعرب الحكومة العراقية عن رفضها القاطع للاجتماعات غير القانونية، التي عقدتها بعض الشخصيات العشائرية المقيمة في مدينة أربيل بإقليم كردستان، من خلال رفع شعار التطبيع مع إسرائيل”.
وأضاف: “تؤكد الحكومة ابتداءً أن هذه الاجتماعات لا تمثل أهالي وسكان المدن العراقية العزيزة، التي تحاول هذه الشخصيات بيأس الحديث باسم سكانها، وأنها تمثل مواقف من شارك بها فقط، فضلًا عن كونها محاولة للتشويش على الوضع العام وإحياء النبرة الطائفية المقيتة، في ظل استعداد كل مدن العراق لخوض انتخابات نزيهة عادلة ومبكرة، انسجاماً مع تطلعات شعبنا وتكريساً للمسار الوطني الذي حرصت الحكومة على تبنيه والمسير فيه”.
وتابع البيان: “من جهة أخرى فإن طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستورياً وقانونياً وسياسياً في الدولة العراقية، وإن الحكومة عبرت بشكل واضح عن موقف العراق التاريخي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، ورفض كل أشكال الاستيطان والاعتداء والاحتلال التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الشقيق”.
وأثار المؤتمر المثير للجدل، موجة من ردود الفعل المنتقدة، من بينها دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الحكومة الاتحادية إلى اعتقال الشخصيات المشاركة فيه.
وقال الصدر في “تدوينة” له إنه “على أربيل منع هذه الاجتماعات”، التي وصفها بـ”الإرهابية الصهيونية”، مهدداً “بالعمل شرعياً وعقلياً ووطنياً لمنع تجمعات المطبعين”.
وطالب الحكومة باعتقال “كل المجتمعين” في المؤتمر الذي عقد تحت شعار “السلام والاسترداد”، داعياً أنصاره “لانتظار أمر التعامل مع النماذج القذرة الداعية للتطبيع” وفق تعبيره.
وشدد بالقول: “العراق عصي على التطبيع”، متعهداً، بوقفة أخرى بعد نيله “الأغلبية ورئاسة الوزراء” عقب الانتخابات المقبلة وفق رأيه.
من جانبه، قال زعيم حركة “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، في “تغريدة” له عبر “تويتر”، إن “ما حدث في أربيل مخالف لكل القيم والمبادئ الوطنية والإنسانية ومخالفة صريحة لقانون العقوبات العراقي”.
وأضاف أن “المقاومة الإسلامية لن تسكت على هذه الخيانة العظمى، وسنلقن العدو الإسرائيلي والمطبعين معه درسا يمنع كل من يفكر بالتطبيع لاحقا”.
كذلك، أعرب تحالف “الفتح” بزعامة هادي العامري، عن استغرابه من المؤتمر، كما عبّر عن استغرابه أيضاً من “صمت الأجهزة الأمنية في إقليم كردستان وتكتفي ببيان عدم العلم ولم تشر إلى كيف اجتمع هؤلاء الخونة ومن سهل لهم عقد اجتماعهم هذا، مما يدفعنا إلى القول إن هنالك تواطئاً واضحا على إقامة المؤتمر في أربيل والسماح بكل الخطوات اللازمة للإعداد له”، حسب بيان صحافي.
وأضاف البيان: “على هذا الأساس يؤكد تحالف الفتح أن كل الذين شاركوا في هذا المؤتمر خونة لا قيمة لهم ولن يعبروا عن هوية العشائر العراقية الكريمة صاحبة المواقف التاريخية إزاء الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وإن المؤتمر منصة خيانية سيكتب التاريخ عنها ويصفها بأعنف العبارات والتوصيفات”.
واختتم البيان بالقول: “العار للخونة ومن مهد ودعم ومول ووقف إلى جانبهم”.
أما حزب الدعوة الإسلامية، بزعامة نوري المالكي، فقال في بيان صحافي: “تابعنا باستنكار شديد انعقاد مؤتمر لمجموعة من الأنفار الأخشال لا يمثلون سوى أنفسهم ولا يعبرون عن واقع العراقيين بكل مكوناتهم، ويدعون إلى التطبيع والالتحاق باتفاقيات الخزي والعار مع الكيان الصهيوني، ضمن محور المساومة، الذي مصيره الخيبة والخسران، أمام إرادة الشعوب والمقاومة”.
وأضاف البيان أنّ “الترويج للعلاقة والتطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب جريمة قانونية على وفق قانون العقوبات العراقية، وعلى الجهات القضائية والحكومية المبادرة إلى ملاحقة الداعين لهذا التجمع المدان والمتحدثين فيه والمشاركين في الإعداد له وتسهيل انعقاده”.
كما دعا “القوى الوطنية المخلصة والغيورة إلى موقف موحد من هذا المشروع الخياني الذي يشوه التاريخ الناصع لشعبنا الأبي ومواقفه الشجاعة والثابتة في نصرة القضية الفلسطينية دوما وعلى طول التاريخ النضالي والجهادي للشعب الفلسطيني المقاوم والجريح، الذي ينتظر من أشقائه التضامن والدعم وهو يقف شامخا أمام همجية العدو الصهيوني وإجرامه، وليست طعنة نجلاء بظهره من قبل الأدعياء”.
وأشار البيان إلى أن “هذا المؤتمر كشف القناع عن الوجوه التي كانت تدعي الوطنية وترفع الشعارات المزيفة سابقا ولاحقا، حتى يميّز العراقيون بين المتاجرين بالمبادئ وهذه القضية المقدسة وبين المتمسكين بها والمدافعين عنها حقيقة، لا خداعا، من الشعوب والدول والقوى السياسية الخيرة والشخصيات المخلصة”.
ولفت إلى أن “شعبنا العراقي يعد هذا المؤتمر خيانة لعقيدته وقيمه ومواقفه الوطنية وتنكرا لواقع الموقف العراقي حكومة وشعبا وقوى سياسية ومنظمات وفعاليات شعبية رافضة بنحو قاطع لأي مستوى من العلاقات والتطبيع مع هذا الكيان اللقيط”. مؤكدا أن “انعقاد هذا المؤتمر بهذا التوقيت وفي عشية الانتخابات المبكرة لم يأت عبثا وإنما جاء ليخلط الأوراق، ويستهدف التشويش على الواقع السياسي، وحرف الرأي العام بعيدا عن اهتماماته الملحة وقضاياه المصيرية واستحقاقاته الدستورية”.
وذكر أن “تحريك داعش وهذا التجمع في هذه المرحلة العصيبة لهما غاية واحدة، وتقف وراءهما جهات داخلية وخارجية ذات أجندات تخريبية، لا تريد للعراق الاستقرار والخير، بل تسعى أن تبقيه مرهونا بصراعات استنزاف لا نهاية لها”.
في حين، أعلنت كتلة “دولة القانون”، الممثلة للحزب في البرلمان، رفضها لمؤتمر أربيل للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب.
وذكرت الكتلة في بيان “تعرب كتلة دولة القانون عن رفضها وشجبها لعقد مؤتمر في أربيل لشخصيات مغمورة أعلنت فيه دعوتها إلى التطبيع وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب”.
وأضاف أن “ترحيب ودعم الكيان الصهيوني ومن يمثله من دول المنطقة لمثل هكذا تجمعات يكفي لإثبات أن هؤلاء الحاضرين ما هم إلا أدوات بائسة لتنفيذ مآرب ومخططات أكبر منهم”.
وأوضح البيان، أن “هذا التجمع لا يمثل العراق ولا يعبر عن إرادة العراقيين، وإنما هو تعبير عن تبعية وعمالة فكرية وسياسية فجة للكيان الصهيوني لفئة لا تمثل سوى نفسها”.
وأشار إلى أن “القضية الفلسطينية ستبقى حاضرة في وجدان الشعب العراقي وكل أحرار العالم ولا مساومة ولا تطبيع مع كيان غاصب للأرض منتهك للحرمات متطفل على المنطقة، وإن مصيره إلى زوال مهما حاولت بعض النفوس المتصهينة أن تمهد لقبوله ولو إعلاميا وستذهب كل محاولاتهم البائسة أدراج الرياح”.
وتابع “ندعو الحكومة إلى بيان موقفها واتخاذ إجراءات رادعة بحق هؤلاء الذين عقدوا هذا التجمع داخل العراق وهو ما يمثل تحديا واستفزازا كبيرا للشعب العراقي الذي كان وما زال مناصرا للشعب الفلسطيني وحقه في استعادة حقه المسلوب وأرضه المغصوبة”.
إلى ذلك، قال ائتلاف “النصر” بزعامة حيدر العبادي، إنه “يدين جميع دعوات التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويرى في الأنشطة السياسية والمجتمعية الأخيرة مساساً بثوابت الشعب العراقي ومواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية العادلة، وتمرداً على الدستور والقوانين والقيم العراقية”.
ودعا الائتلاف القوى السياسية والرموز المجتمعية لـ”بيان موقفها من تصاعد دعوات التطبيع، ويدعو الشعب لمحاصرة ورفض أي دعوة تجر العراق إلى هذا المنزلق الخطير”.
سنّياً، أكد ديوان الوقف السني (مؤسسة حكومية)، ضمّ صوته إلى الأصوات العراقية التي وصفها بـ”االشريفة والغيورة” والرافضة لهذا للتطبيع مع إسرائيل.
وقال الوقف السني في بيان إنه “يستنكر بأشد العبارات جميع الخطوات الداعية للتطبيع العراقي مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض دولة فلسطين العربية الشقيقة المحتلة، وآخرها المؤتمر الذي عقد في مدينة أربيل”.
وأضاف البيان: “نشطت في الآونة الأخيرة مؤتمرات ودعوات لمد جسور التعاون والتطبيع مع هذا الكيان الغاشم، الذي سعى في الأرض ليفسد فيها مغتصبا الأرض ومنتهكا الحركات بذريعة السلام والأمان”.
في الأثناء، أكد رئيس مجلس النواب، زعيم تحالف “تقدّم”، محمد الحلبوسي، موقف العراق التاريخي من القضية الفلسطينية، فيما طالب برد صارم “لإخراس الأصوات المطالبة بالتطبيع مع إسرائيل”.
وقال الحلبوسي في “تغريدة” عبر “تويتر”: “للعراق موقف تاريخي ثابت من القضية الفلسطينية، وإن موقفنا الرافض لما يسمى (التطبيع) مع الكيان الصهيوني لن يتغير باجتماع ثلة من الأفاقين المأجورين، الذين حاولوا عبثاً تشويه موقف العراق الحازم والحاسم والمشرف من القضية الفلسطينية”.
وأضاف: “لذلك يتطلب الأمر اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة؛ لإخراس هذه الأصوات النشاز، ومحاسبة كل من تسول له نفسه المساس بثوابتنا الوطنية وقضايا الأمة العادلة”.