بلومبيرغ: لقاءات ورسائل سرية تكشف استغلال الإمارات صديق ترامب لتعزيز نفوذها بواشنطن

بلومبيرغ: لقاءات ورسائل سرية تكشف استغلال الإمارات صديق ترامب لتعزيز نفوذها بواشنطن

ذكر موقع بلومبيرغ أن الإمارات وجّهت توماس بارك مسؤول حملة تنصيب الرئيس دونالد ترامب وصديقه المقرب ولوقت طويل توماس باراك.

وجاء في التقرير الذي أعده ديفيد فورياكوس وكيليب ميلبي وباتريشت هيرتادو وقالوا فيه إن الإماراتيين كلفوا باراك بتعزيز نفوذهم. 

 

وبعد أسابيع من فوز الرئيس دونالد ترامب في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، استُقبل باراك استقبالا حارا في الديوان الأميري بأبو ظبي. وفي ذلك اليوم من شهر كانون الأول/ ديسمبر، التقى باراك مع ولي عهد أبو ظبي وشقيقه الذي يتولى منصب مستشار الأمن القومي ومسؤول ثالث يتولى رئاسة المجلس الأعلى للأمن القومي حسب أشخاص على اطّلاع بالأحداث.

 

وكان لقاؤه مع المسؤولين الكبار دليلا على أهميته. وهو من جهته شجع باراك المسؤولين لتقديم رؤية حول السنوات الأربع القادمة في ظل ترامب وما يمكن أن تقدمها لهم. ويقول الادعاء إن اللقاء السري هو جزء من خطة للتأثير على حملة ترامب والإدارة المقبلة وتقوية النفوذ السياسي للدولة الخليجية، واتهم باراك بالعمل كوكيل غير مسجل عن دولة أجنبية وهو ينفي الاتهامات الموجهة إليه. ولم توجه تهم للمسؤولين الإماراتيين بارتكاب جرائم أو أخطاء.

 

ولا تذكر لائحة الاتهام مضيفي باراك بالاسم، بل تشير إليهم برقم 1 و2 و3. فرقم 1 هو الحاكم الفعلي للإمارات الشيخ محمد بن زايد، والثاني هو طحنون بن زايد، مستشار الامن القومي الإماراتي، أما الثالث هو علي محمد حماد الشامسي، مدير المخابرات الإماراتية. وطلب المسؤولون الثلاثة ورابع من باراك ومتهمين آخرين بالدفع باتجاه دعم المصالح الإماراتية.

 

أما المسؤول الإماراتي الرابع فهو عبد الله خليفة الغفلي الذي أشرف على الجهود الإنسانية الإماراتية في باكستان والخامس هو يوسف العتيبة، السفير الإماراتي في واشنطن، وذلك بحسب أشخاص على معرفة بالأمر وطلبوا عدم الكشف عن أسمائهم. ولم ترد وزارة الخارجية الإماراتية ولا المكتب الإعلامي في الحكومة على طلب التعليق ولا السفارة الاماراتية في واشنطن التي لم ترد على المكالمات الهاتفية ولا الرسائل النصية. ولم يرد ممثلو باراك، ورفض الادعاء التعليق.

 

وعادة ما تتم مناقشة قرارات السياسة في اللقاءات المسائية الدورية التي يستضيفها المسؤولون البارزون. وبرزت الإمارات كأقوى حليف للولايات المتحدة خاصة بعد توتر العلاقات مع السعودية عقب مقتل الصحافي جمال خاشقجي. ودعم باراك الذي يدير مصالح تجارية في الشرق الأوسط ترامب منذ بداية حملته الانتخابية، وكان يدافع عنه في اللقاءات التلفزيونية وسط أسئلة تشكك في فرص نجاحه. وعول الإماراتيون منذ البداية على باراك الذي تمتد علاقته مع ترامب لعقود طويلة حسب المدعي.

 

وطلبوا من باراك تمثيل مصالحهم في الحملة، ونجح رهانهم. حيث بات باراك مسؤولا عن لجنة تنصيب ترامب، ويساعد الفريق الاننقالي في ترشيح واختيار المسؤولين للمناصب المهمة. وشجع باراك مضيفه للتفكير أبعد من المئة يوم الأولى من رئاسة ترامب، بل لكل الفترة الرئاسية. وبحسب لائحة الاتهام، فقد أرسل رجل الأعمال الإماراتي راشد المالك المتهم إلى جانب مساعد لباراك رسالة نصية إلى ماثيو غرايمز قال فيها: “إنهم سعيدون بالنتائج العظيمة”. وفرّ المالك من الولايات المتحدة في نيسان/ أبريل عام 2018 بعد أيام من مقابلة مسؤولي الأمن له حول عمله نيابة عن الإمارات. أما غرايمز فقد أنكر التهم.

 

وساعد باراك الإماراتيين على عدة جبهات. فقد رتب لقاء في البيت الأبيض مع ترامب دفع بتعيين المرشحين لدى أبو ظبي في الإدارة الجديدة حسب لائحة الاتهام. وفي 15 أيار/ مايو 2017، التقى مع المسؤول الإماراتي رقم 1. وفي نفس اليوم، التقى محمد بن زايد مع الرئيس حسب التقارير الصحافية، حيث ناقشا المصالح المتبادلة في مواجهة إيران وتأثيرها في العالم العربي ومحاربة الإرهاب.

 

وساعد بن زايد في التحضير لزيارة ترامب بعد أيام إلى السعودية. وبعد الانتخابات قام المسؤول الإماراتي رقم 5 بطلب رؤية معمقة حول تعيينات ترامب في مناصب مهمة مثل الدفاع والخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” كما ورد في لائحة الاتهام. ورد باراك: “قدمت مصالحنا الإقليمية بطريقة عالية”.

 

وبحلول ربيع 2017، دفع المسؤولون الإماراتيون باتجاه تعيين عضو في الكونغرس لم تكشف عن هويته كسفير في الإمارات. وفشلت هذه الجهود، ثم برز باراك نفسه كمرشح قوي للسفير أو مبعوث شخصي إلى الشرق الأوسط، حسب لائحة الاتهام. وقال باراك لراشد إن تعيينا كهذا “سيعطي أبو ظبي قوة جديدة”.

 

وقدم باراك معلومات من داخل الإدارة حول رد المسؤولين في الإدارة عن حملة الحصار التي قادتها الإمارات ضد قطر، حسب ما ورد في أوراق الادعاء المقدمة للمحكمة. وفي أيلول/ سبتمبر 2017، أخبر باراك المالك أن الإدارة قد تعقد اجتماعا في كامب ديفيد حول حصار قطر، وهو لقاء لم تكن تريده الإمارات. وقال باراك إنه أرسل رسالة لترامب قال فيها: “لدي أمر مهم أريد مشاركتك به” ويتعلق بالشرق الأوسط. ولم يعقد أي اجتماع، وأرسل المالك لاحقا رسالة نصية إلى باراك عبر فيها “عن الشكر الخاص والامتنان من الرجل الكبير وكل الاحترام لجهودك”. ولم يذكر المدعون أية أفعال قام بها باراك نيابة عن الإمارات بعد عام 2017.

 

 ولكن جريمته لا تتوقف عند هذا الحد كما يقول المدعون، ففي حزيران/ يونيو 2019 قابل مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) باراك حول عمله نيابة عن الإمارات. ويقول المدعون إنه كذب مرارا. وبعد اتهامه قال باراك: “طبعا أنا بريء من كل هذه الاتهامات وسنثبت هذا”. وستكون سنوات ترامب مشكلة لباراك، فقد انهارت أسهم شركته كولوني رغم حصتها في السوق. كما وتورط في عدة تحقيقات.

 

ولكنّ الإماراتيين كانوا في وضع أحسن، فقد دعم ترامب معاهدة تطبيع بين الإمارات وإسرائيل كتلك الخطط التي عومها باراك قبل سنوات من التطبيع.

 

وبعد اعتقاله، صوّر المحققون بأن مغادرته الولايات المتحدة تعتبر خطرا كبيرا، خاصة أنه يحمل الجنسية الأمريكية واللبنانية وعلى علاقة مع السعودية والإمارات ولا دولة من هذه الدولة وقعت معاهدات ترحيل مطلوبين. وأفرج قاض عن باراك بكفالة 250 مليون دولار وينتظر المحاكمة.

الكاتب