"التحالف الإسلامي" يسقط في اختبار "حلب" ..هل تعرقل الامارات ومصر التدخل؟
خاص - شؤون إماراتية
غانم حميد
خلال 8 ايام فقط، تعرضت حلب لـ 260 غارة جوية و110 قذائف و18 صاروخاً، و65 برميلاً متفجرا، واستشهد 106 رجال و43 امرأة و40 طفلاً.
المجزرة التي أثارت الشعوب قبل الحكام العرب، دفعت كثيرين، على غرار الشيخ علي القره داغي، أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، للتساؤل عن الدور المأمول للتحالف العسكري الإسلامي بشأن إنقاذ السوريين من ويلات القصف المتواصل، ولماذا صمتوا؟ واعتبر نشطاء هذا أول فشل للتحالف في "حلب".
"إذا لم يتدخل هذا التحالف الآن في حلب فمتى سيتدخل؟"، سؤال تكرر على عشرات الهاشتاجات التي تصرخ وهي تري صور القتلى والمذبوحين بفعل القصف الروسي والايراني وطائرات بشار الاسد.
كما دفع البعض للسؤال: "هل شُكِّل هذا التحالف لحماية دول معينة دون غيرها؟ بحسب القره راغي أيضا.
فالغريب أن تأتي مجزرة حلب بعد مناورات رعد الشمال بين دول التحالف الاسلامي واستعراض القوة في السعودية، والاغرب أن اجتماع للتحالف الإسلامي العسكري عقد في السعودية بعد أيام على إعلان المملكة الاستعداد لقتال داعش بسوريا، ولكن لم يتحرك أحد ولو من قبيل التهديد.
واعتبر هذا الاجتماع الأول من نوعه لدول التحالف الـ 40، بقيادة السعودية، ومؤشر على التدخل العسكري لا مجرد الاعلان الشكلي، ويمتلك التحالف مقومات بشرية وعسكرية ضخمة، تضم أكثر من 2500 طائرة حربية، وما يقارب 21 ألف دبابة و461 مروحية، وأكثر من 44 ألف مدرعات ويضم دولة نووية هي باكستان، ولكنه ظهر عاجزا أمام حرق حلب وابادة سكانها.
ولأن اجتماع التحالف العسكري عُقد قبل بدء مفاوضات فيينا وجنيف الاخيرة الفاشلة للمرة الرابعة، فقد عُد من قبيل "الرسالة" التي سعت السعودية لتوصيلها، وملخصها أن "التحالف ليس "صك" بلا رصيد، ولكنه "صك" برصيد عسكريّ قادرٍ على فرض شروطه، ولكن رد الفعل السوري والروسي اظهر الاستخفاف بالتحالف ورسائله.
التحالف لا يعادي بشار!
والحقيقة أن السؤال الذي طرحه الشيخ القره داغي: "هل التحالف مخصص لأهداف دون اخري؟"، اجاب عليه "هشام مروة"، نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري في تصريح صحفي بتأكيده أن "نظام الأسد ليس جزءاً من أهداف التحالف الإسلامي"، برغم أن المعارضة التي تدعمها دول الخليج تعتبر بشار الأسد ضمن قوائم الإرهاب، نتيجة دعمه وتورطه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
صحيح أن الخارجية السعودية صرحت بوجوب رحيل بشار الأسد سواء بحل سياسي أو بالقوة العسكرية، ولكن يبدو أن الفيتو الدولي على إسقاط الأسد من قبل امريكا وروسيا تحديدا يجعل دول التحالف – المتحالفة مع أمريكا – للتردد، والتركيز فقط على حماية دول الخليج من أخطار النفوذ الايراني المتمدد، وبعد تخلي "عقيدة أوباما" المعلنة عن حماية دول الخليج بعد 8 عقود.
وربما لهذا جاء رد فعل وزارة الخارجية السعودية حول مجزرة حلب تقليديا، يكتفي بالإدانة والشجب والاستنكار للغارات التي تشنها قوات بشار الأسد على مدينة حلب، ووصفه بانه "عمل إرهابي يضرب بعرض الحائط اتفاقية وقف الأعمال العدائية".
والاغرب أن الخارجية السعودية – مثلها مثل الجامعة العربية والازهر وباقي الدول العربية – طالبت "المجتمع الدولي وحلفاء بشار الأسد" بوقف هذه الاعتداءات، دون أي إشارة تهديد بأن يتحرك التحالف الاسلامي!
الدور الاماراتي والمصري
ليس سرا أن الإمارات تدعم بقاء نظام «بشار الأسد» في سوريا، وأنها حين قررت دعم المعارضة السورية اختارت ألوانا معينة من المعارضة بشكل انتقائي كان أحد أهم شروطه هو أن تكون بعيدة كل البعد عن الإخوان المسلمين السوريين، وشاركت طائراتها في قصف أهداف حددها الامريكان تتعلق بمصالحهم لا المصالح العربية.
بل أن أبو ظبي ضغطت على الإدارة الامريكية من أجل إقناعها بضرورة بقاء نظام «الأسد» والعمل مع بعض شرائح المعارضة السورية الشكلية التي تؤيد بقاء «الأسد» وتطالب بإصلاحات رمزية.
كما حثت أبو ظبي القاهرة علي لعب دور مباشر في هذا الملف من خلال استضافة وفود المعارضة السورية والقيام بأعمال وساطة بين الأطراف، في الوقت الذي تحركت فيه السعودية وتركيا في اتجاه اخر هو ضرب نظام بشار ونصرة المعارضة، برغم وجود الجميع داخل "تحالف اسلامي"!.
اعتراف إماراتي
وقد نشرت صحيفة ممولة من الامارات في مصر (البوابة) خبرا رئيسيا العام الماضي يؤكد حقيقة دعمها لبشار بعنوان: "الإمارات تقود تحالفا إقليميا يروج لحل بسوريا يتضمن بقاء الأسد"، أكدت من خلاله أن الإمارات تعمل على تشكيل تحالف إقليمي يضم إلى جانبها كلا من الأردن ومصر؛ من أجل الترويج لحل سياسي سلمي في سوريا يبقي نظام الأسد على حاله.
وفسرت الصحيفة بذلك زيارة كلا من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد والملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لموسكو في توقيت متقارب، ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هناك بمعزل عن السعودية.
وتزامنت زيارة الزعماء الثلاثة إلى روسيا مع تصريحات مثيرة للرئيس السوري بشار الأسد حول علاقاته الوثيقة مع النظام المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي؛ وقوله إن سوريا تعتقد أنها في الخندق ذاته مع الجيش المصري ومع الشعب المصري في مواجهة الإرهابيين.
وكذا تصريحات لعبد الفتاح السيسي، عبر خلاها أكثر من مرة عن ضرورة قيام تسوية سياسية في سوريا والابقاء على نظام بشار الاسد.
وبعد يوم واحد فقط من الزيارات اللافتة لممثلي الدول الثلاث إلى روسيا، جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لتكشف خلافات وتخبط دول التحالف، حيث أعاد الجبير التأكيد على أنه "لا مكان للأسد والملطخة أيديهم بالدماء في مستقبل سوريا"، بل شدد على أن ذلك "واقع لا مساومة فيه".
وتؤكد تصريحات الجبير أن زيارة القادة الثلاثة إلى موسكو كانت في إطار الترويج للحل الذي يتضمن دعم بقاء الأسد، ما يفتح الباب على أسئلة حول ما يجري في الكواليس بين التحالف الجديد مصر والإمارات والأردن، بعد لقاءات زعماء تلك الدول مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وما اعقبه من تدخل عسكري روسي!
حيث تشترك الدول الثلاث في رؤية موحدة حول قضايا المنطقة، بينها القضية السورية، وتنسق حول ذلك فيما بينها للوصول لنتيجة واحدة، وهي إنقاذ الرئيس السوري.
وقد ترددت أنباء عن خلافات اماراتية سعودية فيما يخص الادوار في اليمن، بعدما بدأت الامارات تحارب القاعدة لا الحوثيين، وتقصف مناطق سنية، وأن الإمارات تحاول الضغط على السعودية فيما يخص سوريا أيضا، وهو ما ردت عليه السعودية بتصريح وزير خارجيتها حول أنه (لا مساومة) على بقاء الأسد.
ويبقي السؤال: هل تلعب الامارات دورا مشبوها ضمن لعبة دولية للإبقاء على الطاغية في سوريا، خشية انتصار المقاومة ذات الصبغة الاسلامية؟ وهل هي السبب في حالة الفتور هذه والاكتفاء بالتنديد، داخل التحالف الاسلامي، تجاه مجازر بشار؟