تقرير: الاستراتيجيات العشر لخداع وتضليل الإعلام الإماراتي للشعب

تقرير: الاستراتيجيات العشر لخداع وتضليل الإعلام الإماراتي للشعب

تضخ الألة الإعلامية الإماراتية "إذاعة -تلفزيون- صحافة مطبوعة- صحافة الكترونية- شبكات التواصل" مئات الأخبار والتقارير وآلاف التغريدات مستهدفة الجمهور الإماراتي، بشكل يومي وعلى مدار ساعة، منها ما يستهدف "شيوخ الدولة" وأخرى تستهدف العامة من المواطنين، والعشرات للمقيمين.

بعد أيام نكتشف أن جزءً من هذه الأخبار "كذب" ويتورط في "الكذب" مسؤولون سياسيون، عبر الصحف، ومسؤولون حكوميون يتعمدون تظليل الشعب الإماراتي من في إطار الحملات الإعلامية الأمنية الموجهة، يكذب في العادة الساسة على شعوبهم، لكن ليس مثار ذلك هجوماً على حريات هذا الشعب، بل لإقرار موقف سياسي، الدول الاستبدادية وحدها من تستخدم الدعاية والتضليل وخداع الجماهير من أجل القمع.

والسؤال هو كيف يكذب الساسة على شعوبهم؟ وكيف يتحول الإعلام من دوره الأساسي كسبيل للوعي إلى أداة تستخدم في التضليل والتغييب؟

هذا التقرير سيجيب على هذا التساؤل فيما يخص الإمارات.

 

1- تحفيز مشاعر الخوف والذعر لدى الجمهور

في أدبيات الدعاية الإعلامية فوضْعُ الناس في حالة من الخوف والقلق والذعر الدائم كفيل بتمرير أي فكرة إلى عقولهم حتى وإن بدت هذه الفكرة لا منطقية ولا عقلانية، وتشير الدراسات إلى كون الإنسان يفقد قدرته على التفكير بعقلانية حين يخضع لضغوط نفسية أبرزها الأمن، حينها ببساطة سيقبل كمية المبالغات التي يتم إلقاءها في عقلك عبر وسائل الإعلام دون أن تبدي مقاومة تذكر؛ وسيقبل معها كل ما يترتب عليها.

ومن ذلك قضية "شبح الريم" التي حُكم بإعدامها في قضية الانتماء لـتنظيم الدولة بتهمة قتل معلمة أمريكية، ورغم أن المحاكمة ذات درجة تقاضي واحدة، لا يمكن الاستئناف، فإن القضية جرى تضخيمها بشكل مهول للغاية، وبدأت تخاض حملات إعلامية، بدأً من التسمية "شبح" والذي يرمز إلى غطاء الرأس واللبس المحتشم، وهو ما أدى بدوره إلى الهجوم على المنقبات الإماراتيات، وعقبها قضية المواطنة التي طالبت ممثلة مصرية بالاحتشام والحملة الإعلامية المرادفة الساخطة على تلك المواطنة لدرجة أن وصف أحد من يصيغون الرسالة الإعلامية بأن لها علاقة بتنظيم الدولة.

هذا التخويف من "الشبح" كان هدفه إسكات أي أصوات تنادي بوقف اعتقال الإماراتيات "المتدينات" وعلى أثره خفت الصوت المنادي بإطلاق سراح بنات العبدولي اللواتي غردن من أجل والدهن الذي قضي وهو يقاتل نظام بشار الأسد في سوريا.

واليوم ورغم مرور قرابة 9 أشهر على اختطافهن لا يعرف مكان الاعتقال السري ولا التهم الموجهة عدا بدء محاكمة موزة العبدولي، بداية ابريل بتهمة التغريد على تويتر والإساءة للدولة.

 

2-الهجوم على  الشخصيات “الرموز” بضراوة وحدة

يأخذ الأمر كثيراً من أجل هدم "فكرة" أو "مشروع الإصلاح" الذي قدم في مارس 2011م، لذلك ركزت الآلة الإعلامية لجهاز أمن الدولة على ما هو أسهل عبر مهاجمة ذواتهم ومصداقيتهم وطباعهم وذكائهم أو حتى مظاهرهم وأشكالهم، هذا النمط من القصف المتواصل لن يترك أي فرصة من أجل مناقشة الأفكار أو البرامج أو الإنجازات؛ حيث تُمحى هوية الأفكار بالتبعية عبر تشويه صورة أولئك الأشخاص الذين يعبرون عنها.

وهذا ما حدث بالفعل من الهجوم على "المواطنين السبعة" وقبلهم "الإماراتيون 5" عام 2011م، وبالرغم من إنجازات المعتقلين السياسيين عقب ذلك ودورهم في نهضة الإمارات وبينهم الدكتور الشيخ سلطان بن كايد القاسمي سليل أسرة القواسم وابن حاكم رأس الخيمة، ومستشار حاكم رأس الخيمة السابق الدكتور محمد المنصوري، وهو خبير قانوني، والدكتور محمد الركن الخبير الدستوري، وعالم الاقتصاد ناصر بن غيث، وعشرات الآخرين إلا إن الهجوم على "دعوة الإصلاح" واتهامها بالعمالة، وظهور أضحوكة "البيعة" للخارج، وعلاقته بتنظيم الإخوان، وقانون الإرهاب، لم يكن الغرض منه النيل من شخصياتهم وعائلاتهم بقدر ما هو الحاجة إلى إضاعة الحقوق والحريات وتمييع "عريضة الإصلاحات".

فعاملون في أجهزة الأمن المخابراتية بما فيهم السياسيون، من أقل البشر استعدادًا لمناقشة الأفكار ويميلون دومًا للتخلص من خصومهم عبر طرق غير أخلاقية.

 

3-”الضرب تحت الحزام”

يعمد الساسة وأجهزة القمع علاوة على تشويه خصومهم ومعارضيهم إلى أكثر من ذلك بالدعاية لأنفسهم، فنجد المسؤولين الأمنيين والسياسيين الذين يديرون المعركة السياسية اللاخلاقية ضد "الإصلاحات" أكثر الناس حضوراً في وسائل الإعلام، والأكثر حضوراً في الندوات، وإصدارات الكتب المطبوعة.

ويعمد هؤلاء الذين في مركز إدارة الدولة في استخدام صلاحياتهم، ضد الدستور والقانون، عبر قوانين وتلفيق قضايا "خيانة للوطن" لمعارضيهم، ويصيغون مبدء الوطنية من خلال قياس الولاء لهم وليس لحكام الدولة وشيوخها أو لمصلحة الدولة ومستقبلها، فكثير من القوانين وتلك القضايا التي فيها على شاكلة: "تنظيم سري يهدف لقلب نظام الحكم"، "خلية داعشية تسعى لإقامة إمارة إسلامية"، ومحاكمة "خلية ذات ارتباط إقليمي يهدف لزعزعة الاستقرار"، فكونها تخدم "التخويف" فهي أيضاً، استخدام صلاحيات لإنشاء معارك غير أخلاقية ينبغي ألا تصدق.

لا يشمل ذلك فقط بل إن الضرب من تحت الحزام هو احتكار الحقيقة وأياً كان يريد احتكار الحقيقة فهو مزايد ومرواغ ويسعى لتمييعها، فمنع وسائل الإعلام غير الحكومية والمنظمات من حضور المحاكمات السياسية لمعتقلي الرأي في الدولة هي واحد من تلك التعتيمات التي تستهدف تزوير الحقائق كما حدث في هذا الشهر عام 2013م في مرافعة معتقلي الإمارات، عندما جرى تزوير الحقائق عن المواطنين.

أيضاً من ذلك مواجهة الحقائق من إدانة عالمية لانتهاكات حقوق الإنسان بالإمارات بتزوير خبر وفد من مجلس العموم البريطاني زار الإمارات والإدعاء أن الوفد امتدح الحريات في الإمارات وهو ما جرى تكذيبه من قبل أعضاء الوفد أنفسهم.

 

4-تزييف الحقائق التاريخية لتتوافق مع رغباتهم

تشير التجارب المقرونة بالدراسات الأمبريقية إلى أن الناس لا يُبدون في الغالب استعدادًا لتغيير قناعاتهم بسهولة ويميلون دومًا إلى الدفاع عنها، خاصة إذا كان مصدر هذه الأفكار والقناعات سلطة ما أو شخص في موقع السلطة سواء كانت السلطة السياسية “الحاكم” أو الاجتماعية “العائلة” أو الدينية.

ليس جميع الناس أو حتى أغلبهم على دراية بالتاريخ، يمكن استغلال هذه الحقيقة البسيطة من أجل تمرير رواية معينة للتاريخ تعزز مصالح السلطة أو تشوه تاريخ خصومها وأعدائها، في الغالب لن تبحث الجماهير عن الحقيقة، وستتلقى المعلومات الملقاة إليها كحقائق مسلمة.

وهو ما حدث من قبل جهاز أمن الدولة و وسائل الإعلام من خلال الإدعاءات المتكررة إن لا دور لـ"الإصلاحيين" في نهضة الإمارات الحديثة، وأنهم مجرد "ممنوحي الجنسية جاءوا أواخر العشر السنوات"، فيما دعاة الإصلاح ذو عائلات عريقة منذ مئات السنين، وهؤلاء الموجودين في السجون يشير تاريخهم إلى أنهم كانوا وآبائهم إما مستشارين للآباء المؤسسين أو سواعدهم اليمني من أجل العمل، والكذب أيضاً بشأن "تنظيم سري" تأسس في الإمارات، فكيف بتنظيم سري والأرض في دبي ممنوحة للجمعية من قبل حاكم دبي الوالد راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراه عام  1974م، وكان للجمعية الدور البارز؛ والجمعية ليست وليده عام 2011م كما يروج الإعلام بل منذ 74م، وسبق وأن قدمت أكثر من مره مشورة ومراجعات وكان قيادات الجمعية من المرحبين بهم في مجالس حكام الدولة بمن فيهم الشيخ خليفة بن زايد، رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة.

 

5- درّك الإعلام

لا يكفي أن تؤسس آلات إعلامية عملاقة، بهذه الطريقة الموجودة في الإمارات، التي تملك حتى فضائيات موجهة، بل يجب أن تمنع وصول "الصوت المعارض" وتقمع من يفكر في تبني خطابه، إما عبر ترهيب المثقفين أو شرائهم، وكثير من وقعت أقلام "ذات الدفع المسبق" في الإمارات ضحية "الترهيب" و "الترغيب"، لذلك يتم حظر الوصول إلى كل ما من شأنه تزييف عقول الإماراتيين- من وجهة نظر جهاز الأمن- ومنع أي مقاربات بين ما يتم طرحه وما يتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي.

لذلك يتعمد جهاز أمن الدولة في أكثر من وسيلة إعلامية، إظهار المحاكمات للمدونين، وإقامة الندوات والفعاليات من أجل التحذير من التدوين على تويتر، وحتى ولو زعم الجهاز أن سلطة الدولة ليبرالية- علمانية فيستعين في إعلامه بـ"المتدينين" والصوت المؤثر المخاطب وسيصنع زعامات مثل "وسيم يوسف" من أجل حجب الحقيقة عن الناس، ويستعين أيضاً بمفتي الإمارات كما حدث الشهر الماضي باستعانة الإمارات اليوم بالمفتي للتحذير من التدوين على شبكات التواصل، إلى جانب القضاة الذين يكتبون مقالات بشكل دوري في الصحف والمواقع للتحذير من الحديث عن إصلاحات ليس بمعناها الحقيقي لكنهم يدعونها باسم "الفتنة".

 

6- الشعبوية

“ادعاء التوافق مع الشعب السلطة بما فيها جهاز الأمن  ووصم الخصوم بمعاداة الشعب”

تقوم الآلة الإعلامية بتقديم الأسطوانة المشروخة كالعادة، أن جهاز الأمن يقوم بما يريده الشعب لحمايته من "الدواعش" "التكفيريين"، "المجرمين" "الخونة" قاتلي الإنسانية، والهادفين إلى جعل "الإمارات" نسخة "ليبية" و "مصرية" و"يمنية"، ويجري إقصاء المواطنين من الوظائف بموجب "الموافقة الأمنية" وعلاوة على كون هذه الموافقة "غير قانونية" وتهدف إلى إضاعة حقوق الموظفين والمواطنين إلا إن السبب الرئيس هو منع "أخونة الحكومة" و وصول "الإرهابيين" ومن يهدفون إلى قلب نظام الحكم إلى "سلطة القرار".

الأمر الآخر استخدمت هذه الطريقة "الشعبوية" في "المجلس الوطني الاتحادي" والذي أجيب عن تساؤل لماذا تم وضع "القوائم الانتخابية" وحكر الانتخاب والترشح في فئة قليلة من المجتمع الإماراتي إلى إجابة مباشرة، لـ"منع كل إخواني وداعشي وإرهابي" من الوصول إلى "البرلمان" الذي يمثل صوت الشعب، لكنه في الحقيقة حكر هذه الميزة رغم أنها بلا ميزان تشريعي أو رقابي، في تلك الفئة وإقصاء باقي الإماراتيين من حق التمثيل الحقيقي لهم ومن أبرز حقوقهم، خوفاً من وجود أصوات ولو حتى بالحديث عن حقوق وحريات الإماراتيين، ولذلك سنجد هؤلاء الأعضاء هم من أقارب الوزراء أو من الفئة القليلة الأكثر ولاء لجهاز أمن الدولة.

 

7- تصنيف الناس وفق أفكار فاشية

قد تكون هذه الفكرة هي الدين "داعشي" " إخواني" "قاعدي" أو الوطن "عميل" "خاين" "مجنس"، أو أي فكرة أخرى مثل "تنظيم سري"، "ضد الحكام" بحيث يكون المساند للسلطة المتبني لمواقفها هو المتدين الحقيقي أو الوطني الحقيقي، بينما يصير باقي المجتمع بالتبعية ضد الدين أو الوطن.

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى التقليل من أصوات المطالبة بالإصلاحات وإنقاذ مستقبل الدولة والتي صنعت من خلال الحاجة الماسة لها و وجدت رابطاً لصيقاً بين مفاهيم الدين و الوطن، فجهاز الأمن حينها هي حامية الدين وحارسة الوطن، وبالتبعية فإن أي انتقاد للسلطة هو هدم للدين وخيانة للوطن.

 

8-تكرار الرسالة الواحدة بشكل متتابع

بغض النظر عن كون هذه الرسالة حقيقية فإن الناس يميلون إلى تصديق "الرسالة" الأكثر انتشاراً، والمتداولة، لذلك عمد جهاز أمن الدولة على أن تبدأ الإشاعة من شبكات التواصل الاجتماعي وباستمرارها تبدأ للتحول إلى الصحافة، وباستمرارها عبر الأداتين، تذهب إلى الإذاعة والتلفزيون، وعلى إثرها يجري صنع قرار جديد أمني- سياسي بعد تهئية الجماهير لها.

وتصنع من خلال تلك الرسالة "أسطرة" لشخصيات، وتشوه على أثرها سمعة "الإصلاح" والمتتبع لقضية "الإماراتيين الخمسة" و "الإمارات 94" سيجد الكثير من تلك الرسائل التي ما زالت تكرر إلى اليوم.

 

9- التقليل من الجرعات الفكرية والعلمية لصالح ساعات المرح

وهو ما يظهر بشكل أكبر منذ 2011م، فقد توجهت وسائل الإعلام بالرغم من كثافة الرسالة الإعلامية التي تهاجم وتحذر وتخوف، إلى الإقلال من المواد الإعلامية التي تناقش مواضيع تهم المواطن أو المواد التي تملك زخماً فكرياً وعلمياً، لصالح المسلسلات التركية والهندية المدبلجة بالإضافة إلى صياغة رسالة إعلامية من خلال هذا المرح من البرامج على التلفزيون أو صفحات الفن والمشاهير على الصحف، أو أخبار الكون وأحدث صيحات الموضة والهواتف على المواقع، بما يخدم الفكرة الرئيسية من التحذير من الإصلاحات، وقد كشف برنامج "ذا كوين" نوعية من المرح المنتقد من الإماراتيين.

 

10-  شيطنة الآخرين عبر أدلة جمعية وارتباطات غير منطقية

يقولون دومًا إنه لا توجد سلطة سياسية تستطيع البقاء بغير شيطان، لذا تلجأ السلطات إلى صناعة شياطينها بنفسها.

لذلك في الإمارات سعى جهاز أمن الدولة عبر الآلة الإعلامية إلى شيطنة "دعوة الإصلاح" وربط كل أعضاء الجمعية بـ"الإرهاب" فأصبحت التهم في المحاكمات التي وصل سجن مواطنين فيها إلى 5 سنوات، بتهمة "الانتماء لدعوة الإصلاح" أو يجري اتهام أي من السلفيين بتهمة "الانتماء لداعش" أو أي لبناني حتى ولو كان مسيحياً متديناً بالانتماء لـ"حزب الله"...

وربطت طرق الشيطنة بارتباطات واهية للغاية مثل ما تداول إن "دعوة الإصلاح" جزء من "الماسونية" العالمية، أو يجري ربط وجود كتب "سيد قطب وحسن البنا" في مكتبه بين مئات الكتب لمواطن إماراتي والذي توجه له التهمة عقب اختطافه واعتقاله بالانتماء لـ"الإخوان المسلمين" حتى ولو كان ليبرالياً لا يعرف أحداً من دعوة الإصلاح وحصل على الكتب هدية من أحدهم، قبل ثلاثين عاماً.

 

(إيماسك)

الكاتب