فايننشال تايمز: الإمارات تتجه لإنهاء احتكار العائلات لوكالات الشركات الأجنبية

فايننشال تايمز: الإمارات تتجه لإنهاء احتكار العائلات لوكالات الشركات الأجنبية

أبلغت حكومة الإمارات العربية المتحدة بعضا من أكبر العائلات التجارية لديها أنها تعتزم إنهاء احتكاراتها لبيع السلع المستوردة في إطار تعميق الدولة الخليجية لإصلاحات اقتصادية من شأنها جذب المزيد من الاستثمارات.

 

وبعد عقود من إلزام الشركات متعددة الجنسيات بتعيين شركاء محليين لتوزيع سلعها، اقترحت الحكومة الإماراتية تشريعًا ينهي التجديد التلقائي لاتفاقيات الوكالات التجارية الحالية، ما يمنح الشركات الأجنبية المرونة لتوزيع سلعها الخاصة أو تغيير وكيلها المحلي عند انتهاء العقد، وفقا لما أوردته صحيفة "فايننشال تايمز".

 

وأفادت الصحيفة البريطانية بأنه من المتوقع أن تتم الموافقة على القانون الجديد من قبل القيادة الإماراتية، لكن التوقيت لا يزال غير مؤكد.

 

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين قوله: "لم يعد من المنطقي أن تتمتع العائلات (التجارية) بهذه القوة والوصول التفضيلي إلى الثروة السهلة (..) علينا تحديث اقتصادنا".

ومن شأن هذا الإصلاح المقترح أن يؤدي إلى "تمزيق العقد الاجتماعي طويل الأمد بين الحكومة (الإماراتية) والعائلات التجارية المؤثرة، مثل: الفطيم والرستماني وجمعة الماجد"، لصالح كيانات اقتصادية أجنبية، حسبما تؤكد الصحيفة البريطانية.

 

 وفي السياق، قال الرئيس التنفيذي لفرع شركة "بيكر ماكنزي" للمحاماة بالشرق الأوسط "حبيب الملا": "هذه واحدة من المحظورات التي يصعب المساس بها، نظرًا لتأثيرها على الشركات المحلية المملوكة للعائلات (التجارية)، وهي واحدة من أكبر قطاعات الاقتصاد الإماراتي".

وتشكل الشركات المملوكة لتلك العائلات 90% من القطاع الخاص بالإمارات، والذي يمثل بحد ذاته حوالي ثلاثة أرباع العمالة بالبلد الخليجي.

 

وتعد تلك التغييرات جزءا من حملة الإمارات لجذب المزيد من الاستثمار عبر إصلاحات قانونية واجتماعية تشجع التنافسية، بينها إقرار برامج للإقامة طويلة الأجل، وتخفيف القيود على مساكن غير المتزوجين والتجارة بالمشروبات الكحولية.

 

وتسارعت وتيرة تلك الإصلاحات في أعقاب المنافسة الاقتصادية الناشئة بين الإمارات والمملكة العربية السعودية المجاورة، خاصة بعدما فرضت المملكة تعريفات جمركية على الواردات من دول الخليج وضغطت على الشركات متعددة الجنسيات لنقل مقارها الإقليمية إلى الرياض، كجزء من خططها للتنويع الاقتصادي بعيدا عن إيرادات النفط.

 

وإزاء ذلك، نقلت الصحيفة البريطانية عن مصادر مطلعة أن العائلات التجارية في الإمارات أبدت انزعاجها من سرعة الإصلاحات المقترحة، ومارست ضغوطا على نائب حاكم دبي الشيخ "مكتوم بن محمد آل مكتوم" في هذا الشأن.

 

فالعائلات التجارية في دبي تهيمن على قطاع البيع بالتجزئة الذي يدعم قطاع السياحة المزدهر في الإمارة، والذي عاد للانتعاش بعدما اجتذب التعامل الناجح مع وباء كورونا الزائرين والمقيمين الجدد.

 

ويقول ممثلو شركات تلك العائلات إن الشركات متعددة الجنسيات قد تختار إبرام عقود وكالات جديدة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، مثل السعودية، الأكثر كثافة سكانية، بدلاً من تولي عمليات في سوق الإمارات، التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين شخص فقط.

 

وفي السياق، نقلت الصحيفة البريطانية عن أحد رجال الأعمال قوله: "تعتقد الحكومة أن العلامات التجارية العالمية سوف تغرق البلاد فجأة، ولكن في الواقع ستهيمن وكالات دول مجلس التعاون الخليجي".

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن العائلات التجارية في الإمارات تشكو أيضًا من أن الإصلاحات "المتسرعة" تأتي في وقت تطلب فيه الحكومة من القطاع الخاص توظيف المزيد من المواطنين.

 

وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، قالت الإمارات العربية المتحدة إن الإماراتيين يجب أن يشكلوا 10% من الموظفين في الشركات الخاصة، التي طالما اعتمدت على العمالة الأجنبية الرخيصة.

 

ولذا قال أحد المسؤولين التنفيذيين في مجموعة تابعة لإحدى العائلات التجارية: "تحتاج الحكومة إلى التفكير في علاقتها مع القطاع الخاص، خاصة أنها تسعى الآن إلى فرض المزيد من المطالب علينا".

 

ومع ذلك، تعتقد الحكومة الإماراتية أن فتح تنافسية السوق المحلية سيؤدي إلى خفض الأسعار للمستهلكين، فالمستهلك مستفيد من انتقال النموذج الاقتصادي للإمارات من عقود الوكالة الحصرية المتبعة حاليا إلى نموذج يتبنى انفتاحا على أكثر من موزع.

 

ويرى "الملا" أن العائلات التجارية قامت باستثمارات كبيرة في وكالاتها عن الشركات الأجنبية، و"سيكون من العدل على الأقل منحها بضع سنوات لإيجاد نموذج أفضل أو للحصول على عائد على استثماراتها"، حسب قوله.

 

وأشارت "فايننشال تايمز" في ختام تقريرها إلى أن الإمارات سمحت في السنوات الأخيرة لبعض الشركات الوافدة، مثل "أبل" و"تسلا"، بفتح متاجر خاصة دون وكلاء محليين، لافتة إلى أن الشركات متعددة الجنسيات الأخرى تطلب من شركائها المحليين تغيير اتفاقيات الوكالة إلى مشاريع مشتركة، ما يمنحها مزيدًا من التحكم في التسويق وزيادة عائداتها المحتملة.

 

العائلات التجارية في الإمارات تدرك النهاية الحتمية لاتفاقيات الوكالة القديمة، ولذا باتت توافق على مثل هذه المطالب غالبا.

الكاتب