بعد تركيا.. أبوظبي تدخل على خط ترتيب أوراق القوى السنية في العراق

بعد تركيا.. أبوظبي تدخل على خط ترتيب أوراق القوى السنية في العراق

أفادت مصادر سياسية عراقية، بدخول أبوظبي على خط ترتيب أوراق القوى السنية في العراق، وذلك باستضافة زعيمي أكبر تحالفين "تقدم" بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، و"العزم" بزعامة السياسي خميس الخنجر.

ونقل موقع "عربي21 " الإخباري، عن المصادر السياسية قولها، إن "خميس الخنجر رئيس تحالف العزم (34 مقعدا) وصل أبوظبي، الجمعة الماضية، بترتيب من رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، لإجراء اتفاقات سياسية بين التحالفين برعاية إماراتية".

وأضافت أن "أبرز الاتفاقات التي جرت بين الخنجر والحلبوسي هو إعطاء ولاية ثانية للأخير في رئاسة البرلمان، والذي يعتبر المنصب الأول المخصص للمكون السني في العراق وفقا للعرف السياسي السائد، إضافة إلى الاتفاق على باقي المناصب المخصصة للمكون، ولاسيما نائب رئيس الجمهورية الذي سيكون من حصة الخنجر".

ورجحت المصادر العراقية أن "يكون الاتفاق الذي أبرم بين الطرفين (تقدم، عزم)، جرى بحضور مستشار الأمن الوطني لأبوظبي الشيخ، طحنون بن زايد، الذي سبق أن التقى بشخصيات سياسية سنية، ولاسيما الحلبوسي".

ولفتت إلى أن "دخول أبوظبي على الخط بعد تركيا التي استضافت الحلبوسي والخنجر في أكتوبر الماضي، واجتمع الطرفان بالرئيس التركي، على اعتبار الدولتين أطرافا ضامنة لما يتفق عليه أكبر تحالفين للسنة في العراق، وإبقاء قرار البيت السني موحدا".

وحسب المصادر، فإن "جهود تركيا والإمارات تأتي استكمالات لما جرى البدء به عام 2017 من مشروع إنشاء مرجعية سياسية للسنة في العراق برعاية تركية خليجية أردنية، إلا أنه توقف مع اندلاع الأزمة الخليجية مع قطر في يونيو من العام نفسه".

يأتي ذلك مع إعلان المحكمة الاتحادية، الاثنين، المصادقة على نتائج الانتخابات البرلمانية، التي فاز فيها التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر بـ73 مقعدا، من أصل 329، فيما حصل "تقدم" على 38 مقعدا، يليه ائتلاف "دولة القانون" برئاسة نوري المالكي بـ34 مقعدا.

"خلافات العزم"

لكن تسريبات اللقاء الذي جمع الحلبوسي والخنجر في أبوظبي، أثار حفيظة بعض أطراف تحالف "العزم" بقيادة الأخير، حيث تناقلت وسائل إعلام محلية بيانا نسب إلى القيادي في التحالف خالد العبيدي، رفض فيه أي تدخل خارجي ودعم أي اسم لمنصب رئاسة البرلمان.

وأفاد البيان بأن "الحديث عن اجتماعات تجري خارج العراق بحضور شخصيات قيادية من المكون السني حول إعادة ترتيب البيت السني وتسمية رئيس البرلمان للمرحلة القادمة، ونحن في عزم قياديين وأعضاء فائزين نؤكد أن البيت السني ورئاسة البرلمان هي خيار وطني في الدرجة الأولى كما هو سائر الرئاسات".

وأضاف البيان أن "أي تدخل خارجي بدعم أي اسم لهذا المنصب أو غيره مرفوض من قبلنا ومن قبل سائر قوى الفضاء الوطني، مع تأكيدنا على حقيقة أن الدعم الخارجي لأي اسم إنما يُضعف حظوظه، ويضعه في دائرة الشك والريبة، ونؤكد أننا ماضون في مشروعنا الذي وعدنا به الناخبين".

وعلى ضوء ذلك، نشر القيادي في تحالف "عزم" النائب مشعان الجبوري، تغريدة على "تويتر" الاثنين جاء فيها: "علمكشوف. تأكيدا لما كنا نقوله وينفيه البعض: الشيخ خميس الخنجر زعيم تحالف العزم وصل الإمارات بعد قطيعة دامت ست سنوات في بداية جولة ثنائية تضمه هو والرئيس الحلبوسي تشمل ثلاث دول عربية يبلغان خلالها قادة تلك الدول اتفاقهم على العمل المشترك لما يخدم العراق وأبناء المدن المدمرة".

"الدور الإماراتي"

من جهته، أكد النائب عن تحالف "العزم" محمد نوري العبد ربه اللقاء الذي حصل بين الخنجر والحلبوسي، بالقول: "إن الشيخ خميس الخنجر كان ممنوعا من الدخول إلى الإمارات مدة ست سنوات، ولديه مصالح تجارية هناك، وإن الحلبوسي قد سعى في رفع المنع ونجح".

وأضاف العبد ربه في حديث لموقع "عربي21" أن "الترتيبات السياسية (السنية) جرت داخل العراق وحتى خارجه، لم يكن دور الإمارات فيها بهذا الحجم والمستوى كما يشاع ويتناقله البعض، وإنما كل ما هنالك هو أن تكونوا موحدين في اتخاذ القرارات مجتمعين كمكون سني".

ولم ينف النائب عن "العزم" لقاء الخنجر بمسؤولين إماراتيين، بالقول: "حسب علمي أنه التقى بشخصيات من الدولة الإماراتية، وإلا كيف يستطيع الدخول إلى هذا البلد لولا تدخل من هذه الشخصيات الحكومية الإماراتية".

وفي المقابل، علق عضو ائتلاف "دولة القانون" وائل الركابي: "نحن ضد هذه التدخلات التي من شأنها أن تجعل وصاية من تلك الدول على هذه القوى السياسية، وتوحي وكأنها حالة امتثال من الأخيرة للأوامر الخارجية أكثر من امتثالها للمطالب الشعبية الداخلية التي تنادي بالتغيير وتقديم الخدمات".

وأضاف الركابي: "اليوم جميع الأطراف التي ترفع شعار لا شرقية ولا غربية في تشكيل الحكومة، عليها أيضا أن ترفض تدخلات الإمارات وتركيا وأي دولة خارجية، وكذلك الاعتراض على تدخلات إيران والحديث عن تبعية القوى الشيعية لرؤاها السياسية، وأن تسحب هذه الاتهامات".

وتابع: "اليوم لا نجد هناك ضغطا إيرانيا واضحا على الكتل الشيعية في العراق، لكن هناك بعض الأطراف السنية تتحرك تجاه تركيا والإمارات، وهذا يجعل الوضع معقدا في عملية تشكيل الحكومة العراقية المقبلة".

وأشار الركابي إلى أن "عملية جديدة بدأت اليوم لتشكيل الحكومة بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات وقبولها من الجميع، لكن عندما تتدخل دول خارجية وتفرض إرادات على أطراف تعتبرهم يعملون لصالحها، فهذا أمر يعيق العمل السياسي لمدة أربع سنوات قادمة، ما يجعلنا أمام مهاترات وسجالات كبيرة وتنفيذ لبرامج خارجية".

وأعرب عضو ائتلاف المالكي عن رفضه لـ"جميع التدخلات في الشأن العراقي، سواء من الحرس الثوري الإيراني أو غيره ممن ينتمي إلى أي طرف خارجي، فنحن نريد قرارا عراقيا مبنيا على تفاهمات الأخوية بين الشيعة والسنة والأكراد".

ولفت الركابي إلى أن "التدخل الإماراتي اليوم سيجعل مبررا للتدخل الإيراني غدا، وهذا أيضا سيجعل مبررا للأطراف التركية والسعودية للتدخل في الشأن العراقي، وهذه مشكلة نعاني منها منذ عام 2003 وحتى اليوم".

الكاتب