بلومبرج: عصابات بـ9 دول أفريقية تهرب أطنانا من الذهب الخام إلى الإمارات

بلومبرج: عصابات بـ9 دول أفريقية تهرب أطنانا من الذهب الخام إلى الإمارات

كشفت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أن عصابات في 9 دول أفريقية على الأقل قامت بتهريب أطنان من الذهب نُقِلَت عبر الحدود إلى دولة الإمارات التي قامت بتحويلها إلى سبائك لطمس هويتها.

وقالت الوكالة إنها توصلت إلى تلك المعلومات عبر مقابلات أجرتها مع عدد من المسؤولين الحكوميين في تلك الدول.

ووفق الوكالة، فإن هذا التهريب يُعتَبَر سبباً للقلق الدولي، لأن الأموال من المعادن المهرَّبة من أفريقيا تغذي الصراع وتموِّل الشبكات الإجرامية والإرهابية وتقوِّض الديمقراطية وتسهِّل غسل الأموال.

وبحسب الوكالة، فإنه "في حين أن من المستحيل تحديد الأموال التي يتسبَّب المهرِّبون في خسارتها كلَّ عامٍ على وجه الدقة، تُظهِر بيانات الأمم المتحدة التجارية لعام 2020، تفاوتاً لا يقل عن 4 مليارات دولار بين واردات الإمارات العربية المتحدة من الذهب المُعلَنة من أفريقيا وما تقول الدول الأفريقية إنها صدَّرَته إلى الإمارات".

 

ولطالما شككت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في الدور الواضح لدبي في تسهيل التجارة من خلال إغماض أعينها عن الواردات من مصادر مشكوك فيها، لكن الإمارات من جانبها تنفي بشدة أي تورط في ممارساتٍ غير قانونية.

ولفتت الوكالة إلى أنه "مع اشتداد التدقيق العالمي في حوكمة الشركات، يطرح حجم التهريب الجاري الآن أسئلةً مزعجة بشكل متزايد حول دبي وسمعتها كمركز لتجارة الذهب"، وفق ما ترجمه موقع "عربي بوست".

وبحسب "بلومبرج"، فقد أدَّت المزاعم بأن دبي لا تفعل ما يكفي للقضاء على التدفُّقات المشكوك فيها من المعدن الثمين إلى تراشقٍ خطابي مع لندن، موطن أكبر سوقٍ للذهب في العالم، ومع سويسرا، أكبر بلدٍ للتكرير.

وبينت الوكالة أن "نائب وزير الخزانة الأمريكي، والي أديمو، ناقش المخاوف بشأن تهريب الذهب، مع المسؤولين الإماراتيين خلال زيارةٍ لدبي وأبوظبي في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني"، وذلك وفقا لما نقلته عن شخصين على دراية مباشرة بالموضوع طلبا عدم الكشف عن هويتهما، لأنه غير مسموح لهما بالتحدُّث عن ذلك علناً.

وفي وقت سابق، ردَّ رئيس بورصة دبي للسلع "أحمد بن سليم"، على الاتهامات بشكلٍ مباشر، وقال في مؤتمرٍ بالإمارات: "أريد أن أعالج المشكلة التي يعرفها الجميع، بالتحديد الهجمات المُنسَّقة التي لا أساس لها والتي شنتها على دبي مراكز ومؤسسات تجارية أخرى"، ووصف الاتهامات بأنها "أكاذيب".

وبحسب الوكالة، فإنه إلى جانب السودان، تشكو السلطات في نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزيمبابوي ومالي وغانا وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر من تهريب أطنانٍ من الذهب عبر حدودها كل عام، وتقول إن معظمها يتَّجِه إلى دبي.

ولفتت الوكالة إلى أن الجزء الأكبر من الذهب المُستخرَج يوجه بشكلٍ غير قانوني في أفريقيا إلى دبي من خلال مصافي التكرير بدول مثل أوغندا ورواندا، أو يُنقَل جواً مباشرة في حقائب اليد، غالباً بأوراقٍ مُزوَّرة، وفقاً لمسؤولي الحكومة والصناعة وخبراء الأمم المتحدة وجماعات الحقوق المدنية، وبمجرد الوصول إلى هناك يمكن صهره لإخفاء المصدر قبل تحويله إلى مجوهراتٍ أو إلكترونياتٍ أو سبائك ذهبية.

وامتنعت وزارة التجارة الخارجية الإماراتية عن الردِّ على أسئلةٍ بشأن الذهب من أفريقيا، بينما قال "بن سليم"، في مقابلة، إنّ فرض حظرٍ عالمي على الذهب المحمول باليد على شركات الطيران -وهي وسيلةٌ تقليديةٌ للتهريب- من شأنه أن يحل المشكلة، مضيفا: "لدينا سجل إنجازاتٍ أفضل من أيٍّ من المدن الكبرى".

ويعتبر تهريب الذهب ممارسةً قديمة، لكنها أصبحت مجزية أكثر، حيث ارتفع سعر السبائك إلى مستوى قياسي بلغ 2075 دولاراً للأونصة (28.34 جرام) في أغسطس/آب 2020.

ومنذ ذلك الحين، انطلقت التجارة غير المشروعة بشكل لم يسبقه مثيل في أفريقيا وأصبحت أضعف من أن تكبح جماح هذه التجارة، مثلما يُظهِر تحليلٌ للبيانات المتاحة للجمهور من الحكومات ومصادر أخرى.

وتقدِّر وزارة المالية السودانية، على سبيل المثال، أن 80% من إنتاج الذهب يذهب دون تسجيل.

ومن المقرر أن تشحن رواندا ما قيمته 732 مليون دولار من المعدن النفيس هذا العام، أي أكثر من ضعفين ونصف من قيمة صادراتها لعام 2019، وفقاً لأرقام صندوق النقد الدولي.

وقال مجلس رواندا للمناجم والنفط والغاز في بيانٍ، إن رواندا تعمل على أن تصبح مركزاً إقليمياً لمعالجة المعادن، وهو ما يمثِّل زيادةً في صادراتها.

وأضاف المجلس أن رواندا استثمرت في منشآت جديدة "تستورد المواد الخام من المشغِّلين المحليين والإقليميين بما يتوافق مع المتطلَّبات القانونية والتنظيمية".

وتشير تقارير من الأمم المتحدة ومصادر أخرى إلى أن 95% من الإنتاج من شرق ووسط أفريقيا ينتهي في دبي، وهذه مشكلة محتملة، لأن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية صنَّفَت معظم المنطقة على أنها منطقة صراع أو عالية المخاطر، مما يعني أن الشركات مطالبة بإثبات أن الذهب المستورد مُصدَّرٌ بصورةٍ قانونية وموثوقة.

وأصدر الاتحاد الأوروبي تشريعاتٍ هذا العام تجعله يتماشى مع جهود الولايات المتحدة لوقف التجارة غير الشرعية.

وأظهرت إحصائيات البنك المركزي أن أوغندا، إحدى المصافي الرئيسية في أفريقيا للذهب غير الرسمي أو الحرفي، زادت صادراتها بأكثر من الضعف في هذه السنة المالية، لتصل إلى نحو 2.25 مليار دولار.

الكاتب