منظمات حقوقية تطالب الإمارات بإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية الجديد لما يشكله من انتهاك صارخ للحريات
طالبت 15 منظمة حقوقية السلطات الإماراتية بإلغاء قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية الصادر مؤخراً بموجب مرسوم رئاسي، ورأت فيه حداً لحرية التعبير على الإنترنت بشكل كبير.
وقالت المنظمات في بيان مشترك، إن القانون الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في 2 يناير الحالي ليحل محل القانون الاتحادي السابق رقم 5 لعام 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، لا يعالج الأحكام الإشكالية لسابقه، بل يقيد الحيّز المدني وحرية التعبير داخل البلاد ويحافظ على تجريم الأفعال المحمية بموجب القانون الدولي.
ورأى البيان أن القانون يهدد بشدة الحق في حرية التعبير على شبكة الإنترنت وخارجها، ويقيد بشكل غير ملائم الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي في الإمارات.
وعبرت المنظمات عن قلقها الشديد من المصِطلحات "الفضفاضة والغامضة" المستخدمة في القانون، لا سيما تلك المتعلقة بمسائل "أمن الدولة"، مشيرة إلى أنها تمنح الحكومة سلطة تقديرية مفرطة لتجريم وفرض عقوبات سجن طويلة على الأفراد الذين يمارسون حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.
وأشار البيان إلى أن القانون يسمح بتجريم عمل الصحفيين والمبلغين والنشطاء والنقاد السلميين، ويعرض المنخرطين في أنشطة مشروعة لعقوبات سجن قاسية وغرامات باهظة، داعية السلطات إلى إلغائه أو تعديل أحكامه ليتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وحسب البيان فإن المادة 1 من القانون الجديد، تستخدم تعريفاً غامضاً لمصطلح "المحتوى القانوني"، مشيرة إلى أن التعريف لا يفي بمعايير الوضوح القانوني والقدرة على التنبؤ، ولم يصَغ بدقة كافية للسماح للأفراد بتنظيم سلوكهم وفقًا لذلك.
وقالت المنظمات إن القانون عرف "المحتوى غير القانوني" بأنه ما يهدف إلى "الإضرار بأمن الدولة أو بسيادتها أو أيٍ من مصالحها [...] أو إنخفاض ثقة العامة في [...] سلطات الدولة أو أي من مؤسساتها"، مشيراً إلى أن استخدام المصطلحات الفضفاضة وغير الدقيقة يمكّن السلطات بشكل فعال من حظر جميع أنواع الخطاب عبر الإنترنت التي قد تنتقد السلطات أو حكام الإمارات.
وأوضح البيان أن المادة 53 من القانون الجديد تفرض غرامات ضخمة وكبيرة تتراوح بين 300.000 و10.000.000 درهم (حوالي 81.678 و2.723.000 دولار أمريكي) على أي فرد يستخدم الإنترنت أو حسابًا إلكترونيًا لتخزين "محتوى غير قانوني" أو مشاركته.
وأكدت المنظمات أن القانون يحتوي عقوبات طويلة بالسجن بشكل مثير للقلق، فعلى غرار أحكام القانون السابق، فإن المادة 20 من النص الجديد تفرض عقوبة بالسجن مدى الحياة على أي فرد "أنشأ أو أدار موقعًا إلكترونيًا أو أشرف عليه أو نشر معلومات أو برامج أو أفكار تتضمن أو تدعو إلى قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة"، وبالتالي إسكات وتجريم وحظر أي شكل من أشكال المعارضة السياسية داخل دولة البلاد.
كما أشار البيان إلى أن القانون الجديد يقلص الحيّز المدني، ويحتوي على أحكام يمكن استخدامها لاستهداف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون على تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث داخل الإمارات.
وأعربت المنظمات عن خشيتها من أن القانون سيمكن السلطات من خنق عمل الصحفيين البلاد، موضحة إلى أن المادة 19 منه تحظر نشر ومشاركة أي محتوى أو بيانات أو معلومات "لا تتوافق مع معايير المحتوى الإعلامي الصادر من الجهات المعنية".
إضافة لذلك، أشارت المنظمات إلى عدد من المواد التي تم استخدامها سابقاً ضد المدافعين الإماراتيين عن حقوق الإنسان والنقاد السلميين والمعارضين السياسيين، مثل المادة 22 التي تحظر وتفرض عقوبة بالسجن على استخدام الإنترنت لمشاركة أي منظمة أو مؤسسة، مستندات أو تقارير أو بيانات من شأنها "الإضرار بمصالح الدولة أو أجهزتها الحكومية أو الإساءة إلى سمعتها أو هيبتها أو مكانتها".
وبموجب المادة 44 من القانون، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر كل من"اعتدى على خصوصية شخص أوعلى حرمة الحياة الخاصة أوالعائلية" باستخدام الإنترنت أو أي جهاز إلكتروني لـ"نشر الأخبارأو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات ولو كانت صحيحة وحقيقية بقصد الإضرار بالشخص" ما دفع المنظمات للخشية من أن يمكّن ذلك السلطات من تجريم النقد أو تقييد جميع أشكال الصحافة التي قد تنتقد أي مسؤول حكومي أو عام.
أما المادتان 25 من قانون 2021 التي تجرم "السخرية" أو "الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة أو إحدى سلطاتها أو مؤسساتها أو أي من قادتها المؤسسين أو علم الدولة أو عملتها"، والـ28 التي تعاقب على استخدام الإنترنت لنشر المعلومات أو البيانات التي "تتضمن الإساءة إلى دولة أجنبية"، فقد استخدمتا سابقاً للحكم على المدافع الإماراتي عن حقوق الإنسان أحمد منصور بالسجن 10 سنوات.
وأكدت المنظمات أن ما يحتويه القانون الجديد من تجريم الأفعال الغامضة وغير الدقيقة، مثل "تأليب الرأي العام أو"تكدير الأمن العام"، والتي قد تخضع لتفسير واسع من قبل القاضي، لا تفي بمعايير الوضوح القانوني والقدرة على التنبؤ، وهو ما يتيح المجال لاستخدام مثل هذه المصطلحات الفضفاضة لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمبلغين عن المخالفات والصحفيين أو النشطاء الذين يسعون لنشر معلومات قد لا تتماشى مع المصالح السياسية للدولة أو حكامها، وهو ما يؤدي إلى تقييد الحيّز المدني الصغير أصلاً في الإمارات.
وبالإضافة لـ "مركز مناصرة معتقلي الإمارات"، شارك في البيان منظمة مراسلون بلا حدود (RSF)، منظمة المادة 19 (Article 19)، الحملة الدولية للحرية في الإمارات (ICFUAE)، المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان(ECDHR)، أكسس ناو (Access Now)، القسط لحقوق الانسان، أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB)جمعية ضحايا التعذيب في الإمارات (AVT-UAE)، سيفيكوس (CIVICUS)، الديمقراطية الآن للعالم العربيDAWN) )، مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR) ، المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان (ICJHR)، الخدمة الدولية لحقوق الإنسان (ISHR)، ومنّا لحقوق الإنسان (MRG)