إنسايد أرابيا: طرد صحفية يسلط الضوء على تواطؤ الإمارات مع الهند في قمع المسلمين
سلط تقرير لموقع " إنسايد أرابيا" المهتم بقضايا الخليج العربي والشرق الأوسط ما وصفه بحالة التواطؤ بين أبوظبي مع السلطات الهندية التي تمارس سياسة القمع والعنصرية ضد مواطنيها المسلمين ومواطني إقليم كشمير المسلم..
ويضيف الموقع " لا يوجد دولة ذات غالبية مسلمة أضرت بحقوق وسلامة المجتمعات المسلمة في جميع أنحاء العالم أكثر من دولة الإمارات في عهد ولي عهد أبوظبي الشيخ "محمد بن زايد"".
لم تكتفِ الإمارات بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني فحسب، بل أيدت وساعدت أيضًا في اضطهاد الصين للإيجور المسلمين، وسلحت أمير الحرب العنيف الجنرال السابق "خليفة حفتر"، الذي ارتكب جميع أنواع الفظائع ضد الليبيين المؤيدين للديمقراطية والمناهضين للديكتاتورية؛ بالإضافة إلى قصفها واستعمارها لليمن.
كما أبدت الإمارات موافقتها على المشروع الاستعماري الاستيطاني الهندوسي في كشمير، حيث قتلت القوات الهندية ما يزيد عن 100 ألف مسلم منذ عام 1990.
والآن يمكنك إضافة انتهاك أخلاقي آخر إلى قائمة الإمارات الطويلة للأفعال الغادرة، حيث انكشفت حقائق تشير إلى أن الدولة الإماراتية تساعد الحكومة الهندية القومية الهندوسية في التستر على انتهاكاتها لحقوق الإنسان ضد سكان البلاد المسلمين البالغ عددهم 200 مليون نسمة، ويأتي هذا في وقت يحذر فيه دعاة حقوق الإنسان من إبادة جماعية تلوح في الأفق ضد الأقلية الدينية المسلمة.
وفي 31 يناير/كانون الثاني، أنهت مجلة "فوربس الشرق الأوسط" ومقرها دبي توظيف الصحفية المولودة في الهند "راشيل شيترا"، بعد يومين من نشر معهد "رويترز" في جامعة أكسفورد بحثها حول جرائم الكراهية في الهند.
ويُظهر تقريرها التصاعد السنوي في قيام الغوغاء بأعمال القتل والعنف ضد المسلمين والأقليات الأخرى منذ وصول "ناريندرا مودي" إلى السلطة في عام 2014.
ووجد بحث "شيترا" أن الغالبية العظمى من جرائم الكراهية خلال الفترة من 2014 إلى 2020 استهدفت المسلمين وطائفة الداليت من قبل الجماعات اليمينية والأفراد في الولايات التي يحكمها حزب "مودي" السياسي؛ حزب "بهاراتيا جاناتا".
وقالت "شيترا" إنها شعرت بأن عليها تجميع قاعدة بيانات لجرائم الكراهية بعد أن أُعدم فتى مسلم يبلغ من العمر 15 عامًا وطعن حتى الموت على أيدي الغوغاء القوميين الهندوس في دلهي في 17 يونيو/حزيران 2017.
وكتبت: "بالنسبة لي، شعرت كما لو أن هناك هند جديدة ظهرت منذ ذلك اليوم، مع ظهور المزيد من التقارير حول أعمال القتل والاغتصاب للمسلمين والداليت في وسائل الإعلام يوميًا. بناء على التغطية، بدا أن هناك بالتأكيد زيادة في العنف. لكن لم تكن هناك بيانات حول ذلك".
وفي 3 فبراير/شباط، بعد يومين من نشر بحث "شيترا"، تمت إزالتها من مجموعات "واتس آب" التي تديرها "فوربس الشرق الأوسط". وقالت مجلة "أرتيكل 14" التي تتخذ من الهند مقراً لها، في وقت لاحق من ذلك اليوم، أنها فُصلت دون إشعار أو مقابلة خروج، على الرغم من شغلها لمنصبها في الشركة لمدة 3 سنوات بسجل لا تشوبه شائبة.
ورفضت "فوربس الشرق الأوسط" طلبات التعليق من كل من مجلة "أرتيكل 14" وموقع "إنسايد أرابيا".
هناك علاقة أكيدة بين إقالة "شيترا" وتعمق العلاقات بين الإمارات ونيودلهي، ومن الجدير بالذكر أن "مودي" حصل على أعلى وسام مدني تمنحه الإمارات -وسام زايد- في عام 2019، تقديراً لجهوده في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية آنذاك إن "الجائزة التي تحمل اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الأب المؤسس لدولة الإمارات، تكتسب أهمية خاصة مع منحها لرئيس الوزراء مودي في عام الذكرى المئوية لميلاد الشيخ زايد".
لم يؤد تعزيز العلاقات بين "مودي" و"محمد بن زايد" إلى التعاون والصفقات المتعلقة بالاستخبارات والدفاع والبنية التحتية فحسب، بل عزز أيضًا استعداد الإمارات لوضع غطاء دبلوماسي على قمع الحكومة الهندية للأقلية المسلمة.
وعندما أدان المجتمع الدولي "مودي" وحزب "بهاراتيا جاناتا"، بعد أن حرض قادته على أحداث شغب دلهي، التي تسببت في تعرض 51 مسلمًا للانتهاك أو الحرق أو القتل بالرصاص على أيدي متطرفين هندوس في فبراير/شباط 2000، نشرت صحيفة "جلف نيوز" الإماراتية الناطقة بالإنجليزية افتتاحية وقحة بعنوان "أوقفوا لوم مودي على أعمال شغب دلهي وكل الأشياء الشرّيرة في الهند."
لم يلق المقال فقط بلوم متساوٍ على الضحايا المسلمين، بينما يزيل مسؤولية الجاني عن العنف ولكنه أيضًا برأ الحكومة الهندية من كل الذنب بالقول: "حتى لو فكرت لثانية واحدة بمسؤولية رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن سفك الدماء هذا، ففكر مرة أخرى".
كما أهملت "جلف نيوز" التي تتخذ من دبي مقراً لها حقيقة أن الولايات المتحدة قد فرضت حظراً على دخول "مودي" إلى البلاد لدوره في التحريض على أعمال شغب غوجارات عام 2002، والتي خلفت أكثر من ألفي قتيل مسلم، وهي مذبحة أكسبته لقب "جزار ولاية غوجارات".
قبل عامين، جادلت صحيفة "ذا برينت" الهندية أن جذور العلاقة المزدهرة بين الهند والدولة الإماراتية ترجع إلى تواطؤ "مودي" في اختطاف الأميرة "الشيخة لطيفة" ابنة حاكم دبي الشيخ "محمد بن راشد آل مكتوم"، حيث أخذها الكوماندوز الهندي بالقوة من يخت قبالة شواطئ جوا في عام 2018، قبل إعادتها إلى الإمارات لوالدها المسيء، وهو رجل أدين بسجن زوجاته وإساءة معاملة بناته.
وذكر كاتب العمود الهندي "جيوتي مالهوترا" أنه يمكنك "الربط بين إعادة الهند لأميرة دبي الشيخة لطيفة إلى الإمارات قبل عامين وبين انحياز دول الخليج إلى جانب دلهي في كل شيء بداية من النفط وحتى كشمير".
في الآونة الأخيرة، غرزت الإمارات "سكينًا في ظهر 8 ملايين مسلم كشميري" عندما وقعت دبي اتفاقاً مع الحكومة الهندية في أكتوبر/تشرين الأول 2021 لبناء سلسلة من مشاريع البنية التحتية في كشمير المتنازع عليها. وتشمل الصفقة التي تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار إنشاء مجمعات صناعية ومراكز لوجستية وأبراج لتكنولوجيا المعلومات وكلية طبية ومشفى متخصص.
لا تقتصر هذه الاتفاقية على تطبيع الحكم الاستعماري الهندي وإلغاء الوضع شبه المستقل للأراضي ذات الأغلبية المسلمة، ولكنها تأتي أيضًا في وقت يتعرض فيه السكان لمجموعة من الأعمال الوحشية على أيدي مليون جندي هندي، بما في ذلك انقطاع الاتصالات وحظر التجول والاعتقالات التعسفية والقتل خارج نطاق القضاء وتزييف عمليات القتل كأنها حدثت خلال مواجهات والمزيد.
لإخفاء هذه الجرائم، شنت الهند حملة قمع ضد الصحفيين في كشمير، حيث أغلقت مؤخرًا مكتب "نادي كشمير الصحفي" واعتقلت صحفيين بارزين لانتقادهم الحكومة والجيش الهنديين.
وفي ضوء ذلك، يشير طرد الصحفية الهندية المقيمة في دبي "راشيل شيترا" إلى أن الإمارات تساعد وتحرض الحكومة الهندية في حملتها لإسكات أولئك الذين يبلغون عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الكراهية ضد الأقلية المسلمة في البلاد.
وفي الوقت ذاته، تعمل السعودية (التي يمكن القول إنها الدولة الأكثر إسلامية في العالم) على توسيع العلاقات مع الهند المعادية للإسلام، وقد التقى الفريق الركن "فهد بن عبدالله محمد المطير" وقائد الجيش الهندي الجنرال "مانوج موكوند نارافاني" يوم 15 فبراير/شباط لمناقشة زيادة العلاقات العسكرية.
وفي عام 2021، كانت الهند "ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة" في الأرباع الثلاثة الأولى من العام، وأعرب المنتقدون عن قلقهم بشأن التحالف السعودي الهندي، ومع ذلك فمن الواضح أن الدبلوماسية الدفاعية والتنمية الاقتصادية هي الأولوية القصوى للمملكة.
ومن ثم؛ ففي حين يحذر الخبراء من أن الإبادة الجماعية في الهند وشيكة، فإن "مودي" يعقد الصفقات مع الدول الإسلامية هنا وهناك، ويكسب ولاءهم الاقتصادي الذي يصمت عن انتهاكاته، ويقضي على فرص وقف أجندة الهند المعادية للإسلام قبل فوات الأوان.