"ذي انترسيبت": غضب أمريكي من مواقف الإمارات تجاه غزو أوكرانيا
تحدث موقع "ذي انترسيبت" في مقال لكين كليبنستين عن الغضب الأمريكي من موقف دولة الإمارات العربية المتحدة. وقال إنه وسط الشجب الدولي للعدوان الروسي ضد أوكرانيا، وجد الرئيس فلاديمير بوتين وقتا في 1 آذار/مارس للاتصال مع نظير أثبت مصداقيته وهو ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.
وبناء على النسخة التي نشرها الروس، ووردت في تقرير بلومبيرغ، أكد الشيخ محمد بن زايد "على حق روسيا للدفاع عن نفسها" وهو تنازل غير عادي لموسكو. وتم حذف هذا الاستشهاد بملاحظة في النسخة المعدلة من التقرير "تعديل من الفقرة الخامسة في البيان الإماراتي". وعندما أصدرت الإمارات بيانها عن المكالمة لم تظهر فيها عبارة حق الدفاع عن النفس. واعتمدت بلومبيرغ البيان الإماراتي.
ومع وجود إمكانية لتشويه الروس ما ورد في المكالمة إلا أن التعاطف الإماراتي مع موسكو بشأن النزاع في أوكرانيا ليس سرا. فقد طلبت صحيفة "ذا ناشونال" التي تملكها الإمارات من موظفيها الأجانب عدم الإشارة للهجوم الروسي على أوكرانيا بـ "الغزو" وذلك حسب مذكرة داخلية نشرها مراسل صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية كامبل ماكديرميد و"حصلت عليها لأن العاملين في المكتب الأجنبي شعروا بالإحباط من التدخل في التحرير" حسبما نقل عنه موقع "ذي انترسيبت"، مضيفا: "أتخيل أن وزير الخارجية أو شخصية مماثلة أعطت التوجيه إلى رئيسة التحرير مينا العريبي". وعندما طلب من العريبي التعليق على المذكرة لم تنف وجودها لكنها أحالت المراسل على مقال نشرته الصحيفة قبل يوم من نشر تقرير ماكديرميد والذي وصفت فيه الصحيفة الهجوم الروسي بالغزو.
وجاءت المكالمة من بوتين بعد أقل من أسبوع على امتناع أبو ظبي عن التصويت في مجلس الأمن لصالح قرار يدين الغزو الروسي. وفي الوقت الذي شجب فيه العالم الأوليغارش الروس وعاقبهم يجدون ترحيبا دافئا في الإمارات، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، كما ورفض المسؤولون السعوديون والإماراتيون تلقي مكالمات من الرئيس الأمريكي جو بايدن أثناء الأزمة الأوكرانية.
وجاءت هذه بعد تعاون السعودية والإمارات مع روسيا لزيادة أسعار النفط، بشكل رفع أسعار الغاز الطبيعي لمستويات غير مسبوقة منذ عدة سنوات وحصلت على مكافأة من خلال الأرباح والتي ستقوض أثر مجموعة من العقوبات التي فرضت ضد موسكو.
ويعلق الكاتب أن التحركات هذه هي الأخيرة في التقارب بين الإمارات وروسيا، مما يشير إلى إعادة اصطفاف يهدد بقلب عقود من العلاقات الدافئة بين واشنطن وأبو ظبي. وأخبر دبلوماسي سابق وباحث في مركز أبحاث الموقع أن الدبلوماسيين الأمريكيين متأكدون أن روسيا والإمارات توصلتا إلى اتفاق قبل التصويت على مشروع قرار دعمته الولايات المتحدة في 25 شباط/ فبراير تمتنع بموجبه الإمارات عن التصويت ضد روسيا في الأمور المتعلقة بأوكرانيا مقابل دعم روسيا للإمارات في الأمور المتعلقة باليمن. ونفت سفيرة الإمارات بالأمم المتحدة لانا زكي نسيبة حصول هذه المقايضة.
وفي 28 شباط/ فبراير دعمت روسيا الإمارات في قرار لمجلس الأمن يعتبر حركة الحوثيين في اليمن إرهابية.
ورفض ريتشارد ميتنز، المتحدث باسم الحكومة الإماراتية الرد على عدد من المكالمات من الموقع للتعليق.
وعبر عدد من الدبلوماسيين الذين تحدث معهم الموقع عن ردود أفعال تتراوح ما بين الشعور بالخيبة والخيانة من الإمارات.
ونقل الموقع عن عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب والنائبة الديمقراطية عن مينيسوتا إلهان عمر قولها: "لقد حان الوقت للاستغناء عن الوهم الذي يرى في الإمارات شريكا أمنيا موثوقا للولايات المتحدة. وما بين نقلهم الأسلحة الأمريكية المنشأ إلى جماعات إرهابية في اليمن إلى رفضهم شجب حرب بوتين غير الشرعية في أوكرانيا، فمن الواضح مرة بعد أخرى أنهم لا يشتركون معنا بالقيم أو حسنا الأمني".
وقالت: "كان على إدارة بايدن وقف مبيعات ترامب لأف-35 والمسيرات بناء على حقوق الإنسان وحماية المدنيين في اليمن. ولأنهم لم يفعلوا (الإدارة) فآمل أن يعطيهم هذا دفعا لوقفها حالا"، وكانت تشير إلى صفقة الأسلحة التي وافقت عليها إدارة ترامب لبيع الإمارات معدات عسكرية متقدمة بما فيها أف-35 بقيمة 23 مليار دولار. وقال مساعد ديمقراطي بارز نفس الكلام "عندما ننظر إلى الحجم الكبير من الدعم وحتى الاحترام الذي قدمته الولايات المتحدة للإمارات فامتناعهم عن التصويت مخيب للأمل".
وبالإضافة للكونغرس، فقد عبر مسؤولو الأمن القومي عن غضبهم من موقف الإمارات في مجلس الأمن: "بدعمها موقف روسيا في أوكرانيا، تظهر الإمارات الجحود المذهل لأمريكا التي قدمت الأمن للخليج في الخمسين عاما الماضية" كما يقول روبرت باير، الضابط المتقاعد في سي آي إيه و"لا تنس الدم الذي ضحى به الأمريكيون".
ويعمل الجيش الأمريكي كضامن للإمارات ضد التهديدات الإقليمية من أعداء مثل إيران والمتمردين في اليمن. وعندما أطلق الحوثيون في كانون الثاني/يناير صواريخ ضد قواعد عسكرية في الإمارات مما هدد حياة الجنود الأمريكيين هناك كانوا هم من اعترضوا الصواريخ الحوثية. وكان هذا جزءا من مساعدة أمريكية حيث أرسلت سربا من مقاتلات أف-22 والمدمرة "يو أس أس كول" وزيارات شخصية من قائد القيادة المركزية الجنرال كينيث ماكنزي. وكما قال مسؤول أمريكي بارز معلقا: "لم تكن صفقة سيئة لهم" و"بل دعا (الرئيس الإيراني إبراهيم) رئيسي إلى وقف إطلاق النار" مشيرا إلى أن الخليجيين يتلاعبون بمهارة بطريقة تناسب مصالحهم أو يعزفون على الكمان كما يحلو لهم.
ويرى الكاتب أن التوترات ليست جديدة مع الدولة الخليجية التي تنفق ببذخ على شركات العلاقات العامة التي توظف مسؤولين أمريكيين سابقين مما حماها من النقد رغم سجلها في حقوق الإنسان بما فيها جرائم حرب في اليمن وسجن الناشطين في الداخل.
وفيما يتعلق بمجلس الأمن الدولي استعانت الإمارات بعدد من الخبراء الإستراتيجيين في الاتصالات من أجل الدفاع عن مصالحها في الأمم المتحدة، حسب دبلوماسي عمل في الأمم المتحدة. وأكدت سجلات الكشف عن العمل لصالح دول أجنبية المسجلة في وزارة العدل أن الإمارات وقعت اتفاقيات مع مجموعة غلوفر بارك، وهي شركة علاقات عامة مقرها في واشنطن ويديرها عدد من المسؤولين الديمقراطيين السابقين.
واستعانت الإمارات بمسؤولين سابقين لسامنثا باور التي تدير وكالة التنمية الدولية الأمريكية. وفي سلسلة من المناشدات ذهبت إدارة بايدن إلى أبعد لتوضيح موقفها من أوكرانيا. وفي 4 كانون الثاني/يناير وقبل الغزو بشهر تحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع نظيره الإماراتي وأكد له أهمية الملف الأوكراني للإدارة. وفي 23 شباط/فبراير وقبل يوم من الغزو أثنى وزير خارجية الإمارات على "قوة ومتانة" العلاقة مع موسكو واهتمامها بتوسيع التعاون. وفي اليوم التالي تحدث بلينكن مع وزير الخارجية الإماراتي وشجب الفعل الروسي وأنه "غزو مدبر وغير مبرر أو مستفز ضد أوكرانيا وأهمية بناء رد دولي قوي لدعم سيادة أوكرانيا عبر مجلس الأمن الدولي".
ورغم هذا قررت الإمارات في 25 شباط/ فبراير الامتناع عن التصويت إلى جانب الصين بشكل أثار غضب المسؤولين الأمريكيين. وفي 28 شباط/فبراير تحدث وزير الخارجية الإماراتي مع نظيره الروسي وناقشا "تطوير العلاقات الروسية- الإماراتية الشاملة".
وقال تريستا بارسي من معهد كوينسي إن "تصويت الإمارات في مجلس الأمن كشف عن أن العلاقة الأمريكية- الإماراتية هي شارع من اتجاه واحد، تقدم فيها الولايات المتحدة تضحيات ضخمة لهذه الدولة الديكتاتورية الصغيرة ولا تحصل منها حتى على التضامن في مجلس الأمن الدولي. وفي النهاية لا يلام الإماراتيون الذين يبحثون عن مصالحهم القومية بل اللوم علينا لأننا لا نبحث عن مصالحنا".