تقرير: ما يعنيه توجه أبوظبي وموسكو لإنشاء كيان جديد للمعارضة السورية

تقرير: ما يعنيه توجه أبوظبي وموسكو لإنشاء كيان جديد للمعارضة السورية

أظهرت روسيا منذ بدء المحادثات "السورية" في جنيف ابريل الماضي، أنها بدأت تخرج عن المألوف وترفض الاعتراف بـمن يمثلون الشعب السوري الممثلين بمعارضيه. وظهر واضحاً في حديث وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حين تحدث عن استبدال وفد "الهيئة العليا للمفاوضات"؛ ويبدو أن هذا ما تحضر له موسكو منذ مُده.

وهو ما كشف موقع "انتلجنس أون لاين"، الفرنسي الاستخباري، في نشرته الأخيرة، أن موسكو والقاهرة ترغبان بإنشاء كيان بديل للمعارضة السورية، بدعم من أبو ظبي والجزائر.

وقال الموقع المخابراتي إن روسيا تفرض بهدوء منطقها الدبلوماسي والعسكري في دمشق. ويظهر أن موسكو تتمتع بحرية أكبر من أي وقت مضى لتملي شروطها في سوريا، وفقا لما أفاد به الموقع. 

وأشار الموقع الفرنسي إلى إن هذا الكيان من المرجح أن يكون برئاسة نائب وزير الوزراء السابق قدري جميل، الذي لجأ إلى المنفى في موسكو في 2013 وأحمد الجربا، الرئيس السابق للائتلاف الوطني المعارض ورئيس حزب "الغد السوري". وهو الكيان الذي أنشأته الإمارات.

وخلال الجولة الأخيرة من المفاوضات في جنيف الشهر الماضي، تمكن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، من دفع الأطراف للتخلي عما كان شرطا غير قابل للتفاوض من الغرب والمعسكر السني، وهو رحيل بشار الأسد.

ولم تكن المسألة مطروحة حتى على جدول أعمال الاجتماع. ذلك أن ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، محمد علوش، ممثل الهيئة العليا للتفاوض، ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة لا يمكنهم أن يفعلوا أكثر من مسايرة ما تريده روسيا. ويبدو وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الذي أرسل على عجل إلى سويسرا لإعادة تثبيت وقف إطلاق النار في حلب، بلا حول ولا قوة في وجه النفوذ الروسي اليوم.

 

الدور الإماراتي 

ومع زحمة الأطراف المؤثرة، لم تبرز الإمارات داعمة لفصائل ذات قوة وتمثيل على الأرض، وربما أكثر عملها كان وراء الكواليس بالتنسيق مع الأردن وروسيا. لكن تركز نفوذها وارتبط أكثر بشراء ولاءات وذمم مشبوهة محسوبة، ظاهرا، على الثورة والمعارضة السياسية، وعاكست في هذا تحركات قطر وتركيا، حيث ترى فيهما خصمين لدعمهما الإخوان وقربهما من الإسلاميين، عموما، وهي لا تخفي هذا، بينما تحاول تحاشي التعارض الظاهري مع السعودية أملا في كسبها لصفها أو على الأقل تحييدها في صراع المحاور.

وأسست الإمارات لـ"الجربا" حزب، تيار الغد السوري، وأطلق في القاهرة في مارس الماضية وإلى جواره العقيد محمد دحلان، مستشار ولي عهد أبو ظبي، بحضور غريب ولافت لممثل عن السفارة الروسية في القاهرة، ويمثل فيها واجهة نفوذ وتأثير الإمارات، وتحديدا محمد بن زايد، الأمير الأكثر شراسة وغطرسة وعداء في جبهة الثورات المضادة.

وعقب ذلك بات من المستحيل عدم تجاهل تأسيس الجربا منذ فترة قصيرة، لما يسمى "قوات النخبة"، والتي قال إنها ستحارب في محافظة الحسكة شرق سوريا ضد تنظيم داعش، إضافة إلى إعلانه استقالته من الائتلاف السوري المعارض، والهيئة العليا للمفاوضات، واستباقه للحديث عن أي ملفات فساد وارتباطات استخبارية تتعلق باسمه وبفترة تواجده في الائتلاف والهيئة، بل وقبلهما، بإطلاق عدة فقاقيع تمويهية ضد شخصيات سورية معارضة. 

 

الدور المصري الإماراتي

فالجربا لم يعلن عن أن "قوات النخبة" ستحارب إلى جانب قوى المعارضة السورية ضد النظام السوري وتنظيم داعش، بل قال إنها ستقاتل تنظيم الدولة فقط، أي أنها ستكون على حلف إلى جانب النظام السوري والمليشيات الطائفية التي تقاتل إلى جانبه، ليكون قائدًا لميليشيا تتبناها موسكو، لكن بربطة عنق من باب التنويع في وجوه التشبيح. 

بسام جعارة الكاتب والسياسي السوري علق تلك الفترة على صفحته في تويتر بالقول: " تيار الغد برئاسة أحمد الجربا لا يحتاج إلى شرح أهدافه ما دام الإعلان عن تأسيسه تم في القاهرة وبرعاية محمد دحلان والسفير الروسي"

ويوم الأربعاء الماضي (3/5) حظي "الجربا" باستقبال رسمي مصري من قبل وزير الخارجية سامح شكري، في مقر وزارة الخارجية في العاصمة المصرية القاهرة. وهي زيارة غير بريئة كما رآها مراقبون خاصّة وأنّ الزائر يتّهمه البعض بعلاقته الوطيدة مع أبوظبي و موسكو، ويبدو أن الزيارة تناقش أن يكون الرجل هو رجل المعارضة من جهة التحالف الرباعي"مصر-الأردن- الإمارات- روسيا".

وكشفت مصادر دبلوماسية أواخر العام الماضي، عن دور للجربا بتنسيق مع القاهرة وموسكو وأبوظبي في تشكيل مجلس عسكري، يهدف إلى إجراء محادثات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، خلال مرحلة معينة.

 

خليفة حفتر السوري

كما وصف المحلل السياسي السوري، ياسر سعد الدين، أحمد الجربا رئيس الإئتلاف السوري السابق بأنه خليفة حفتر سوريا، حيث قال” سعد الدين” في تغريدة له علي موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” “دحلان الجربا، القوارض على أشكالها تقع, الجربا حفتر سوريا، من بلاد تنتج الحفر والموت والحفاتر”.

وأضاف “تعب العالم من المتابعة والمراقبة، ولكن شعب سوريا لم يتعب, صامد معطاء وفاء للشهداء وللحرية الحمراء. بلد مبارك وشعب عظيم! الثورة مستمرة”.

دخول الإمارات بوكلائها ورجالها على خط الثورة يشير إلى أن التحرك التخريبي، الذي عُرفت به منذ ثورة مصر، انتقل إلى مستوى سياسي وميداني أكثر بروزا، وهذا له علاقة بخطة التسوية التي يُدفع بها أسرع من أي وقت مضى، وهو مُؤذن بدخول الصراع مرحلة أكثر تعقيدا وتضاربا.

بروز الجربا ودحلان في القاهرة خلط الأوراق وأربك المعارضة فمن الواضح أن موسكو وأبوظبي تُعد الجربا ليكون رأس معارضة جديدة تفرضه موسكو فقد ضم معارضين بارزين للنظام السوري مثل بهية مارديني، وعمار القربي، وهو بديل ترى فيه موسكو، سندًا لها في محاربته للإرهاب، وبذلك يكون أصبح لها أكثر من ذراعٍ عسكري في سوريا، ما يجعلها تشكل وفدًا جيدًا، غير الوفود السابقة التي ضمت قدري جميل، وهيثم مناع، نموذج المعارض المحبب لأسد، فالجربا يسير على قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" تجاه الأسد ونظامه، وهو ما تؤكده زيارات لـ"الجربا" لدول مؤثرة بمساندة إماراتية يرى هذا النحو، وستقبل هذه المعارضة الجديدة ببقاء الأسد في مستقبل سوريا لمرحلة جديدة.

واستنادا لمصادر "انتلجنس أون لاين" في بيروت فمن الناحية العسكرية، تمسك موسكو اليوم بكل الأوراق. هناك معلومات تفيد أن وزير الدفاع الروسي قد وضع خططا لاستعادة السيطرة على حلب دون الأخذ بعين الاعتبار رد فعل واشنطن وأطراف المفاوضات في جنيف. ذلك أن قائد عمليات الجيش الروسي في سوريا، اندريه كارتابولوف، قدم برنامج لحلفاء موسكو في قاعدة "حميميم" العسكرية في ريف اللاذقية خلال الأيام الأخيرة.

 وقد اطلع "كارتابولوف" أيضا الجنرال قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس، القوة العسكرية للحرس الثوري الإيراني، وماهر الأسد الشقيق الأصغر لحاكم دمشق بشار بالخطة، وكُلف العقيد سهيل حسن "النمر"، الذي يعمل في تعاون وثيق مع طهران، بشن الهجوم البري، بينما يتولى رئيس إدارة المخابرات الجوية السورية، جميل حسن، الإشراف على قيادة الهجمات الجوية على حلب.

الكاتب