إيكونوميست: زيارة الأسد إلى الإمارات دليل على تراجع تأثير أمريكا على حلفائها
"استقبال رئيس النظام السوري بشار الأسد في الإمارات، دليل على تراجع التأثير الأمريكي على حلفائها".. هكذا تحدثت مجلة "إيكونوميست" الأمريكية، عن الزيارة التي قام بها "الأسد"، الأسبوع الماضي إلى الإمارات، ولقائه قادتها.
المجلة وصفت في تقريرها: "جاء الربيع لبشار.. الديكتاتور السوري المنبوذ يعود إلى العالم العربي"، الزيارة بأنها "متوقعة وصادمة"، لأن الإمارات قضت السنوات السابقة وهي تقوم بمحاولات تقارب معه.
وبخصوص التوقع، فلفتت المجلة إلى أنه في عام 2018 أعادت الإمارات فتح سفارتها في سوريا، التي أُغلقت مثل بقية السفارات العربية في الأيام الأولى للثورة.
ولاحقا، سافر وزير الخارجية الإماراتي "عبدالله بن زايد"، إلى دمشق، والتقى مع "الأسد".
وكان الإماراتيون أقل رغبة من غيرهم برمي "بشار" من النافذة، فقد خافوا أن تغييرا للنظام في دمشق، سيمنح الإسلاميين فرصة للعودة إلى السلطة.
والصادم في الزيارة، والحديث للمجلة الأمريكية، هو "التوقيت"، فتاريخ 18 مارس/آذار كان الذكرى الـ11 للتظاهرات الأولى في مدينة درعا جنوبي سوريا، وهو تاريخ يراه السوريون بداية لانتفاضتهم. والرمزية في التوقيت لم تفت الكثيرين، وجاءت الزيارة في وقت شنت فيه روسيا حربا ضد أوكرانيا، مستخدمة نفس الأساليب التي جربتها في المدن السورية لدعم نجاة "الأسد".
وكانت سوريا واحدة من 5 دول صوتت ضد قرار في الأمم المتحدة يشجب الغزو الروسي.
وتقول المجلة إن الإمارات ترى أن عزل "الأسد" لم ينجح، "جعله منبوذا لم يفشل فقط، بل زاد من اعتماده على إيران".
وكانت روسيا حاجزا ضد التأثير الإيراني في سوريا، لكنها انخرطت في حرب جديدة في أوكرانيا، وتعاني من عقوبات قاسية، وسيتراجع تأثيرها.
ويجادل الإماراتيون (ودول عربية أخرى) أنه يجب عليهم ملء الفراغ.
ودعت الإمارات لإعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية، حيث عُلقت عضويتها في عام 2011، لكن الدول الغربية غير راضية، ولم تتغير سياستها الرامية لعزل "الأسد"، والذي قتلت حربه أكثر من نصف مليون تقريبا وشردت 13 مليونا.
وعندما سئل الإماراتيون عن استقبالهم لـ"الأسد"، وأنهم يعززون من قوته، ردوا بسلسلة من مظاهر الفشل الغربي، مثل تراجع الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" عن خطه الأحمر ضد "الأسد" إذا استخدم السلاح الكيماوي عام 2013.
وأضافوا أن بقاء "الأسد" في السلطة، هو في النهاية جاء نتيجة للسياسة الغربية.
وهذه الاتهامات ليست بدون قيمة أو جدوى، فالحكومات الغربية دعت لسقوط "الأسد"، عام 2011، لكن دعمها للمتمردين الذين كانوا يحاولون التخلص من "الأسد" ظل مترددا.
ولم تؤد العقوبات المؤلمة التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا على الديكتاتور لتغيير سلوكه.
ويناقش عدد من معارضي النظام، أن العقوبات زادت من معاناة الناس. وتعلق المجلة أن الإماراتيين فسروا بدقة سبب استقبالهم لـ"الأسد"، لكنهم لم يقدموا تفسيرا واضحا عما يمكن تحقيقه من الزيارة.
فهو يريد تجارة وإعادة بناء بلاده المحطمة، فسوريا تبدو مكانا رهيبا للاستثمار، لكن هناك بعض المشاريع قد تكون مربحة، فشركة موانئ دبي العملاقة راغبة بالاستثمار في طرطوس على البحر الأبيض المتوسط، المنطقة الهادئة من سوريا.
وسواء اشترى الإماراتيون موافقة "الأسد"، فإنه مثل والده الذي حكم ما بين 1971 -2000، ماهر في استخدام ورقة إيران والدول العربية.
ونظام "الأسد" ليس لديه مودة تجاه دول الخليج، فقد وصفهم مرة بأنهم "أشباه رجال" لفشلهم في دعم "حزب الله" اللبناني في حربه ضد إسرائيل عام 2006.
ولا يوجد ما يدعو للثقة أن مال الإعمار والمساعدات ستدفع "الأسد" إلى رمي حُماته الإيرانيين أو أن سوريا الديكتاتورية والفاسدة ستكون عامل استقرار وخير للمنطقة.
وحول موقف أمريكا من الزيارة، تقول المجلة، إنه في الماضي، كان من الصعب تخيل دول الخليج تتصرف بطريقة لا ترضي أمريكا، فالإمارات محبطة من الولايات المتحدة، لأنها تريد ترك المنطقة.
وأضافت: "أمريكا ليست غائبة، ولكن سياستها غير متماسكة، وتريد نهاية الأسد، لكنها سمحت له بالبقاء، كما أن سياستها من إيران تتغير في كل عام".
وسبق أن تعهد الرئيس الامريكي "جو بايدن"، بجعل السعودية "دولة منبوذة"، حتى احتاج إليها، لكي يخفض من أسعار النفط.
وتعتقد الإمارات أنها ليست بحاجة لاتباع خط الولايات المتحدة عندما تبدو متعرجة.
وبعد أيام من استقباله "الأسد"، سافر ولي عهد أبوظبي الشيخ "محمد بن زايد"، إلى شرم الشيخ في مصر والتقى زعيمي مصر وإسرائيل في قمة ثلاثية، وتمت مناقشة كل شيء من أسعار الطعام إلى الملف النووي الإيراني.
والمشاركون الثلاثة هم من حلفاء أمريكا، لكنهم يختلفون معها بشكل كبير.
وسوريا هي مثال، فقد أعاد الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" العلاقة مع دمشق، وبعد وصوله إلى السلطة عام 2014.
وعارض عدد من المسؤولين الأمنيين في إسرائيل الإطاحة بـ"الأسد"، خشية ظهور دولة فاشلة على حدود إسرائيل.
وقد تشتكي أمريكا من مواقفهم تجاه سوريا، لكن أحدا منهم لا يريدون الاستماع إليها.