حق الإماراتيين لـلإماراتيين

حق الإماراتيين لـلإماراتيين

المحرر السياسي ... إيماسك

 

لم تمر الدولة بهذه المحنة الاقتصادية وبعيداً، عن أي مزايدات سياسية، فالإنفاق على الخارج بمليارات الدولارات سنوياً أثقل كاهل الدولة السياسي، والاقتصادي، وأشبع المواطنين وعوداً فارغة بمستقبل لا يعتمد على النفط.

أقدمت أبوظبي الأسبوع الماضي على الاستدانة بمبلغ 5 مليار دولار، لمدة عشر سنوات، موزعة على شريحتين مبلغ 2.5 مليار دولار لكل منهما، الأولى لأجل 5 سنوات تستحق في 2021، والثانية 10 سنوات تستحق في 2026. وكانت أبوظبي، التي تعتمد على النفط في إيراداتها المالية، قد أصدرت سندات مقومة باليورو بقيمة ما يعادل 1.5 مليار دولار عام 2009 وتستحق عام 2019.

قبل الإعلان عن إغلاق السندات أعطيت هبة للنظام المصري 4 مليار دولار، والذي يصل حتى الآن إجمالي ماتم انفاقه على النظام منذ 3 يوليو 2013م، إلى أكثر من 14 مليار دولار، عدا قرابة17 مليار درهم إماراتي قدمت كمساعدات إنسانية. فيما مليارات الدولارات أنفقت في دعم "خليفة حفتر" في ليبيا، إلى جانب الدعم المقدم للتيار السوري الجديد، وتدريب قواته، بالشراكة مع روسيا.

ستغطي أبوظبي العجز الحاصل في الموازنة بهذه السندات فلأول مره يتوقع الصندوق الدولي عجزاً منذ ست سنوات، لكنها ليست الحل بالمطلق.

اتجهت دول الخليج العربي إلى تخفيض النفقات الحكومية في موازنتها هذا العام، إلا أن موازنة الدولة، زادت من النفقات 12% عن العام السابق، وهو ما يثقل الحاجة إلى الموارد، فالإنفاق سيكون لجهاز حكومي ضخم، و وزارات بلا صلاحيات، وأخرى شكليه، فالكويت خفضت المصروفات بما لا يقل عن 20 %، فيما قلصت قطر كذلك انفاقها الحكومي بالرغم من مشاريع البنية التحتية حيث إجمالي المصروفات في الموازنة الجديدة 202.5 مليار ريال (55.4 مليار دولار) لعام 2016 مقابل 218.4 مليار ريال (نحو 60 مليار دولار) في الموازنة السابقة، وقلصت الموازنة السعودية لهذا العام حجم الانفاق بواقع 2.3٪ مقارنة بميزانية العام الماضي بواقع 13.8٪ مقارنة بالإنفاق الحقيقي للعام 2015م؛ فيما الحكومة العُمانية تعتزم خفض المصروفات الجارية بواقع 20 ٪ في العام 2016م. 

حتى بريطانيا تستشير شعبها من أجل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ولو حدثت سياسياً ومثقفاً إماراتياً لسخط في وجهك "ايش تفهم بالسياسة والاقتصاد"، وكأن أمور مستقبل الدولة وحمايتها يتعلق فقط بالوصوليين والمادحين المخادعين للحكام والشيوخ.

الغريب أن زيادة الانفاق جاء مع رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وقانون جاري من أجل الضريبة، مع اصدار فواتير للمياه والكهرباء، والإعلان عن دولة "الرفاه" و "السعادة" وهي مؤشرات تنخفض بإنهيار الاقتصاد الوطني، بفعل "مكارثية" التخطيط والاعتماد على مستشارين غربيين تسببوا في أزمات كارثية كشركة ماكنيزي التي وضعت خطة أبوظبي 2030م، والتي تسببت مثيلاتها في تجفيف المياه العذبه في السعودية ثمانينات القرن الماضي، بفعل مشروع زراعة القمح وسط الصحراء، ويبدو أن ذات المشروع أعلنت عنه الإمارات لكن برؤية أكبر وهو جبل عملاق للاستمطار، دون جدوى علمية أو اثبات علمي من إمكانية ذلك، إضافة إلى مشاريع أخرى كبرج عملاق أكبر من برج خليفة، وكأن التطاول في البنيان في ظل انهيار أسعار النفط وغياب الرؤية لاقتصاد مستدام لا يعتمد على تواجد الشركات النفطية، هو الحل لمواجهة هكذا أزمات.

عدا هذه المشاريع تنفق الدولة ما مقداره 20 مليار دولار في شراء الأسلحة، سنوياً، ولها دور بارز في فرد العضلات داخلياً وخارجياً، وتسليم الرأي والمشورة إلى مستشارين أجانب، كانوا عرباً هربوا من دولهم، أو من الغرب يحملون حقائبهم من دولهم وما لبثوا أن ملئوا حساباتهم البنكية وحسابات أصدقائهم ومعارفهم بفعل تلك المشاريع الوهمية والاستشارات العبثية.

كل ذلك نتيجة غياب الشفافية والعدالة وحق الشعب في مراقبة أملاكه، وعلى المواطنين أن يكونوا أكثر حرصاً على حقوقهم ومكتسباتهم فهذا هو معنى الولاء الحقيقي للوطن ، وعلى  مثقفونا أن يكونوا قدوات تضيء دروب الأجيال بدل أن يكونوا وصوليين، وان يكون رجال أعمالنا روادًا في الصناعة والتجارة والتقدم العلمي، وفي بناء الثروات النافعة، بدل ان يكونوا سماسرة للشركات الدولية، وأدوات للقمعيين والأجهزة الأمنية. وأخيرًا يتحتم على المواطنين أن يصبحوا أكثر وعياً بخطورة المرحلة وبحقوقهم، فهم يكسبون رزقهم بعرقهم، وأن يطالبوا بحقوقهم كاملة غير منقوصة، بدل انتظار الهبات والعطايا، في وقت تسطّر فيه شعوب العالم صفحات من الجهد المثمر والنضال المشرف من أجل الحقوق المشروعة .

الكاتب