هل ينجح بايدن برأب الصدع مع السعودية والإمارات؟
قال معهد واشنطن لسياسيات الشرق الأدنى، إنه "من وجهة نظر أبوظبي والرياض، فليس هناك بديل عن شريك أمريكي لديه الإرادة العسكرية لردع العدوان الإيراني في المنطقة أو الرد عليه".
ولفت المعهد إلى أن العلاقة الأمريكية مع السعودية والإمارات قد تبدأ بالعودة، بعد توتر شابها خلال السنة الأولى من حقبة بايدن، بسبب رغبته في توقيع اتفاق نووي مع إيران دون أخذ مخاوف الدولتين الخليجيتين بعين الاعتبار، بالإضافة إلى قناعة الرياض بأن واشنطن تخلت عن مساعدتها لصد الهجمات الحوثية.
وسبق كل ذلك وصف بايدن، حين كان مرشحاً للرئاسة، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بـ "المنبوذ" باستناده إلى جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، واستمر ازدراء الرئيس الأمريكي العلني لمحمد بن سلمان في إضعاف علاقات الولايات المتحدة مع الرياض خلال السنة ونصف السنة الأولى من ولاية الإدارة الأمريكية الحالية.
وترافقت مع هذه التطورات مع مخاوف إقليمية من الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط في سياق "التحوّل نحو آسيا"، وإحجام واشنطن الواضح عن استخدام القوة العسكرية، ما دفع بالرياض وأبوظبي إلى الاستنتاج أن الولايات المتحدة لم تعد شريكاً موثوقاً به في مجال الأمن.
ونتيجة لذلك بحسب المعهد، فقد بدأت كل من السعودية والإمارات باتخاذ تدابير احتياطية، في مسعاهما إلى تنويع علاقاتهما الاستراتيجية. ومن هذا المنطلق، تبْني الرياض مصنعاً للصواريخ الباليستية في المملكة بمساعدة بكين، في حين تشتري الإمارات مقاتلات صينية، وأفادت بعض التقارير بأن جمهورية الصين الشعبية، على الأقل حتى وقت قريب نسبياً، تقوم ببناء ميناء بحري بالقرب من أبوظبي.
"معهد واشنطن"، قال إن رغبة الشركاء الخليجيين القدامى في البحث عن جهة غير واشنطن من أجل التعاون الأمني تُعقّد محاولات إصلاح هذه العلاقات، شأنها شأن الديناميكيات الشخصية المتوترة.
ووفقاُ لبعض التقارير فقد رفض محمد بن سلمان استلام مكالمة هاتفية من الرئيس بايدن، ويقال إنه أعدّ قائمة طويلة من المطالب التي يجب تلبيتها قبل أي تقارب مع واشنطن. وفي موازاة ذلك، تجاهل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد رئيس "القيادة المركزية الأمريكية"، الجنرال كينيث ماكنزي، خلال زيارته للإمارات بعد أسابيع من هجمات الحوثيين، كما أنه رفض لقاء وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن لقبول اعتذاره عن الردّ الأمريكي المتأخر على هذه الهجمات.
المعهد قال إنه في حين قد تؤدي الهزيمة في الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي لعام 2022 إلى تغيير النهج المعتمد من قبل إدارة بايدن، فإنه لا يبدو أن شركاء واشنطن الخليجيين يراهنون على هذه الخطوة، بل يبدو أن السعودية والإمارات لن تُحرّكا ساكناً بانتظار الانتقال السياسي في البيت الأبيض من إدارة ديمقراطية إلى جمهورية في عام 2024 - بل إنهما يأملان حقاً في حدوث ذلك. وفي ظل ارتفاع أسعار الطاقة، والتهديد الذي تشكله إيران على الاستقرار في الشرق الأوسط، والحاجة الأمريكية المتزايدة إلى دعم إقليمي في منطقة تحتدم فيها المنافسة بين القوى العظمى، فإن تدهور العلاقات جاء في وقت سيئ للغاية.
وأضاف المعهد: "تقترب العلاقات الثنائية مع هذين الشريكين القديمين من نقطة التأزم، إن لم تكن قد بلغتها أساساً. وعلى الرغم من أن احتمالات تحسينها تبدو قاتمة، فمن المهم أن نتذكر أن واشنطن تغلبت على التحديات التي اعترضتها في الماضي يداً بيد مع حلفائها الخليجيين".
وأشار المعهد إلى أن الصعوبة الحالية تكمن في كون السعودية والإمارات عززتا علاقتهما مؤخرا بالصين وروسيا، وهو ما يعني أن على واشنطن بذل جهود كبيرة لإقناع البلدين بأنها لا تزال شريكة لهما.
وأضاف أن على البيت الأبيض الكف عن توجيه انتقادات للحالة الحقوقية وحالة الحريات داخل المملكة.
وأضاف: "سيكون من الصعب إعادة بناء الثقة، لا سيما نظراً إلى تركيز الجيش الأمريكي المتزايد على آسيا.
وفي ظل عدم زيادة القوات والمعدات الأمريكية المرسلة إلى الشرق الأوسط، تتمثل إحدى الطرق لطمأنة الشركاء في تولي "القيادة المركزية الأمريكية" جهود التنسيق، والمساهمة في إقامة بنية دفاعية إقليمية - بما في ذلك نظام الدفاع الصاروخي - للتصدي لإيران، تشمل إسرائيل والأردن والإمارات والبحرين وأي دولة أخرى ترغب في المشاركة".
وبينما تتعاون هذه الدول أساساً في مسائل دفاعية، فإن بإمكان "القيادة المركزية الأمريكية" والجيش الأمريكي توفير الخبرة الفنية فضلاً عن قدرة تنظيمية لا تُقدّر بثمن.
وقد تساعد هذه الخطوات على استعادة الثقة نوعاً ما بقدرة واشنطن على مواجهة إيران. ومع ذلك، فمن وجهة نظر السعودية والإمارات، لا يوجد بديل لشريك أمريكي مستعد لردع و/أو معاقبة إيران عسكرياً على أي هجوم تنفذه في المنطقة، بحسب المعهد.
يذكر أن بايدن سيزور المنطقة منتصف يوليو المقبل، وسيجتمع برؤساء دول مجلس التعاون الخليجي.