الإمارات ومصر تستخدمان حفتر لمنع التسوية الليبية

الإمارات ومصر تستخدمان حفتر لمنع التسوية الليبية

نشرت صحيفة القدس العربي تقريراً سلطت من خلاله الضوء على الدور الذي تلعبه الإمارات ومصر لمنع الوصول إلى تسوية في الأزمة الليبية، وذلك من خلال دعمهما المتواصل للجنرال خليفة حفتر، وسط تجاهل المجتمع الدولي لهذه الحقيقة.

وقالت الصحيفة في تقريرها أن الأزمة الليبية شهدت تطوّراً جديداً تمثّلت بإعلان دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية استعدادها لتسليح حكومة «الوفاق» الليبية، فيما تراجع خيار التدخل العسكري الغربيّ المباشر (رغم وجود قوّات خاصة أمريكية وأوروبية على الأراضي الليبية).

وبعد استلام حكومة طرابلس أغلب مقرّات الوزارات أعلنت أسماء وزرائها وبدأت القوّات المحسوبة عليها بالاشتباك مع قوّات تنظيم «الدولة الإسلامية»، التي تشكّل مركز اهتمام القوى الغربية، وباستعادة مناطق ونقاط تفتيش ومراكز حدودية.

نقطة الاستعصاء التي تواجه الحكومة المذكورة هي إقرار برلمان طبرق المعترف به لشرعيّة الحكومة، ورغم وجود أغلبية من النوّاب الموافقين على ذلك والذين وقعوا بيانات وأعلنوا رغبتهم الصريحة بإقرار الحكومة، فإن اجتماعهم ما زال ممتنعاً لأسباب ليست خافية على أحد.

يتعلّق الأمر بالطبع بالسيطرة العسكرية لـ«القائد العام للجيش الليبي» خليفة حفتر على المنطقة الشرقيّة من ليبيا التي يقع مجلس النواب ضمن جغرافيّتها، كما يتعلّق، من الناحية الإقليمية، بموافقة السلطات في مصر والإمارات، وهما الراعيتان الفعليّتان للجنرال، على خطة العبور الدولية هذه من الحرب الأهلية إلى التسوية.

في تصريح أخير له لقناة تلفزيونية ليبية قال الجنرال إنه «لم يسمع بتأسيس حكومة في ظل الإرهاب». والمقصود طبعاً هو حكومة «الوفاق»، كما قال إن «لا علاقة له بالحوار السياسي» وأن ما يهمه هو «فرض الأمن والاستقرار وتخليص ليبيا من الإرهاب والإخوان المسلمين»، وأن «الديمقراطية لا بد أن تمر عبر أجيال» وأن حفتر يؤمن بها لأنه عاشها 25 سنة في الغرب!

تصريحات حفتر تناقض بعضها البعض وتفكّك أي مصداقيّة لقائلها لأنها في مجموعها تعبّر بوضوح وصراحة عن ازدراء هائل لشركائه المفترضين في الوطن، في رفضها للحوار السياسي وفي إقرارها بوجود حلّ وحيد يفرضه هو بقوّته العسكرية ويقضي على «الإخوان المسلمين»، وبعد إقراره الأمن والاستقرار فلا بأس بوعد الليبيين (أو من بقي منهم) بديمقراطية «يعرفها هو وحده لأنه عاش في الغرب 25 عاما»… ولكن بعد أجيال!

والحقيقة أن تصريحات الفريق أول حفتر هذه، على كاريكاتوريتها، لا تخرج عن سيناريو الفريق أول، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي كان حفتر وما يزال، يأمل في السير على هدى خطاه في الانتقال من السيطرة العسكرية على الأرض والحكومة ومجلس النوّاب إلى رئاسة ليبيا، وهو الأمر الذي استعصى، ببساطة لأن ليبيا ليست مصر، ولأن الحلّ الاستئصاليّ لم ينجح، وهو ما دفع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، في النهاية، إلى اللجوء إلى سيناريو التسوية الحالي.

أدّى دعم خيار حفتر الليبي عمليّاً إلى مآس كبيرة لحقت بالدولة والمجتمع الليبيين، مما عزّز التيار السلفيّ المتشدد الممثل بتنظيم «الدولة الإسلامية»، وساهم في قلقلة أمن دول الجوار القريب وأوروبا، وفي تمكين عصابات المهرّبين من الاتجار بالبشر الراغبين في اللجوء إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

السبب الوحيد لاستمرار هذا الخيار فاعلاً على الأرض الليبية هو أن سقوطه سيكشف تهافت النموذج المصريّ الذي تأسس عليه.
… وهو الأمر الذي تحاول القاهرة تأجيله ما أمكن.

 

(القدس العربي)

الكاتب