MEE: إعمار الإماراتية تسببت بأضرار دائمة في الساحل الشمالي لمصر

MEE: إعمار الإماراتية تسببت بأضرار دائمة في الساحل الشمالي لمصر

كشف تقرير لموقع "ميدل إيست آي" (MEE) البريطاني، عن أزمة خلفتها مشاريع، لشركة "إعمار" الإماراتية، أحدثت أضرارا غير قابلة للإصلاح بأحد أنقى شواطئ الساحل الشمالي بمصر.

ولفت التقرير إلى أن مهندسين وخبراء تخطيط حضري حذروا من أن الشركة "تنفذ مشاريع تطوير تهدد التركيبة الجيولوجية لسيدي عبد الرحمن"، وهي قرية تقع على مسافة 130 كيلومتراً، غربي الإسكندرية.

وتعد المنطقة المتضررة جزءا من عاصمة صيفية جديدة لمصر بتكلفة تقدر بعدة مليارات من الدولارات، تسمى العلمين الجديدة، صدر الأمر بإنشائها من قبل حكومة الرئيس "عبدالفتاح السيسي".

وأنشأت "إعمار" منتجعها الساحلي "مراسي" على قطعة من الأرض مساحتها 6.5 مليون متر مربع في سيدي عبد الرحمن، تتضمن 23 مجمعاً سكنياً يملكها بعض أغنى الأغنياء في مصر، كما تقوم بإنشاء مجمع آخر يتم بيع وحداته السكنية بوتيرة سريعة بتكلفة تتجاوز 100 مليون جنيه مصري (حوالي 5 مليون دولار أمريكي) للوحدة الواحدة.

وبدأت المشكلة قبل بضعة شهور، عندما بدأت في تنفيذ مشروع لإنشاء ميناء للقوارب في مراسي، إذ تسببت عمليات الحفر الكبيرة وإزالة كميات ضخمة من رمال الشاطئ في تداعيات بيئية كارثية، شملت تغيير حركة الأمواج على امتداد الساحل وتسريع التآكل الساحلي، وبالتالي تعريض المباني المجاورة للخطر بفعل التهديد المباشر لها من قبل الأمواج.

كما زاد مشروع "إعمار" من إمكانية حدوث تآكل تام في الساحل المصري على البحر المتوسط، وسط تحذيرات من قبل المدافعين عن البيئة من أن النشاطات الاستثمارية للقرى السياحية تسرع من التهديد الذي يشكله التغير المناخي للمنطقة.

وفي هذ الإطار، تقول "إلهام محمود"، أستاذة البيئة والعلوم البحرية في جامعة السويس شرقي مصر: "تفتح هذه النشاطات الباب أمام تدمير الساحل الشمالي (..) إن بناء المجمعات السكنية في المناطق الساحلية يقضي على الكثبان الرملية، التي من وظائفها حماية الساحل".

ورداً على الاعتراضات، قالت وزارة البيئة المصرية، في الرابع والعشرين من يوليو/ تموز، إنها أوقفت جميع نشاطات التجريف على امتداد ساحل مراسي، وشكلت لجنة للنظر في أسباب تآكل الساحل، واقتراح الإجراءات التي ينبغي اتخاذها لحمايته.

ويأتي تآكل الساحل في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لمصر، التي تستعد لاستضافة مؤتمر التغيير المناخي، كوب27، الذي تنظمه الأمم المتحدة في شرم الشيخ في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني.

وتقوم مصر باستعدادات ضخمة للمؤتمر، بما في ذلك تحويل شرم الشيخ إلى مدينة خضراء، وتأمل القاهرة في استخدام المؤتمر لتركيز انتباه المجتمع الدولي على أهمية تقديم المساعدة المالية الضرورية للبلدان الأفريقية؛ حتى تتأقلم مع آثار التغير المناخي وتحسن التعامل معها، كما ترغب في استعراض جهودها السابقة والحالية للتعامل مع التغير المناخي.

لكن التآكل الساحلي في الشمال يضع الحكومة المصرية على المحك، إذ يؤكد صعوبة السير على الخط الواقع بين إرضاء المستثمرين وحماية البيئة.

وفي السياق، يقول عضو لجنة البيئة في مجلس النواب المصري "علي نور": "بعض الاستثمارات في الساحل الشمالي تشكل أخطاراً على البيئة، مثلما هو الحال في قضية إعمار"، مضيفا: "يؤسفني القول إن هذه المشكلة ليست مقتصرة على الساحل الشمالي وحده".

وفي الأسبوع الماضي، طالب وزير الصناعة المصري السابق، "منير فخري عبد النور"، عبر تويتر، باتخاذ الحكومة "إجراءات رادعة ضد المستثمرين الأجانب الذين لا يلتزمون بالقانون".

وكانت الحكومة المصرية قد اتخذت بعض الإجراءات لحماية السواحل من التآكل، وأطلقت مشاريع قيمتها مئات الملايين من الدولارات، بعضها ينفذ بالتعاون مع الأمم المتحدة، لمواجهة تأثير التغير المناخي.

كما تقوم الحكومة بإنشاء السدود في بعض المدن الساحلية المصرية، وكذلك إقامة نظام للإنذار المبكر لرصد تحركات الأمواج والأمطار، ضمن إجراءات أخرى.

وقبل ما يقرب من عقد من الزمن، بدأت مؤسسات تطوير العقارات وشركات الاستثمار في السياحة على المستوى الدولي بتحويل استثماراتها من منتجعات البحر الأحمر المصرية في شرم الشيخ والغردقة، التي غدت أسواقاً مشبعة، إلى ساحل البحر المتوسط.

تمتد المنطقة الساحلية الشمالية لمصر مئات الكيلومترات ما بين مدينة الإسكندرية ووالحدود المصرية مع ليبيا في أقصى الغرب، وتقع فيها بعضا من أجمل الشواطئ المطلة على البحر المتوسط وأفضلها للسياحة.

وأسر الساحل الشمالي لمصر محبي الطبيعة لعقود، وذلك بفضل مياهه النقية ورماله البيضاء الناعمة وبيئته الطبيعية التي ما تزال على فطرتها.

وتجذب التجمعات السياحية في المنطقة المصريين الأكثر ثراء، وتشتمل على فلل وشقق وشاليهات يصل ثمن الواحد منها إلى عشرات الملايين من الجنيهات المصرية.

ويجري بناء مدينة العلمين الجديدة على بعد بضعة كيلومترات من موقع معركة العلمين، التي دارت رحاها في عام 1942 بين القوات البريطانية والقوات الألمانية.

ومن المقرر أن تشتمل المدينة على ناطحات سحاب وأماكن سكنية وأخرى للتسلية والترفيه، وعلى حي للأعمال والتجارة ومركز ثقافي ومرافق زراعية.

إلا أن الخبراء يعتقدون بأن التآكل الساحلي يهدد بتبديد عشرات المليارات من الجنيهات المصرية التي استثمرتها الحكومة في المدينة الجديدة، كما يهدد الاستثمارات الضخمة للقطاع الخاص في مشاريع تنفذ أو يخطط لها على امتداد الساحل.

الكاتب