لقد حان الوقت لمساءلة حليفنا العربي "الإمارات"
جاريد غنسر
محامي وخبير دولي وعضو هيئة تدريس بجامعة هارفرد
من المتوقع الإعلان الاثنين، 30 مايو/أيار، عن قرار بشأن قضية أربعة رجال أعمال وافدين اعتقلتهم قوات أمن الدولة في الإمارات العربية المتحدة في عام 2014 هم كمال ومحمد الضراط (أب وابنه أمريكيان-ليبيان)، وسليم العرادي (كندي-ليبي)، وعيسى المناع (ليبي). في البداية، اتهموا بالإرهاب، وهو ما أكدوا بثبات براءتهم من أي مخالفات، في حين قامت أسرهم التي تعيش في الولايات المتحدة وكندا، بإطلاق حملات متواصلة على مدى العامين الماضيين من أجل حريتهم.
كوني محاميا وحقوقيا ساعد في تأمين الإفراج عن أكثر من 40 من الرجال والنساء اعتلقوا تعسفيا، يمكنني القول من واقع خبرتي بأن القضية تمثل تحديا كبيرا فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة وتصحيحها من ناحية، ومن ناحية أخرى اختبارا للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والغرب.
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة حليفا مهما لغرب، كما أنها شريك تجاري واستثماري كبير ومهم. لديها ثاني أكبر اقتصاد في العالم العربي، وذلك بعد أن خضعت لإصلاحات اقتصادية كبيرة بهدف جذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم. يتميز اقتصادها حاليا بتعرفة جمركية منخفضة وحواجز تجارية غير جمركية قليلة نسبيا. عززت هذه العلاقات الاقتصادية مع الغرب من عمل الدولة في المجال الدبلوماسي وتعاونها، حيث تنشط في مكافحة التطرف العنيف، والحملات العسكرية ضد جماعة الدولة الإسلامية وإنهاء الحرب الأهلية في سوريا.
ولكن على الرغم من الشراكة الاقتصادية والتعاون الأمني، لا يزال المستثمرون الأجانب وأسرهم عرضة لخطر الاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة، كما في هذه الحالة. أُلقي القبض على الرجال دون أمر قضائي أو تهمة، واعتقلوا لأشهر مع منعهم من الوصول إلى عوائلهم ومحاميهم.
لاحظ الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة هذه الانتهاكات في مرحلة ما قبل المحاكمة وسجل ذلك ضمن التقرير الذي عرضه في ديسمبر/كانون الأول 2015، والذي أشار إلى أن الاعتقال كان تعسفيا. أشار الفريق أيضا إلى التعذيب الذي يتعرض له الرجال، والذي بدوره جذب اهتمام المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، وعدة منظمات غير حكومية مثل منظمة العفو الدولية.
أشارت تقارير إلى تعرض الرجال للضرب بالعصي – وهم معلقزن في سلاسل – وتعرضوا أيضا، للصدمات الكهربائية، وقلع الأظافر، وسكب الحشرات على أجسادهم والحرمان الطويل من النوم.
على الرغم من الاهتمام العالمي، استمرت الانتهاكات الخطيرة لإجراءات التقاضي، وذلك منذ بدء المحاكمة في يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك كما لاحظ المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين.
لقد اُتهم الرجال بأثر رجعي بموجب قانون لم يكن قد صدر وقت القيام بتلك الأفعال المزعومة، ولا وقت إلقاء القبض عليهم، كما أنهم حصلوا على تواصل محدود – وغير سري – مع المحامين. ثم حدث في مارس/آذار تحول مذهل في الأحداث، حيث تراجعت النيابة عن تهم الإرهاب تماما، وقدمت اتهامات جنائية أقل خطورة، بعد أن تهاوت قضيتاها المتطابقتان تقريبا ضد رجلي أعمال آخرين.
بحسب ما ورد في الأدلة المزعومة ضد الرجال، فإنها تتكون من إفادة شاهد واحد فقط – هو موظف ضمن قوات الأمن الإماراتية دون وجود أدلة على شهود عيان – واعترافات تم الحصول عليها أثناء التعذيب.
وتمتلك الإمارات الآن سجلا مشوبا في مجال حقوق الإنسان، إلا أن ما يجعل هذه القضية أكثر إثارة للقلق، إلى جانب التفاصيل الفظيعة المتعلقة بالتعذيب الذي يعانيه الرجال، هو كونها ليست الحالة الوحيدة في الإمارات التي يجري فيها استهداف وافدين غربيين يمارسون الأعمال التجارية في البلاد؛فقد ذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية 2016 أن قوات الأمن في دولة الإمارات العربية المتحدة اعتقلت "عشرات الأشخاص، بينهم أجانب... وأخضعتهم للإخفاء القسري" مع تقارير تشير إلى قيام مسؤولي الأمن بتعذيب بعض الضحايا.
تمثل هذه القضية اختبارا مهما لعلاقة الغرب مع دولة الإمارات العربية المتحدة. إن فشل المجتمع الدولي في تحقيق الإفراج عن هؤلاء الرجال سيؤكد قيام الحكومة بانتهاك حقوق الإنسان بشكل مستمر واستهدافها الغالب للرعايا الأجانب. كما أنه سيعطي ضمنيا ترخيصا باستخدام الإخفاء القسري وأساليب التعذيب التي يرثى لها، والاعتراف أنها معايير معترف بها دوليا في المحاكمات العادلة، علاوة على أنه سيضر أيضا بالثقة في التعاون الاقتصادي والأمني.
اُعتقل هؤلاء الرجال لمدة 17 شهرا، عانوا فيها التعذيب المروع ويواجهون الآن عقوبة قد تصل إلى 15 عاما في السجن إذا أدينوا الأسبوع المقبل. على دولة الإمارات العربية المتحدة الإفراج عن الأخوين الضراط والعرادي والمناع والسماح لهم بالعودة إلى ديارهم.