CNN: أمريكا تدفع الإمارات للاختيار بين واشنطن وموسكو.. وأزمة دبلوماسية عنيفة قد تتفجر
ألقت شبكة "CNN" الأمريكية الضوء على رسالة تحذير صارمة من الولايات المتحدة وصلت إلى الإمارات خلال الساعات الماضية من مغبة مساعدة روسيا على التهرب من العقوبات، قائلة إن الحبل المشدود الذي سارت عليه أبوظبي ودول الخليج وبقية دول الشرق الأوسط الحليفة لواشنطن في أزمة الحرب الروسية الأوكرانية يبدو أنه بدأ في التأرجح.
وأشار التقرير، الذي كتبه "مصطفى سالم" و"نادين إبراهيم"، وترجمه "الخليج الجديد"، إلى أن مسؤولا كبيرا في وزارة الخزانة الأمريكية ناقش في أبوظبي، الإثنين الماضي، مسألة إيواء البلد الخليجي رجال أعمال روسيين ومساعدتهم على التهرب بأموالهم ومنحهم مساحة للتجارة والتعامل، ما يؤدي في النهاية لالتفافهم على العقوبات الأمريكية.
وقد التقى وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية "برايان نلسون"، مع كبار المسؤولين الحكوميين من عدة وزارات في الإمارات، حيث ناقش "القضاء على مسألة التهرب من العقوبات الأمريكية، لا سيما على روسيا وإيران".
وجاء في بيان له، عقب المحادثات، أنه جرى مناقشة "الالتزام باتخاذ إجراءات إضافية ضد من يهربون أو يسهلون التهرب من العقوبات".
بدورها، قالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية "وام"، في بيان آخر، الجمعة، إن المسؤولين الأمريكيين والإماراتيين ناقشوا خلال الزيارة تعزيز التعاون فيما يتعلق "ببرامج العقوبات الجارية وما يرتبط بها من تسميات للشبكات الرئيسية في جميع أنحاء العالم".
وأضاف البيان أن الجانبين بحثا أيضا مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب محليا ودوليا.
وحذرت وزارة الخزانة الأمريكية في وقت سابق من أن "الأفراد والمؤسسات العاملة في ولايات قضائية متساهلة"، بما في ذلك الإمارات وتركيا، تخاطر بفقدان الوصول إلى أسواق مجموعة السبع لممارسة الأعمال التجارية مع الكيانات الخاضعة للعقوبات، أو قيامها بإجراء العناية الواجبة المناسبة ضد التمويل غير المشروع.
وتشمل دول مجموعة السبع كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وقال تقرير CNN إن الولايات المتحدة دعت مرارًا حلفاءها في الشرق الأوسط إلى دعم جهودها في إبطاء آلة الحرب الروسية، لكن التهديد العلني من واشنطن بعواقب ضد حليف وثيق مثل أبوظبي كان أمرا نادر الحدوث.
ونقل التقرير عن "جوستين والكر"، الرئيس العالمي للعقوبات والامتثال والمخاطر في رابطة المتخصصين المعتمدين في مكافحة غسل الأموال (ACAMS) قوله: "ما نراه الآن أكثر من مجرد إرسال الرسائل إلى المنطقة والإشارة إلى خطورة هذه العقوبات".
وأضاف: "تحاول الولايات المتحدة أن تقول: إذا كنت ستتعامل مع روسيا، فأنت تتعامل مع روسيا لكنك لا تتعامل معنا".
وأشار التقرير إلى أنه منذ الحرب الروسية الأوكرانية، أصبحت الإمارات هي الوجهة العربية الأولى للمستثمرين الروس، مع ارتفاع سوق العقارات في الدولة الخليجية مع تدفق الروس على دبي وأبوظبي. وسبق للولايات المتحدة فرض عقوبات على كيانات وأفراد في الإمارات، بسبب تهربهم من العقوبات.
وفي الآونة الأخيرة، فرضت عقوبات على شركتي نقل جوي مقرهما الإمارات، لتعاونهما مع شركة إيرانية خاضعة للعقوبات لنقل الطائرات بدون طيار الإيرانية (الطائرات بدون طيار) والأفراد والمعدات ذات الصلة من إيران إلى روسيا.
وقالت CNN إن العقوبات الأمريكية المفروضة حاليا على روسيا "لا تزال أولية"، وبالتالي فإن هناك ثغرات بها تسمح لموسكو بالنفاذ وممارسة التجارة والتعامل مع أطراف أخرى، لكن واشنطن إذا قررت اللجوء إلى حزمة العقوبات الثانوية لسد تلك الثغرات فستكون الأمور صعبة، حيث يتم إجبار الدول والكيانات على الاختيار بين الدولة الخاضعة للعقوبات أو الولايات المتحدة.
ويبدو أن هذا هو ما تجهز له واشنطن الآن، وسيكون الأمر صعبا، خاصة على حلفائها بالشرق الأوسط، لاسيما أبوظبي.
ويرى "والكر" أن الولايات المتحدة ترى أن روسيا تتحايل على العقوبات من خلال تحريك التجارة عبر الشرق الأوسط، وكذلك التجارة مباشرة مع المنطقة.
ويحذر "والكر" من تصعيد دبلوماسي خطير بين الولايات المتحدة والإمارات بسبب هذه المساعي الأمريكية، ويشير إلى أن أبوظبي لديهيا استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات في واشنطن.
وفي عام 2020، قدم المستثمرون من الإمارات نحو 45 مليار دولار من التدفقات الاستثمارية إلى الولايات المتحدة، وفقًا لصحيفة "ذا ناشونال" التي تدعمها الدولة في أبوظبي، وهذا يمثل ارتفاعا بنسبة 65% عن العام السابق.
وتجاوزت التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والإمارات 23.03 مليار دولار في عام 2021، ومن المعروف أن سادس أكبر فائض تجاري للولايات المتحدة على مستوى العالم كان مع الإمارات، وتدعم الشراكة الاقتصادية الوثيقة بين الدولتين أكثر من 120 ألف وظيفة في الولايات المتحدة، بحسب سفارة الإمارات في واشنطن.
ويبدو أن تحذير أمريكا للإمارات بوقف وصولها إلى التجارة مع دل مجموعة السبع قد أغضب أبوظبي، حيث يقول الأكاديمي الإماراتي الذي يوصف بأنه مقرب من دوائر الحكم "عبدالخالق عبدالله": "نحن نقدم الكثير للأمريكيين، ويجب أن يكونوا ممتنين لنا بدلاً من استخدام هذه اللغة في الحديث".
ومضى بالقول: "العقوبات الأمريكية هي عقوبات أمريكية.. إنها ليست عقوبات الأمم المتحدة ويمكن للبلدان أن تختار وتنتقي.. لدينا تعاملات مع 190 دولة مختلفة، وروسيا واحدة منها".
ويختتم التقرير برأي "كارين يونج"، الباحثة الأولى في مركز كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية، حيث ترى أن "الولايات المتحدة من غير المرجح أن تعاقب الإمارات علنًا، بسبب تعاون البلدين في ملفات أخرى مثل العلاقات مع إسرائيل والطاقة".
لكنها أضافت أن الفوائد الاقتصادية التي تعود على دولة الإمارات من الأعمال التجارية من الروس تجعل المخاطرة حساسة للغاية.