علاقات إماراتية وخليجية متينة مع إسرائيل بحجة مواجهة الخطر الإيراني

علاقات إماراتية وخليجية متينة مع إسرائيل بحجة مواجهة الخطر الإيراني

لم يعُد سرًا أنّ الدولة العبريّة تُقيم علاقات اقتصاديّة متينة جدًا مع دول الخليج، ولم يعُد خافيًا أنّ تساوق المصالح بينهما، وفي المقام الأوّل العداوة المُشتركة للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، يفتح الباب على مصراعيه أمام تل أبيب لتتغلغل أكثر فأكثر في هذه الدول المُصنفّة إسرائيليًا معتدلةً، علاوة على ذلك، توقفّت دول الخليج عن نفي التقارير الغربيّة والإسرائيليّة عن هذا التعاون والتنسيق، وإذا صدر أيّ نفي، فإنّه بات خجولاً جدًا، ولا يُساوي الحبر المكتوب فيه.

وفي الوقت الذي يخلص فيه المتحدثون في مؤتمر صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيليّة السنويّ، المنعقد هذا العام في نيويورك، إلى توقع مستقبل مظلم لإسرائيل، تأتي اليد الخليجية وما يُطلق عليها في تل أبيب دول الاعتدال الخليجيّ، لتمتد من تحت الطاولة وبعيدًا عن شعوبها، فتعطي أملاً ومزيدًا من المدد المادي والاقتصادي لإسرائيل، عبر صفقات بلغت حتى الآن مئات الملايين من الدولارات. هذه الصفقات، التي تنشر تباعًا في الإعلام الغربي والعبري، أعاد محلل الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة “معاريف”، يوسي ميلمان، تأكيدها، عبر مقالة تحليلية عن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في السنوات الماضية، محاولاً نقض ما ورد من رؤية تشاؤمية ومستقبل مظلم، ورَدت على لسان عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست الإسرائيليين الذين تحدثوا في مؤتمر “جيروزاليم بوست”.

في إطار العرض المضاد، كشف ميلمان، الذي يُعتبر من أقرب المُقربين إلى دوائر صنع القرار في تل أبيب، وتحديدًا الاستخبارات على مختلف أذرعها، كشف النقاب مباشرةً هذه المرة، عن الآتي: أعداء إيران من العرب السنّة تحولوا باتجاه إسرائيل، وتوصلوا معها إلى اتفاقات سرية، عسكرية واستخبارية، تقدر بمئات الملايين من الدولارات، لمصلحة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، على حدّ قول المصادر الإسرائيليّة، والتي لم يُفصح عنها. إضافة إلى الاتفاقات العسكرية والاستخبارية مع “العرب السُنّة”،إشار المُحلل الإسرائيليّ ميلمان إلى أنّ الخطر الذي كان يُميّز الماضي من جيوش عربية تجاه إسرائيل، زال تمامًا عن الخريطة ولم يعد موجوًا، وذلك يعود إلى اتفاقات السلام مع مصر والأردن، وإلى حالة العراق وسوريّة وأيضًا ليبيا، التي تفككت إلى كيانات إقليمية مشغولة بمحاربة بعضها بعضًا من أجل البقاء.

وأكّد على أنّ جيوش هذه الدول إمّا تبخرت أوْ ضعفت، بحسب توصيفه، وحلّ مكان هذه الجيوش، كخطرٍ على إسرائيل، أعداء دون دولة، يتميزون في أنهم مردوعون ومشغولون بأنفسهم وببقائهم، أوْ مشغولون بمعارك بقاء في ساحات أخرى، كما هو حال حزب الله في سوريّة، بحسب قوله. بالإضافة إلى ذلك، لفت ميلمان إلى أنّ العلاقات الإسرائيلية الأردنية، لم تكن أفضل مما هي عليه الآن، وتتميز بتعاون أمني واستخباري كبير. كذلك، فإنّ العلاقات مع الجانب المصري، في الجانب العسكري والاستخباري، تتميز بالتعاون في الحرب ضدّ الإرهاب في سيناء، والجانبان، الإسرائيلي والمصري في نقاشٍ دائمٍ ومباشرٍ، حول كيفية التعامل مع “حركة المقاومة الإسلامية”- حماس في قطاع غزة.

في الشمال، ساق المُحلل ميلمان قائلاً إنّه بعد عشر سنوات على حرب لبنان الثانية، في صيف العام 2006، حزب الله مردوع. لكن في موازاة ذلك، نُواجه واقع الترسانة الصاروخية للحزب، وجزء منها بعيد المدى وأكثر دقة وقادر على ضرب معظم المواقع الإستراتيجية والعسكرية في إسرائيل. مع ذلك، اكتسب الحزب خبرة في التكتيكات القتالية جراء مشاركته في الحرب الدائرة في سوريّة، لكنه يعاني خسائر بشرية. “حماس″، من جهتها، مردوعة. قادتها يعلنون مرارًا وتكرارًا أنهم لا يرغبون في الانجرار إلى جولة قتال جديدة في مواجهة إسرائيل. وإذا جرى إيجاد حل للمشكلات الاقتصادية في غزة، كما ورد على لسان وزير النقل والاستخبارات، يسرائيل كاتس، من خلال إقامة ميناء بحري عائم مرتبط بجسر مع قطاع غزة، فمن المحتمل أن تشهد الحدود مع غزة سلامًا، قد يمتد سنوات.

أمّا فيما يتعلّق بتنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” في سوريّة، وبشكلٍ خاصٍّ على الحدود في الجولان، شدّدّ المُحلل الإسرائيليّ على الواقع السائد منذ انتشار التنظيمين والفصائل المسلحة على طول الحدود، مضيفًا أنّه على الرغم من انتشار إرهابيي تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، على الجانب السوري من الحدود، فإنهما تعلما كيفية التعايش مع جيرانهم الإسرائيليين، وذلك لأن لديهم أعداءً، بالنسبة إليهم، أهم من إسرائيل واليهود، على حدّ تعبيره.

وكان مسؤول إسرائيليّ رفيع المُستوى، فضّل عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع، قال لصحيفة (معاريف) إنّ العلاقات التجارية بين إسرائيل ودول الخليج تنفذ في الأغلب عبر تركيا وقبرص، الإسرائيليون الذين يعملون بشكلٍ مباشرٍ مع دول الخليج لا يعلنون عن موطنهم بصراحة.

وتابع أنّه في بداية الثمانينات كانت إسرائيل قد تاجرت مع دول الخليج، مصنع بسكويت إسرائيلي كان من بين الأوائل الذين باعوا فيها المعجنات، والذروة كانت في التسعينات عندما دشنت إسرائيل مكاتب مصلحة في قطر وعمان، رجال أعمال بارزين مثل اسحق تشوفا ومسؤولين من بنك “هبوعليم” سافروا إلى دول الخليج بحثًا وراء فرص استثمارية، ايتان فيرتهايمر، من أكبر رجال الأعمال في إسرائيل، قالت الصحيفة، دُعي إلى قطر لحضور مهرجان الخيول العربية، مُشدّدّةً على أنّ الحليب والمنتجات الزراعية والمنتجات الخشبية والأجهزة الالكترونية والمخصصات الغذائية الحربية تدفقت من إسرائيل إلى دول الخليج، القطريون بحثوا عن لاعبي كرة القدم الإسرائيليين ليعززوا قوة فرقهم، وشاركت إسرائيل في معرض للسلاح في قطر، رجال أعمال من دول الخليج تتبعوا آثار الصفقات في إسرائيل، البنوك في دول الخليج فحصت إمكانية الاستثمار بالأسهم الإسرائيلية في بورصة تل أبيب، بحسب أقواله.

 

(رأي اليوم)

الكاتب