دبلوماسية كوباني.. الإمارات ملاذ الأكراد لإنقاذ صفقة مع نظام الأسد

دبلوماسية كوباني.. الإمارات ملاذ الأكراد لإنقاذ صفقة مع نظام الأسد

سلط موقع "المونيتور" الضوء على سعي إدارة الحكم الذاتي في شمالي سوريا، التي يقودها الأكراد، إلى مساعدة دولة الإمارات العربية المتحدة للتوسط في صفقة مع النظام السوري، بسبب تضاؤل الثقة بين الولايات المتحدة والدول العربية التي تمد يدها إلى دمشق.

 ونقل الموقع عن مصادر مطلعة أن مسؤولين أكراد، على رأسهم القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم كوباني، التقوا مسؤولين إماراتيين في أبو ظبي مؤخرا لطلب المساعدة في الضغط على نظام الأسد، مشيرة إلى أن الإمارات هي من تولى زمام المبادرة في بناء الجسور بين نظام الأسد والدول العربية الأخرى في السنوات الأخيرة، فيما تغازل تركيا دمشق على أمل إحياء تحالف أمني يستهدف الأكراد.

وأشارت مصدران إلى أن بافل طالباني، زعيم "الاتحاد الوطني الكردستاني"، ثاني أكبر حزب في إقليم كردستان العراق، الذي يتقاسم السلطة مع حكومة إقليم كردستان، كان من بين المسؤولين الأكراد في وفد كوباني.

وأصدرت الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد إعلانًا من 9 نقاط كررت فيه عزمها على التوصل إلى اتفاق مع النظام، وعرضت استضافة ملايين اللاجئين في منطقتها، وشددت على أن الأكراد "لن يساوموا على نموذجهم الإداري أو مكانة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)".

وأفادت المصادر بأن الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد نوعت شراكاتها، انطلاقا من حاجتها إلى أخذ زمام الأمور بيدها وعدم اختزالها في "أهداف" بألعاب القوة الإقليمية.

وأجرى المسؤولون الإماراتيون اتصالات لأول مرة مع الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في عام 2018 كجزء من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.

وهنا يبرز اسم لاهور طالباني، رئيس مخابرات الاتحاد الوطني الكردستاني السابق، الذي ضغط على الإماراتيين للاستثمار في البنية التحتية النفطية بسوريا، والذي توسطت علاقاته في البداية بين المسؤولين الإماراتيين والإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد، وقد أطاح به ابن عمه بافل طالباني عام 2020.

ونفت الإمارات حدوث أي اجتماع للوساطة مع أكراد سوريا، لكن المسؤولين الإقليميين يصرون على دقة التقارير، حسبما أورد "المونيتور".

ولم تلتزم أنقرة الصمت حيال جهود الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد لطلب المساعدة من الدول العربية في إبرام صفقة مع نظام بشار الأسد، إذ أرسلت طائرة مسيرة استهدفت مظلوم كوباني، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، عندما كان مسافرا في قافلة من مقر استخبارات الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، بعد تقارير ذكرت أنه عاد بالفعل من رحلته إلى أبو ظبي.

ويُعتقد على نطاق واسع أن الطائرة المسيرة قد أخطأت الهدف عن عمد، حيث كان هدفها هو التحذير من دبلوماسية كوباني المكوكية بين الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد والدول العربية، ولا سيما الإمارات العربية المتحدة.

كما أعلنت تركيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات التي تقلع وتهبط في مطار السليمانية بعد سماعها بمهمة كوباني في أبو ظبي، وأشارت إلى أنها ستعيد تقييم قرارها في 3 يوليو/تموز القادم بناءً على الإجراءات التي يتخذها الاتحاد الوطني الكردستاني للحد من أنشطة حزب العمال الكردستاني في السليمانية.

وهنا يشير "المونيتور" إلى أن أجندة الإمارات المعادية لإيران والإسلاميين هي في صميم سياستها الخارجية، وهو ما ينعكس في التطبيع الإماراتي مع نظام الأسد.

فالتعامل مع الأكراد السوريين يعد جزءًا من حسابات الإمارات لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، فيما يأمل الأكراد في الاستفادة من سماتهم المشتركة مع نظام الإمارات "الاتحادي" المكون من 7 إمارات موحدة تحت نفس العلم، في الوقت الذي يسعون فيه إلى نموذج لامركزي لسوريا.

يأتي ذلك تزامنا مع تضاؤل الثقة الكردية في الولايات المتحدة، حيث أعطت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الضوء الأخضر لغزو تركيا لمساحات واسعة من الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد، بما في ذلك المدن الرئيسية في تل أبيض ورأس العين، والانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

وجاءت الصدمة الكبيرة الأولى، على صعيد ضعف الثقة الكردية بالولايات المتحدة، في عام 2019، عندما غزت تركيا شمال شرق سوريا.

وقالت فوزة اليوسف، المسؤولة الكردية البارزة في شمال شرقي سوريا: "علاقاتنا مع الولايات المتحدة في تدهور منذ عام 2019. سري كانيه (رأس العين السورية) وأفغانستان قدمتا دروسا"، حسبما أورد "المونيتور".

ويصر النظام السوري على ضرورة قطع الأكراد العلاقات مع واشنطن وأن يطلبوا من الأمريكيين المغادرة من شمالي سوريا كشرط مسبق لأي صفقة، وهو ما أكدته فوزة بقولها: "وجود القوات الأمريكية يوفر للنظام ذريعة لعدم التعامل معنا".

وتحاول الإدارة الذاتية بشمال سوريا التفاوض مع دمشق منذ سنوات، لكن نظام الأسد رفض جميع مطالبات الحقوق اللغوية والسياسية للأكراد، باستثناء ساعتين من التدريس باللغة الكردية في الأسبوع.

كما أن ثقة الأكراد في الروس، الحليف الرئيسي لنظام الأسد إلى جانب إيران، تتضاءل بالتوازي مع علاقات الكرملين العميقة مع أنقرة، بحسب فوزة، التي نوهت إلى أن الأكراد بحاجة إلى أخذ زمام الأمور بأيديهم وتنويع شراكاتهم لحماية أنفسهم من فقدان النفوذ في المحادثات مع دمشق وأن يكونوا ضحايا صراعات القوى الإقليمية.

الكاتب