تحليل: التودد للسعودية وإهمال الإمارات سيكبد إسرائيل خسارة الإثنين
حذرت الأكاديمية الإسرائيلية المتخصصة في الشؤون الخليجية موران زاغا، من أن صب الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو جام اهتمامها على إقامة علاقات دبلوماسية مع السعودية بينما تهمل العلاقات الإمارات سوف يجعلها الدولتين الخليجيتين على حد سواء.
وتترأس زاغا برنامج الجغرافيا السياسية لدولة الإمارات، وهو البرنامج الإسرائيلي الأول من نوعه الذي أطلقته الجامعة العبرية لدراسة التاريخ والدور المؤثر للقوة الاقتصادية الخليجية في منطقة مضطربة.
وأضافت في تحليل نشرته بموقع هاآرتسالعبري، أنه منذ سقوط مراكز القوة العربية التقليدية بعد الربيع العربي، كان النهج السائد هو أن قلب السياسة العربية ينبض في الرياض، ولهذا السبب تنظر حكومة نتنياهو إلى السعودية على أنها جوهرة التاج لإسرائيل.
ولكن بالرغم من ذلك، فإذا أدركنا أن الثقل العربي ظل موجودا لعدد من السنوات في أبوظبي، فلابد أن يدفعنا ذلك لعدم تطوير العلاقات مع السعودية على حساب الإمارات، وتبني نهجا يوازن بين الدولتين الخليجيتين.
عقل مدبر
ورأت أن الإمارات في كثير من الأحيان تكون العقل المدبر لأي تطورات أو مبادرات ومع ذلك تقوم عن عمد بالسماح للسعودية بتصدر المشهد لقص الشريط؛ من أجل موازنة المنافسة على القيادة الإقليمية.
واستشهدت زاغا على ذلك بالقمة العربية التي عقدت في الرياض، مؤخرا وشهدت مشاركة سوريا ورئيسها بشار الأسد لأول مرة بعد عقد من الانقطاع.
وذكرت أن منصور بن زايد رئيس الوفد الإماراتي بدى وكأنه شخص هامشي في صورة القمة الرئيسية بينما تصدرها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأوضحت أن هذا المشهد جاء على هذا النحو على الرغم من الإمارات كانت أول من أقام علاقات رسمية وعامة مع نظام الأسد في 2018، بعد قرابة 7 سنوات من النبذ العربي له ولنظامه.
في ديسمبر/كانون أول من ذلك العام، أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق، وعززت علناً هذه العلاقة، التي كان يُنظر إليها على أنها شذت عن القاعدة العربية.
في النصف الأول من عام 2021، قدرت التجارة بين الإمارات وسوريا بنحو 272 مليون دولار، وبعد أقل من عام، وصل الأسد إلى أبو ظبي في زيارة حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، حيث كانت بداية سلسلة من التقاط الصور الرسمية بسلسلة من القادة العرب فيما بعد.
على الرغم من أن الإمارات استغرقت خمس سنوات لإقناع دول أخرى في المنطقة بأن تحذو حذوها، من خلال تجديد العلاقات مع سوريا، فمن الواضح أن نهجها حفز إعادة التطبيع التدريجي للأسد في المنطقة.
وبحسب زاغا لم يكن التطبيع الرائد مع سوريا من قبل الإمارات سوى جزء من سلسلة تحركات للدولة الخليجية، بما في ذلك تطبيع العلاقات مع إيران وإسرائيل وتركيا وقطر.
وقالت الأكاديمية الإسرائيلية إن البعض يعتقد أن هذه التطورات كانت بقيادة السعودية، لكن الإمارات كانت هي العقل المدبر والمنفذ لهذه المبادرات.
وأضافت أنه كما هو الحال مع سوريا، فضلت الإمارات هنا أيضًا أن تكون الرياض هي الواجهة العامة لهذا الجهد.
ومنذ 2018 وتحديدا بسبب حرب اليمن وبعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد فرقة قتل سعودية في إسطنبول، كانت الرياض منبوذة بشكل غير رسمي عالميا، فيما أصبحت أكثر هيمنة في إدارة الشؤون الإقليمية.
وقبل حوالي عام من اتفاقات أبراهام الموقعة في سبتمبر/ أيلول 2020، فاجأت المنطقة بتحول جذري في الاتجاه، وتحولت من الانخراط العميق بالحرب اليمنية والاشتباك ضد إيران ووكلائها إلى الانسحاب من اليمن وإعادة العلاقات مع طهران.
وفي العام الماضي، أعلنت الإمارات إعادة سفيرها إلى طهران بعد غياب دام ست سنوات، وفي غضون تلك الفترة حاولت أبوظبي التوسط بين إيران والسعودية ونجحت لفترة محدودة.
في النهاية، حصلت الصين على الفضل في اتفاقية تجديد العلاقات التي تم الإعلان عنها رسميًا في 10 مارس 2023، ولم يتم حتى ذكر الإمارات، التي عملت على هذه القضية لمدة ثلاث سنوات.
تحذير
واستشهدت زاغا بنفوذ الإمارات وقدرتها بتصريحات أطلقتها ابتسام الكتبي رئيس معهد سياسي إماراتي بارز الشهر الماضي، خلال مؤتمر هرتسليا، توقعت فيه الأخير عدم انضمام المزيد من الدول إلى اتفاقيات إبراهام خلال فترة ولاية الحكومة الإسرائيلية الحالية.
وقالت الكتبي: لن يتم القضاء على اتفاقية أبراهام، ولن تنسحب الدول الموقعة عليها، لكن لن يكون هناك موقعون إضافيون... حكومتكم الأخيرة (حكومة نتنياهو) تدفع الجميع بعيدًا".
ورأت زاغا أن تصريحات الكتبي الصريحة تعبر عن الصعوبات والتحديات التي تمر بها دولة الإمارات التي بادرت بمحاولة تحقيق شرعية تحركاتها، كما أعطت ملاحظاتها مؤشرا على قدرة الإمارات على حث اللاعبين الآخرين في النظام على اتخاذ خطوات - للأفضل أو للأسوأ (كما هو الحال في نجاحها في إقناع البحرين والسودان باتفاقية إبراهام).
وذكرت أن النفوذ الواسع والعميق للإمارات في الشرق الأوسط الأوسع، من السودان إلى اليمن وما وراءه، يلزم الباحثين وصناع القرار على حد سواء بتبني نهج أكثر حداثة فيما يتعلق بمراكز القوة في الشرق الأوسط.
وخلصت إلي أنه في عالم عقلاني، سيكون المسار الصحيح هو العمل مع السعودية والإمارات في وقت واحد، لكن إنفاق الحكومة الإسرائيلية كامل طاقتها القليلة الموجهة للشؤون الخارجية بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص لرياض قد يقودها إلى خسارة الإمارات والسعودية معا.