تعاون اقتصادي وتفاهم سياسي.. الإمارات وتركيا في "شهر العسل"
انتقلت العلاقات بين الإمارات وتركيا إلى مرحلة "شهر عسل"، إذ تغيرت 180 درجة من التنافس على النفوذ إلى تعاون اقتصادي وتفاهم سياسي بين الرئيسين الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والتركي رجب طيب أردوغان.
ذلك ما خلص إليه تقرير لسليم السعيد في موقع "المونيتور" الأمريكي (Al Monitor) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فاز في 28 مايو/أيار الماضي، بفترة رئاسية جديدة، "مواصلا 20 عاما في السلطة، بينما كان يشرع في إصلاح العلاقات مع دول الخليج، خاصة الإمارات، على الجبهتين الاقتصادية والسياسية".
ولفت إلى أنه في مارس/آذار الماضي، وقَّعت أنقرة، سادس أكبر شريك تجاري للإمارات، وأبوظبي اتفاقية تجارية بقيمة 40 مليار دولار على مدى 5 سنوات تم التصديق عليها في 31 مايو/أيار الماضي.
والسبت، زار رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مدينة إسطنبول التركية، وأجرى مباحثات مع أردوغان، على هامش حضورهما مبارة نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، التي فاز فيها نادي مانشيستر سيتي الإنجليزي المملوك إماراتيا على إنتر ميلان الإيطالي.
ولفت السعيد إلى أن "العلاقات بين تركيا والإمارات، إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، عانت بين عامي 2010 و2020 في بداية الربيع العربي، ثم لاحقا في أعقاب مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي (في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018). وفي 2016، اتهمت وسائل الإعلام المقربة من أردوغان الإمارات بتمويل منفذي محاولة انقلاب فاشلة".
وتابع أنه "في ظل حكم أردوغان، وبعد الربيع العربي في 2011، كان يُنظر إلى تركيا على أنها داعم رئيسي لجماعة الإخوان المسلمين في تونس ومصر وسوريا، وقد تم حظر الجماعة في السعودية والإمارات، والإطاحة بها من السلطة في مصر عام 2013، وجرى نبذها من الحكومة في تونس منذ 2022، فيما تحتضن الرياض وأبوظبي الآن رئيس النظام السوري بشار الأسد، وهو ما لم تفعله أنقرة".
"كما انحازت أنقرة إلى جانب قطر خلال النزاع الخليجي في 2017، والذي شهد حصار الدوحة (من جانب الإمارات والسعودية والبحرين ومصر)، وانتهى الحصار في 2021"، بحسب السعيد.
تغير 180 درجة
ووفقا للمحلل وأستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبدالخالق عبدالله، في حديث لـ"المونيتور"، فإن "الاتفاقية الاقتصادية هي انعكاس لنهج رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد في السياسة الخارجية التي تقدر العلاقات الشخصية كوسيلة لتنمية الثقة".
وأوضح أن "العلاقة بين الإمارات وتركيا مرت بمراحل، وكانت في ذروتها قبل الربيع العربي عندما كانت تركيا أحد أفضل الشركاء التجاريين للإمارات، وحتى خلال التنافس السياسي بين البلدين، كانت (العلاقة) قوية ومتينة".
ولفت السعيد إلى أنه بعد ذوبان التوترات مع قطر في 2021، أنشأت الإمارات صندوقا استثماريا بقيمة 10 مليارات دولار في تركيا، وبعد زلزال 6 فبراير/شباط الماضي المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، قدمت الإمارات مساعدات للبلدين الجارين.
و"خلال العامين الماضيين، تغيرت العلاقة بين الإمارات وتركيا بـ180 درجة، والآن نرى البلدين أكثر اتساقا في الأمور السياسية، فتركيا الجديدة تتخلى بشكل متزايد عن دعمها للإخوان المسلمين"، وفقا لعبدالله.
وأردف عبدالله أن "هذا التحول، بالإضافة إلى الضغط الإماراتي منذ اتفاق إبراهيم عام 2020 (لتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل) للتعاون بدلا عن المواجهة مع خصوم سياسيين سابقين مثل إسرائيل وإيران وقطر، يسهّل نمو علاقات أبوظبي الاقتصادية مع أنقرة".
وفي 2022، بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين 18.9 مليار دولار، بزيادة 40% عن 2021، بحسب "رويترز".
وقال عبدالله إن "فرص النمو المستمرة جاهزة وتكمن في مجالات تعاون منها المزيد من شركات المقاولات التركية العاملة في الإمارات".
مناطق نفوذ
وقال نيكولاس هيراس، مدير إدارة الاستراتيجية والابتكار في معهد نيو لاينز، إنه "على الرغم من استمرار المنافسة على النفوذ في أفريقيا، إلا أن الإمارات تنتقل من موقع معارضة نشطة لسياسة تركيا الخارجية إلى كونها مستثمرا نشطا".
وزاد بأن "الإمارات تعتبر الاقتصاد التركي من الأصول المتعثرة التي يمكنها الاستثمار فيها الآن بثمن بخس وتحقيق المزيد من الأموال لاحقا، لاسيما في ظل عدد سكان تركيا البالغ حوالي 85 مليون نسمة وقدرتها الصناعية الكبيرة".
"كما يُعد موقع تركيا المركزي، الذي يسهل الوصول إليه من أوروبا وإفريقيا وآسيا، فرصة جذابة للإمارات من أجل الاستفادة من تركيا كمركز تجاري وسياحي والاستثمار في العقارات"، بحسب هيراس.
واعتبر أن "التحسن الأكبر في العلاقات الإماراتية والتركية هو أن أنقرة وأبوظبي توصلتا إلى تفاهم متبادل بأن لكل دولة مناطق نفوذ في الشرق الأوسط الكبير لن تنافسها الدولة الأخرى فيها".