رويترز: تجارة الجنس مزدهرة بالإمارات.. وشبكة نيجيرية تستدرج الأفريقيات إلى دبي
على متن قارب يبحر في مياه الخليج بالقرب من الأفق المتلألئ في دبي، تمايلت امرأة نيجيرية ترتدي فستانا أبيض وحليا ذهبية وأومأت برأسها بينما غنت المجموعة المصاحبة لها أغنية "عيد ميلاد سعيد".
نشرت المقاطع المصورة لحفل عيد ميلاد كريستي جولد الخامس والأربعين في مايو/أيار من العام الماضي على حساب على إنستجرام مظهرة أسلوب حياتها المبهر، بعد شهور فقط من هروبها من نيجيريا حيث تواجه اتهامات بالاتجار بالجنس.
فقد كانت جولد، واسمها في سجلات المحاكم، كريستيانا جيكوب أواديالي، زعيمة في شبكة إجرامية استدرجت نساء أفريقيات إلى دبي وأجبرتهن على ممارسة البغاء في بيوت الدعارة والشوارع الخلفية والحانات والفنادق ونوادي الرقص، وفقا لما يقوله ستة مسؤولين في مجال مكافحة تهريب البشر بالحكومة النيجيرية وناشط بريطاني في مجال حقوق الإنسان يقتفى أثر عملياتها وخمس نساء قلن إنهن تعرضن للاتجار والاستغلال من جولد.
وقالت ثلاث من هؤلاء النساء في مقابلات إن جولد هددتهن بالقتل وإلقاء جثثهن في الصحراء إن لم يفعلن ما يطلب منهن. ومن لم يستطعن جني المال الكافي لها نُقلن إلى غرفة في شقة في دبي، حيث قام شقيق جولد بتجويعهن وجلدهن ووضع معجون الفلفل الحار في أعضائهن التناسلية، بحسب ثلاثة مسؤولين في مكافحة الاتجار بالبشر وخمس نساء قدمن روايات مفصلة في المقابلات وبيانات المحكمة.
وقالت واحدة من النسوة "لقد ضربوني بقسوة... كانت المعاناة شديدة".
ونفت جولد في بيان للمحكمة بعد توجيه الاتهام إليها أن تكون وشقيقها تاجري جنس. وقالت "أنا لست ضالعة في الاتجار بالبشر وليس لي فتيات في دبي يعملن عاهرات لحسابي".
ولا تزال جولد هاربة من العدالة، ضمن ما يقول نشطاء ومسؤولون في مكافحة الاتجار بالبشر إنهم تجار جنس نيجيريون مشتبه بهم يمارسون نشاطهم في الخفاء وتزدهر أعمالهم، والذين لجأوا إلى الإمارات، التي تقول جماعات حقوقية إن لها سجلا ضعيفا في حماية العمال الأجانب والحريات الأساسية.
الاتجار بالبشر
وخلص تحقيق أجراه الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين ورويترز إلى أن الإمارات وجهة رئيسية للاتجار بالجنس، حيث تجبر شبكات غير قانونية تعمل داخل الدولة النساء الأفريقيات على ممارسة الدعارة.
ويفيد نشطاء مكافحة الإتجار بالبشر والسلطات النيجيرية والمقابلات مع النساء المُتاجَر بهن بأن السلطات الإماراتية لا تبذل جهدا يُذكر لحماية هؤلاء النسوة.
وتستند هذه القصة إلى مقابلات مع 25 امرأة أفريقية معظمهن من نيجيريا تحدثن عن إغراء جولد لهن، أو تجار بشر غيرها، بالذهاب إلى الإمارات.
كما تستند إلى عشرات المقابلات مع العاملين في المجال الإنساني ومحققين ومسؤولين في الحكومة النيجيرية وآخرين على دراية بالاتجار بالجنس في الإمارات. ورواياتهم مدعومة بسجلات المحاكم وملفات القضايا لدى وكالة مكافحة الاتجار بالبشر في نيجيريا.
رهن العبودية
وتظهر التقارير أن تجار البشر يبقون النساء الأفريقيات رهن العبودية الجنسية من خلال استغلال حاجتهن الماسة للمال وحياكة شباك من التلاعب والقهر، مستخدمين التهديد والعنف. ويوقعونهن تحت طائلة ديون هائلة، تتراوح غالبا في المجمل بين 10 آلاف دولار و15 ألف دولار، وهي مبالغ كبيرة بالنسبة لهؤلاء النساء القادمات من أسر فقيرة. وفي حالات كثيرة، يستغلون معتقدات روحية أفريقية تقليدية لجعل الضحايا يعتقدن أنه ما من خيار لديهن سوى القيام بما يطلبه المهربون.
وهذا التقرير الخاص جزء من تعاون في إعداد التقارير بقيادة (ترافيكنج إنك)، وهو تحقيق تابع للاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين ينظر في الاتجار بالجنس والاتجار بالعمالة في أنحاء كثيرة من العالم. ويتضمن الشركاء الإعلاميون للاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين في هذا المشروع رويترز وشبكة إن.بي.سي نيوز، وشبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) بالإضافة إلى منافذ إخبارية أخرى في دول عديدة.
ولم ترد جولد على أسئلة من أجل هذا التقرير. وذكرت في بيانها للمحكمة في نيجيريا أنها ساعدت نساء ورجال نيجيريين على الانتقال إلى الإمارات من خلال تأجير جزء لهم من شقة تملكها في دبي.
وقالت "بل إن الأمر يصل بي لتقديم المشورة إليهم مثل الأم حتى يتمكنوا أيضا من تحقيق النجاح في دبي". لكنها استطردت قائلة للمحكمة "لا يمكنني قول ما فعله هؤلاء لكسب العيش في دبي".
في رد مكتوب قدمه المكتب الإعلامي لحكومة دبي، قالت شرطة الإمارة إن مزاعم انخراط جولد في الاتجار بالجنس مستغلة نساء أفريقيات في دبي "كاذبة وليس لها أي أساس على الإطلاق في الواقع". وجاء في البيان أن جولد "دخلت إلى دبي وخرجت منها بشكل قانوني ولم تتورط في أي أنشطة غير قانونية".