معهد دول الخليج: عقارات دبي الفاخرة لن تفيد اقتصاد الإمارات

معهد دول الخليج: عقارات دبي الفاخرة لن تفيد اقتصاد الإمارات

اعتبر تقرير نشره "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" أن تركيز مدينة دبي الإماراتية على قطاع البناء الفاخر هو استراتيجية ضيقة ومحفوفة بالمخاطر تشبه بشكل غير مريح الانهيارات الاقتصادية السابقة.

وقال التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن سلسلة الصفقات العقارية التي حطمت الأرقام القياسية في دبي مؤخرا أعطت انتعاشة اقتصادية قوية، ففي عام 2022 بيعت فيلتان في "نخلة جميرا" مقابل 76 مليون دولار و82 مليون دولار، وتم بيع بنتهاوس في دبي مقابل 112 مليون دولار في فبراير/شباط، واثنين من بنتهاوس أخرى بمبلغ 114 مليون دولار و204 ملايين دولار في مايو/أيار.

أثارت هذه الطفرة التكهنات بأن تدفق الأفراد الأجانب من أصحاب الثروات الفائقة إلى دبي والازدهار الناتج في سوق العقارات فائقة الجودة (العقارات التي تباع بأكثر من 10 ملايين دولار) يمكن أن يرفع اقتصاد الإمارات ما بعد النفط إلى آفاق مستدامة.

ودفعت تلك الطفرة مطورون عقاريون إلى إعادة التفكير في تنشيط مشاريعهم المغلقة، مثل بعض مشاريع "جزيرة النخلة" الضخمة، وإنعاش مشاريع أخرى، بما في ذلك جزر دبي، المعروفة سابقا بـ"جزر ديرة".

تدفقات مالية منعشة ولكن

ويشير التقرير إلى أن التركيز  على سوق العقارات يمنح الإيرادات الحكومية تدفقات منعشة بالفعل، وعلى سبيل المثال تفرض دائرة الأراضي والأملاك في دبي رسوم نقل على المعاملات العقارية المباشرة.

ومع مبيعات بلغت حوالي 65 مليار دولار في عام 2022، تعد هذه الرسوم مصدرًا كبيرًا للدخل للإمارة الفقيرة بالنفط.

ومع ذلك، في حالة عدم وجود ضريبة الدخل أو الثروة أو الميراث، لن تتمكن الحكومة من توليد تدفق مستمر للدخل من الأفراد أصحاب الثروات العالية، وإذا تم فرض ضرائب، فقد يقرر هؤلاء الأفراد الانتقال من دبي مجددا.

ويرى التقرير أن الاستثمار العقاري السكني يخلق نموًا اقتصاديًا على المدى القصير، لكن تأثيره طويل الأجل على الاقتصاد الأوسع يمكن أن يكون ضئيلًا أو سلبيًا، حيث يؤدي الاستثمار المفرط في العقارات إلى مزاحمة الاستثمار التجاري والصناعات الأخرى بينما يؤدي العرض العقاري الزائد إلى حدوث نفايات في شكل مشاريع تقطعت بها السبل.

وتزداد العلاقة تعقيدًا بسبب التقلبات والميل إلى الفساد في صناعة البناء، لذا فإن التركيز المفرط على قطاع الإسكان يمكن أن يضر بالاقتصاد ككل، ويؤدي الطلب من الأجانب إلى زيادة الطلب المحلي.

مبيعات العقارات لم تمتد للاقتصاد الأوسع

وبحسب التقرير، هناك دلائل على أن الارتفاع الأخير في مبيعات العقارات السكنية في دبي لم يمتد إلى الاقتصاد الأوسع.

ففي حين ارتفعت مبيعات العقارات السكنية في الإمارة، استمرت مبيعات العقارات التجارية في الانخفاض لمدة 7 سنوات

علاوة على ذلك، لا تزال المناظر الطبيعية في دبي مليئة بالقطع الفارغة ومشاريع التطوير نصف المكتملة، بما في ذلك بعض المشاريع التي تعود إلى الأزمة المالية 2008-2009، مثل نخلة جبل علي ونخلة ديرة ولؤلؤة دبي، فضلاً عن المشاريع الأخيرة، مثل مول العالم وبرج خور دبي وميدان ون مول.

الناتج المحلي للفرد

ويستمر التقرير في سرد دلائل عدم تأثر الاقتصاد الإماراتي الأوسع بطفرة المشروعات السكنية، حيث يقول إن الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الإمارات ظل بعد تعديله وفقًا لتعادل القوة الشرائية ثابتًا على مدى السنوات السبع الماضية ولا يزال أقل بنسبة 30% تقريبًا من ذروته في عام 2004.

وبالمثل، ظل المؤشر العام لسوق دبي المالي ضعيفًا لأكثر من عام، ولا يزال يتداول عند حوالي 70% من ذروة ما بعد الأزمة المالية لعام 2014.

وأبلغ المواطنون عن صعوبات في العثور على وظائف، وارتفعت أسعار الغذاء والوقود.

ويلفت التقرير لنقطة أخرى، وهو أنه لطالما كان تدفق الأموال ذات الأصل المشكوك فيه إلى دبي محركًا لنمو العقارات الفاخرة في الإمارة، مع إجراء العديد من المعاملات نقدًا أو بالعملات المشفرة، لكن منذ عام 2022 ومع تزايد الضغوط، سعت الإمارات إلى زيادة الامتثال للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال، والتي إذا تم تنفيذها باستمرار، يمكن أن تقلل بشكل كبير من الطلب على المساكن الفاخرة.

خطر الركود العالمي

ومع ذلك، يظل الخطر الأكبر الذي يواجهه القطاع هو الركود العالمي الآخر بسبب صدمة مثل انهيار فقاعة العقارات الصينية أو أزمة مصرفية جديدة.

ويقترح التقرير طرقا أخرى لخدمة دبي بشكل أفضل، من خلال المزيد من الاستثمار العام في التعليم والجامعات، ما قد يولد المزيد من الابتكار والبحث والتطوير محليًا، محذرا من أنه إذا انتهت الطفرة العقارية الحالية، أو عندما تنتهي، فإن الفشل في تنويع اقتصاد دبي سيصبح مسؤولية رئيسية.

المليارديرات ليسوا الحل

وبعد أن باتت دبي وعقاراتها ملاذا للمليارديرات، لا سيما الروس، يقول التقرير إن ذلك ليس حلا أو مفتاحا للنمو الاقتصادي، فالمليارديرات عادة لا يكونون رواد أعمال نشطين، لكن أصحاب الشركات المتوسطة والصغيرة هم الذين يقودون الأعمال وخلق فرص العمل.

لذلك، بدلاً من جذب المليارديرات، ومعظمهم ليسوا رواد أعمال، يجب على دبي التركيز على جذب المهنيين والخبراء ذوي المهارات العالية الذين قد يصبحون أثرياء من خلال بدء الأعمال التجارية وخلق الوظائف.
 

سيستفيد اقتصاد دبي أكثر إذا كان مشترو العقارات من رواد الأعمال الذين ينقلون أعمالهم معهم، وبما أن الأشخاص الأكثر ثراءً يميلون إلى استهلاك أقل كنسبة من دخلهم وتوفير أكثر من الأشخاص الأقل ثراءً، فإن جذب المهنيين والخبراء من الطبقة المتوسطة العليا من شأنه أن يعزز الاستهلاك بشكل أكثر فعالية.

ويخلص التقرير إلى أنه بشكل عام، لا يعتبر الأفراد أصحاب الثروات الفائقة من محركات النمو، وقد تؤدي طفرات البناء إلى زيادة المعروض من العقارات، وعلاوة على ذلك، قد تعود الأموال الروسية إلى سويسرا بمجرد انتهاء الحرب في أوكرانيا، وقد يؤدي تشديد الضوابط ومتطلبات الشفافية إلى تجفيف بعض الطلب على العقارات في دبي.

الكاتب