ماهو السر من وراء الدفاع الغربي عن الإمارات في هيئة مالية عالمية؟
تضغط الولايات المتحدة وعدد من الدول الاوروبية على رأسهم ألمانيا، من أجل حذف الإمارات من القائمة الرمادية من مجموعة العمل المالي من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب "فاتف"، ومقرها باريس.
هكذا كشف تقرير لموقع "بولتيكو"، نقلا عن مسؤولي الرقابة الأوروبية وآخرين على اطلاع على الأمر، لافتة إلى أن هذه الدول تقوم بالضغط على المؤسسة الرقابة الدولية، لكي تمنح علامة نجاح للإمارات، رغم الإشارات المستمرة إلى أن البلد لا يزال ملجأ للعقود غير الشرعية.
ووضعت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، ومقرها باريس، الإمارات على قائمتها الرمادية، في مارس/آذار 2022، مشيرة إلى أوجه قصور خطيرة في تدابير الإمارات ضد التهرب من العقوبات وتمويل الإرهاب وغير ذلك من الجرائم.
وكان هذا التصنيف، الذي وضع أبوظبي على بُعد خطوة واحدة فقط من "القائمة السوداء" المرعبة لمجموعة العمل المالي، بمثابة ضربة كبيرة لسمعة أكبر مركز مالي في الشرق الأوسط، وهدد كذلك بإضعاف التصنيف الائتماني طويل الأجل للبلاد، رغم أن ذلك لم يحدث بعد.
ويعد الخطر طويل الأمد على مكانة دولة الإمارات كمركز أعمال، أحد الأسباب التي دفعت المسؤولين الماليين هناك إلى السعي للتخلص من هذا التصنيف في أقرب وقت ممكن، ووعدوا بـ"إجراءات قوية".
ومع ذلك، فقد اشتكى بعض أعضاء مجموعة مراجعة التعاون الدولي التابعة لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي لجنة من خبراء الجرائم المصرفية والمالية المكلفة بمراقبة التقدم في دولة الإمارات، مؤخراً، من أن الدولة قد تجاوزت وعودها التي لم تُنفَّذ، معربين عن مخاوفهم بشكل خاص بشأن موثوقية المعلومات المقدمة من دولة الإمارات من أجل تقييماتهم.
ولدهشة النقاد، فقد رفض الممثلون في وحدة التعاون الدولي من الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان وألمانيا معالجة مظاهر قلقهم، حسب أشخاص على معرفة بالأمر.
ويظل تقييم الوحدة مهما لأنه يقدم الأسس إلى الجمعية العامة، وهي هيئة اتخاذ القرار المكونة من الدول الأعضاء التي تلتقي ثلاث مرات كل عام، وتقرر شطب دولة من القائمة الرمادية.
وطرح الموضوع أثناء اجتماع وحدة مراجعة التعاون الدولي في مايو/أيار في موريشوس، عندما اعترض ممثل بلجيكا ميشيل فيرفلويت للدفع باتجاه شطب الإمارات من "القائمة الرمادية"، رغم غياب التقدم الملموس في مكافحة عمليات غسيل الأموال.
وتفوقت الإمارات في الفترة الأخيرة على بلجيكا في كونها المركز العالمي لتجارة الماس الخام، ويشك مسؤولو الرقابة الدولية في أن الكثير من هذه التجارة يدخل فيها أموال غير مشروعة.
وقال وفد ألمانيا لاجتماع موريشوس إن على الوحدة اتخاذ قرارها بناء على المعلومات التي وفرتها لهم الإمارات، حتى لو شكوا في عدم دقة المعلومات.
ولم يرد وزير المالية الألماني على أسئلة المجلة للتعليق، إن جرى التلاعب بالبيانات المقدمة إلى مجموعة العمل المالي للتقييم.
كما رفضت وزارة المالية الألمانية وبقية الدول المعنية، مثل إيطاليا ووزارة الخزانة الأمريكية التعليق على فكرة دفعها لشطب الإمارات من القائمة الرمادية، رغم مظاهر قلق أعضاء في اللجنة من أن البلد لم يلتزم بعد بالمعايير التي طلبتها مجموعة العمل المالي من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي النهاية جرى تجاهل اعتراضات فيرفلويت وبقية النقاد.
يقول روبرتو أنغليتي، من بنك إيطاليا الذي يعمل رئيسا مشاركا لوحدة التعاون الدولي، إنه سيوصي بزيارة ميدانية للإمارات، وهي الخطوة الأخيرة في عملية المراجعة التي تؤشر إلى شطب البلد من القائمة الرمادية.
ولا يعرف السبب الذي يدفع المراقبين في الهيئة الدولية هذه للتعامل بليونة مع الإمارات.
ولكن تقرير المجلة، يقول إن السبب هو أن رياح الجيوساسة هبّت لصالح الإمارات بعدما وضعت على القائمة الرمادية العام الماضي.
ففي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، مثلا، أجبرت ألمانيا للبحث عن الطاقة من دول الخليج.
وفي سبتمبر/أيلول، سافر المستشار الألماني أولاف شولتز إلى أبوظبي، حيث وقع صفقة غاز لكي تساعد ألمانيا على عبور موسم الشتاء.
وأعلن عن اتفاق واسع لـ"تسريع أمن الطاقة والصناعة" بين ألمانيا والإمارات و"المساعدة في تطبيق عاجل لمشاريع المنارة الإستراتيجية والتركيز على الطاقة المتجددة والهيدروجين والغاز الطبيعي والتحرك في مجال التغيرات المناخية".
وفي الوقت نفسه، أرادت واشنطن أن تظهر للسعودية التي أثبتت أنها شريك صعب لمواجهة الصين وإيران وروسيا أن لديها حلفاء أقوياء في الخليج وأهمهم الإمارات.
وستلتقي الجمعية العامة للمجموعة هذا الأسبوع في باريس، ومن المتوقع أن تعيد تحديث وضعية الإمارات.
وزاد التفاؤل في دبي بعد لقاء موريشوس.
يقول محمد الأنصاري مدير أكبر شركات الصرافة الأجنبية في الإمارات: "الشهر الماضي بعد الإجراءات التي جرى تطبيقها في النظام المالي، أتوقع شطب الإمارات من القائمة الرمادية في المراجعة المقبلة".
ووافق مسؤول إماراتي بارز تحدثت معه المجلة على هذا الكلام، وقال: "لقد فعلنا كل ما طلبته منها مجموعة العمل المالي".
ويضيف: "نحن متفائلون من أننا سنخرج من القائمة في الأشهر المقبلة".