النص الكامل للتقرير السنوي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" عن الإمارات
نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرها السنوي التي تطرقت فيه إلى أن الإمارات تستثمر في استراتيجية لتصوير البلاد على أنها دولة تقدمية ومتسامحة وتحترم الحقوق، بينما تنفذ سياسة عدم التسامح مطلقا تجاه المعارضة.
تنشر "شؤون إماراتية" النص الكامل للتقرير منظمة الذي يتناول عن الاستبداد في الإمارات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الدولة.
وما يزال العديد من النشطاء والمعارضين محتجزين، لا سيما المسجونون على خلفية قضية “الإمارات 94″، بسبب ممارستهم لحقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
يواجه العمال الوافدون المقيمون في الإمارات انتهاكات واسعة، بما يشمل المخاطر المناخية المتصاعدة، وتساهم هذه الانتهاكات في الظلم المناخي بطرق متعددة.
في 2023، استضافت الإمارات “مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ” (كوب 28) وسعت إلى استغلاله لتلميع صورتها رغم استمرارها بدعم توسع قطاع الوقود الأحفوري.
لم تحدث محاسبة على الانتهاكات المتعلقة بالدور القيادي للإمارات في التحالف الدولي الذي ينفذ عمليات عسكرية في اليمن، وسبق أن قدمت الدعم لقوات يمنية معينة ارتكبت انتهاكات جسيمة خلال السنوات القليلة الماضية.
حريات التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات
يقضي عشرات النشطاء والأكاديميين والمحامين عقوبات مطوّلة في السجون الإماراتية بعد محاكمات جائرة بتهم غامضة وفضفاضة تنتهك حقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
قبيل انعقاد كوب 28 الذي تستضيفه الإمارات، طالبت جماعات المجتمع المدني الإماراتية السلطات الإماراتية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية، وإنهاء جميع الانتهاكات والمضايقات بحق المنتقدين المحتجزين، وتعديل جميع القوانين التي تنتهك حقوق الإنسان.
حتى مارس/آذار 2023، واصلت السلطات الإماراتية، دون أساس قانوني، سجن 51 سجينا إماراتيا على الأقل بعدما أتموا عقوباتهم منذ ما بين شهر واحد وحوالي 4 سنوات.
جميع السجناء كانوا جزءا من المحاكمة الجماعية الجائرة للغاية المعروفة بـ “الإمارات 94” لـ 69 من منتقدي الحكومة، الذين انتهكت إدانتهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات.
استخدمت السلطات الإماراتية تبريرات لا أساس لها من الصحة تتعلق بمكافحة الإرهاب لمواصلة احتجازهم بعد انقضاء مدة عقوبتهم. أكمل بعض السجناء أحكامهم منذ يوليو/حزيران 2019.
في مايو/أيار 2023، احتجزت السلطات الأردنية خلف عبد الرحمن الرميثي، مواطن يحمل الجنسيتين التركية والإماراتية، وسلمته إلى الإمارات حيث يواجه خطر الاحتجاز التعسفي والمحاكمة الجائرة وربما التعذيب. لم تسمع عائلة الرميثي او محاموه عنه أو يعلموا بمكان وجوده منذ 9 مايو/أيار.
ظل الناشط الحقوقي الإماراتي البارز أحمد منصور مسجونا في زنزانة انفرادية للعام السادس. حثّت “هيومن رايتس ووتش”، إلى جانب منظمات حقوقية أخرى، الولايات المتحدة والحكومات الأخرى على دعوة السلطات الإماراتية علنا إلى إطلاق سراح منصور فورا ودون قيد أو شرط قبل انعقاد كوب 28.
حتى مارس/آذار 2023، احتجزت السلطات الإماراتية تعسفا ما بين 2,400 إلى 2,700 أفغاني منذ أكثر من 15 شهرا في “مدينة الإمارات الإنسانية”، وهي مركز لوجستي إنساني في أبو ظبي. أُجلي الأفغان إلى الإمارات من أفغانستان.
تستخدم الإمارات بعضا من تقنيات المراقبة الأكثر تقدما في العالم لمراقبة الأماكن العامة والنشاط على الإنترنت وحتى هواتف الأفراد وأجهزة الكمبيوتر، في انتهاك لحقهم في الخصوصية وحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وغيرها من الحقوق.
تفرض السلطات الرقابة وتحظر المحتوى في الإنترنت الذي ترى أنه ينتقد حكام الإمارات وحكومتها وسياساتها وأي موضوع، سواء كان اجتماعيا أو سياسيا، قد تعتبره السلطات حساسا.
“قانون الجرائم والعقوبات” و”قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية” يمعنان في تقليص مساحة المعارضة. تنص المادة 174 من قانون العقوبات على عقوبة سجن لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف درهم (حوالي 27,225 دولار أمريكي) إذا وقع الفعل “عن طريق الكتابة أو الخطابة أو الرسم أو التصريح أو بأية وسـيلة تقنية معلومات أو وسيلة إعلامية”.
قد يؤثر بندان بشكل مباشر على عمل الصحفيين المقيمين في الإمارات، إذ تنص المادة 178 على عقوبات بالسجن من ثلاث إلى 15 عاما لكل “من جمع بغير ترخيص من السلطة المختصة معلومات أو بيانات أو أشياء أو وثائق أو تصميمات أو إحصاءات أو غيرها بغرض تسليمها إلى دولة أجنبية أو جماعة أو منظمة أو كيان أو غيرها أياً كانت تسميتها أو شكلها أو إلى أحد ممن يعمل لمصلحتها”. يتضمن قانون الجرائم الإلكترونية قسما جديدا تماما بعنوان “نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة”.
العمال الوافدون
يقيّد نظام الكفالة في الإمارات تأشيرات العمال الوافدين بأصحاب عملهم، ويمنعهم من تغيير أصحاب العمل أو تركهم دون إذن.
يمكن لأصحاب العمل توجيه اتهامات كاذبة للعاملات بـ “الهروب” حتى عند فرارهن من الانتهاكات، ما يعرضهن لخطر الغرامات والاعتقال والاحتجاز والترحيل، كل ذلك دون أي ضمانات للإجراءات القانونية الواجبة.
كان العديد من العمال الوافدين ذوي الأجور المنخفضة معرضين بشدة لظروف تصل إلى حد العمل القسري، منها مصادرة جوازات السفر وسرقة الأجور ورسوم التوظيف غير القانونية. النقابات العمالية محظورة، ما يمنع العمال من التفاوض جماعيا. ما تزال الإمارات بلا حد أدنى للأجور غير تمييزي.
يسمح قانون العمل للعمال بالقيام بالعمل المرن والمؤقت والدوام الجزئي والعمل عن بعد، بالإضافة إلى حظر صريح للتحرش الجنسي والتمييز.
يتعرض العمال الوافدون المقيمون في الإمارات، والذين يشكلون 88% من سكانها، لمخاطر الحرارة الشديدة دون حماية كافية.
وثّقت هيومن رايتس ووتش كيف يشكل التعرض للحرارة الشديدة خطرا صحيا شديدا على العمال الوافدين في الإمارات.
تواصل الإمارات فرض حظر غير فعال للعمل في منتصف النهار في الصيف، حيث يحظر العمل في الأماكن المكشوفة بين الساعة 12:30 ظهرا و3:00 بعد الظهر بين 15 يونيو/حزيران و15 سبتمبر/أيلول، رغم وجود أدلة على عدم فعاليته في حماية العمال.
وصف العمال حالات صحية خطيرة ومزمنة قد تكون مرتبطة بالتعرض للحرارة الشديدة. غالبا ما تُؤدي ظروف العمل هذه مجتمعة إلى عواقب صحية وخيمة، منها الوفيات المرتبطة بالحرارة.
وثقت هيومن رايتس ووتش أيضا انتهاكات العمل المتفشية التي يواجهها العمال الوافدون، كسرقة الأجور ورسوم التوظيف الباهظة، ما يحد من قدرة العمال على إعالة أسرهم في بلدانهم المعرضة لخطر التغير المناخي مثل باكستان وبنغلاديش ونيبال، بما يشمل أثناء الأحوال الجوية القاسية المرتبطة غالبا بتغير المناخ.
أصدرت السلطات قانونا بمرسوم اتحادي رقم (9) لسنة 2022 بشأن العمالة المنزلية، بتحديث قانونها لسنة 2017 بشأن العمالة المنزلية، والذي يضمن بعض الحقوق العمالية.
يحظر القانون الآن التمييز والعنف ضد العاملات والعمال المنزليين من قبل أصحاب العمل، ويفرض التزامات على مكاتب الاستقدام بتوفير المعلومات للعاملات والعمال المنزليين، والامتناع عن تحميلهم تكاليف الاستقدام، والامتناع عن العنف ضدهم. لكنه ما يزال أضعف من قانون العمل ولا يفي بالمعايير الدولية.
علاوة على ذلك، تستمر العاملات والعمال المنزليين في الإبلاغ عن احتجازهم في المنازل أو مكاتب الاستقدام، وسرقة الأجور، والعنف اللفظي، والجسدي، والجنسي من قبل أصحاب العمل ومكاتب الاستقدام.
تغيّر المناخ: السياسات والتداعيات
في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، استضافت الإمارات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب).
سعت الإمارات، وهي أحد أكبر منتجي النفط في العالم، إلى استغلال المؤتمر لتلميع صورتها مع استمرارها في الضغط من أجل التوسع في مجال الوقود الأحفوري، ما يقوض الجهود المبذولة لمواجهة أزمة المناخ وحماية حقوق الإنسان. توفر أموال قطاع الوقود الأحفوري الواسع في الإمارات معظم الإيرادات الحكومية الإماراتية.
يساهم قطاع الوقود الأحفوري الإماراتي في التلوث السام للهواء الذي يخلق مخاطر صحية كبيرة على مواطنيها والمقيمين فيها، ويساهم في أزمة المناخ العالمية.
وصف عمال وافدون أن الهواء الذي يتنفسونه يحرق رئاتهم، ويشعرون بضيق التنفس في العمل، ولديهم حكة في الجلد، وغيرها من المشاكل الصحية التي يعتقدون أنها قد تكون مرتبطة بالهواء السام.
في 12 يناير/كانون الثاني، عيّنت الإمارات سلطان أحمد الجابر رئيسا لـ كوب 28. وهو الرئيس التنفيذي لـ “شركة بترول أبوظبي الوطنية” (أدنوك)، وأسس شركة “مصدر” للطاقة المتجددة المملوكة للدولة عام 2006. احتفظ الجابر بمنصبه في أدنوك أثناء دوره كمبعوث خاص للإمارات للتغير المناخي وقيادة المؤتمر.
باعتبارها أحد أكبر عشر منتجين للنفط الخام في العالم، تساهم الإمارات بشكل كبير في أزمة المناخ، التي يتنامى أثرها على حقوق الإنسان حول العالم.
تخطط الحكومة لتوسيع عمليات الوقود الأحفوري، وهو ما لا يتوافق، وفقا لـ “كلايمت أكشن تراكر”، مع هدف “اتفاقية باريس” المتمثل في الحد من ارتفاع درجات الحرارة عند مستوى 1.5 درجة مئوية، وهو أمر ضروري للحد من النتائج المناخية الأكثر كارثية.
حقوق المرأة
أدخلت السلطات الإماراتية تعديلات طفيفة على “قانون الأحوال الشخصيّة الاتحادي” في 2019 و2020: حيث لم تعد المرأة ملزمة بـ”طاعة” زوجها بموجب المادة 56، ولا تفقد حقها في النفقة إذا غادرت بيت الزوجيّة أو رفضت السفر إلى الخارج مع زوجها “دون عذر شرعي”.
لكن المادة 56 مازالت تلزم المرأة بالإشراف على البيت والحفاظ على موجوداته، والمادة 71 مازالت تنصّ على أنّ المرأة قد تفقد حقها في نفقة الزوج إذا تركت بيت الزوجيّة أو منعت زوجها من دخوله أو لم تلتزم بالواجبات الزوجية المحددة بالقانون. لا يجوز للمرأة تغيير إقامتها مع الأطفال دون إذن من الأب.
ينطبق قانون الأحوال الشخصيّة الاتحادي على جميع المواطنين الإماراتيين والأجانب باستثناء غير المسلمين الذين يُمكن أن تنطبق عليهم قوانينهم الدينيّة الخاصة.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أصدرت السلطات في أبوظبي قانونا جديدا بشأن “الزواج المدني وآثاره” في أبوظبي نصّ على الزواج المدني ووفر حماية معززة للنساء وحقوقا متساوية تقريبا للزوجين في مسائل الزواج والطلاق والقرارات المتعلقة بالأطفال.
لكنه ينطبق فقط على المواطنين الأجانب من غير المسلمين المقيمين في أبوظبي، وبالتالي خلق مجموعة حقوق مختلفة تُميّز ضدّ المرأة على أساس الدين والجنسيّة ومكان الإقامة.
تواجه الطالبات المسجلات في الجامعات الحكوميّة قيودا تشمل الحاجة إلى إذن الأهل أو وليّ الأمر الذكر للقيام بأنشطة خارج الحرم الجامعي، مثل المشاركة في رحلات ميدانية أو مغادرة السكن الجامعي.
يجرّم قانون العقوبات لعام 2021 ممارسة الجنس غير الزوجي بالتراضي بين رجل وامرأة، ويحاكم بناء على شكوى من الزوج أو ولي أمر ذكر، ويعاقب عليه بالسجن لستة أشهر على الأقل.
كما يجرم إنجاب طفل خارج إطار الزواج، ويعاقب عليه بالسجن لعامين على الأقل لكلا الوالدين ما لم يتزوجا ويسجلا طفلهما بشكل منفصل أو يعترفان معا بالطفل ويحصلان على شهادة الميلاد والوثائق الرسمية الأخرى.
يؤثر القانون بشكل غير متناسب على النساء لأن الحمل قد يمثّل دليلا على الجريمة المزعومة، ولا يسمح إلا للأقارب الذكور بتقديم شكوى بشأن ممارسة الجنس خارج إطار الزواج والمسامحة عليه.
ينص قانون الأحوال الشخصية الاتحادي على أن الأب هو الوليّ الأصلي لأي طفل وله سلطة القرارات المتعلقة بالإشراف على الطفل وتعليمه وتوجيهه في الحياة. في 2023، أكّدت السلطات الإماراتيّة، في ردّها الكتابي على هيومن رايتس ووتش على أنّ الأب، أو الوليّ القانوني للطفل بحسب جنسيّته، مُلزم بتقديم طلب للحصول على شهادة الميلاد وجواز السفر، “لأن جوازات السفر هي شأن يتعلق بجنسية الدولة التي يتبعونها”. لا تستطيع النساء الإماراتيات منح جنسيتهن لأولادهن إسوة بالرجال.
التوجه الجنسي والهوية الجندرية
يجرّم قانون العقوبات لسنة 2021 “اللواط” مع ذكر بالغ. تستمر السلطات أيضا بتجريم أفعال معرفة بشكل غامض ما يسمح لها باعتقال الأشخاص بسبب مجموعة واسعة من السلوكيات، بما فيها التعبير العلني عن المشاعر، والتعبيرات غير المتوافقة مع الجندر، والحملات التي تنادي بحقوق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي ومتغيري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم-عين).
تجرم المادة 411 من قانون العقوبات الفعل “الفاضح” وأي قول أو فعل يسيء إلى الآداب العامة، وتعاقبه بالسجن أو غرامة تتراوح بين 1000 و100 ألف درهم (ما بين 270 و270 ألف دولار أمريكي). إذا تكررت الجريمة، تصبح العقوبة السجن لثلاثة أشهر على الأقل وغرامة بين 10 آلاف و200 ألف درهم (ما بين 2,700 و54,000 دولار).
يعاقب قانون العقوبات الاتحادي الإماراتي “كل رجل تنكر بزي امرأة ودخل مكانا خاصا بالنساء أو محظورا دخوله آنذاك لغير النساء” بالسَّجن لمدة سنة، وبغرامة تصل إلى 10 آلاف درهم (حوالي 2,700 دولار)، أو كلاهما. عمليا، اعتُقِلت نساء عابرات النوع الاجتماعي (ترانس) بموجب هذا القانون حتى في الأماكن المختلطة جندريا.
الأطراف الدولية الرئيسية
دعت الإمارات الرئيس السوري بشار الأسد، الزعيم المتورط بشكل موثّق في الفظائع المتفشية في بلاده، إلى كوب 28. إذا حضر الأسد، سيكون ذلك أول ظهور له في مؤتمر عالمي منذ اندلاع الحرب السورية في 2011.
وفّرت الولايات المتحدة الدعم اللوجستي والاستخباري لقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات.
وجد تقرير داخلي صدر عن مكتب المساءلة الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية في 2022 ثغرات خطيرة في إشراف الحكومة الأمريكية على كيفية استخدام الأسلحة التي بيعت للسعودية والإمارات.