الدور الإماراتي في إجهاض الربيع العربي

الدور الإماراتي في إجهاض الربيع العربي

مازالت السلطات الإماراتية تواصل جهودها المركزة و الكبيرة داخل أراضيها لقمع المعارضين لها بشتى الطرق من اعتقال وتعذيب وترحيل لكل من تشك حتى لو مجرد شك في كونه معارضًا للنظام الحاكم.

 ليس ذلك فحسب، بل امتد ذلك الجهد خارج حدود الدولة، ليشمل الدعم المالي والعسكري للثورات المضادة خاصة في مصر وليبيا واليمن، ومحاولة القضاء على ثورة سوريا من خلال دعم بشار الأسد .

عداء الإمارات للربيع العربي وصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، دفعها لتكون بيئة ملائمة لاحتواء الفارين من العدالة مثل أحمد شفيق ومحمد دحلان وأسرة بشار الأسد ونجل علي عبد الله صالح، وأن تدفع الأموال لصحفيين أجانب وعرب من أجل شن هجوم على من خصومها من دول وأشخاص.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن رسائل تهديد وابتزاز وجهتها الإمارات إلى بريطانيا، تدعوها من خلالها إلى تشديد الخناق على جماعة الإخوان المسلمين نظير عدم إلغاء صفقات سلاح وعقود تنقيب عن النفط بمبالغ مالية طائلة. (يمكنكم الاطلاع على التفاصيل من هنا)

وفي السياق ذاته، فقد طلب ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد من نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والذي زار الإمارات في وقت سابق التشديد على الشباب المسلم في المساجد الألمانية، وهو ما أكده نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد زيغمار غابرييل، وقال أن بن زايد حذره من "انزلاق الشباب المسلم إلى التطرف، لأن هذا الأمر في النهاية سيصيبنا جميعا” حسب قوله.

أما في الوطن العربي فكان دور الإمارات واضحاً في جهودها للتضييق على الإسلاميين، وتمثل ذلك في ضغط الإمارات على الأردن لإعلان جماعة الإخوان المسلمين في الأردن جماعة إرهابية .

كذلك كان للإمارات دور واضح ومعادي ليس فقط لدول الربيع العربي، بل للدول الداعمة له أيضاً وعلى رأسها قطر، مما دفع الإمارات إلى شن حملة إعلامية ضد قطر في الغرب وتشويه سمعة القطريين وفق خطة استراتيجية سرية، وقد صرح بذلك الصحفي ديفيد كيركباتريك وذكر في تقرير له أن : "التوافق المحتمل في المصالح، بما في ذلك بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وإسرائيل يسعى لتصوير الدوحة على أنّها عراب للإرهابيين في كل مكان".

وقال التقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: "وظفت دولة الإمارات العربية المتحدة شركة استشارات أمريكية، وهي مجموعة كامستول، وتظهر سجلات هذه الشركة، وهي مسجلة كشركة أجنبية، وجود محادثات بينها وبين الصحفيين الذين كتبوا بشكل متكرر مقالات تنتقد دور قطر في جمع الأموال لصالح الإرهاب، وقدمت الإمارات الملايين من الدولارات لهذه الشركة، وأنفقت وقتًا طويلًا في إقناع أصدقائها من الصحفيين لنشر القصص المعادية لقطر، ونجحت في ذلك إلى حد كبير".

واتبعت الشركة استراتيجية استهدفت الصحفيين من المحافظين الجدد والموالين لإسرائيل مثل لايلي لايك من مجلة ديلي بيست، وألانا غودمان من مجلة فري بياكون، وإليوت أبرامز، وجينيفر روبين من الواشنطن بوست، ومايكل روبن من معهد إنتربرايس الأمريكي.

وهاجمت الإمارات اعلامياً شريكتها السعودية، وقال في ذلك الكاتب الصحفي جمال سلطان - رئيس تحرير صحيفة المصريون - لبرنامج " حراك " على قناة " فور شباب " التلفزيونية أن مؤيدي السيسي لديهم قلق شديد من تغير سياسة السعودية نظراً للدعم الاقتصادي الذي كانت تقدمه المملكة للنظام الحالي، وحمّل مسؤولية هجوم إعلاميين مصريين على الملك سلمان لدولة خليجية في إشارة إلى الإمارات التي تقوم بتمويل قطاع كبير من الإعلام في مصر.

ولا يخفى على أحد أن الإمارات أصبحت المستضيف الأول للهاربين من دول الربيع العربي أمثال أحمد شفيق , ودحلان , وأسرة بشار , وكثير من أنصار وأقارب القذافي وغيرهم .

وكشف تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية في أغسطس الماضي أسماء ليبية من نظام القذافي تقييم في الإمارات منها محمود جبريل وزير التخطيط، وعبد المجيد مليقطة أحد الرموز المهمة في تحالف القوى الوطنية الذي يتزعمه جبريل، كما يوجد في الإمارات اثنان من رموز أجهزة الأمن التونسية المتورطين في عمليات قمع المظاهرات زارا دولة الإمارات وأمضيا مدة طويلة في ضيافة كل من ضاحي خلفان مدير شرطة دبي، ومحمد دحلان القيادي الفلسطيني المتهم بالفساد، ويحظى دحلان بعلاقات مميزة مع قيادات الإمارات حيث يعمل مستشارًا أمنياً لمحمد بن زايد ولي عهد أبوظبي.

كذلك يحظى أحمد نجل المخلوع علي عبد الله صالح بالحماية والتأمين في الأراضي الإماراتية، إضافة إلى وزير الدفاع اليمني السابق محمد ناصر أحمد وأسرته، في الوقت الذي سقط فيه عدد كبير من شهداء الإمارات في الأراضي اليمنية على يد قوات موالية للمخلوع.

وبعد ثورة 25 يناير المصرية، نشرت صحيفة “وورلد تريبيون” الأمريكية، أن 19 طائرة نقلت أعضاء مهمين من نظام حسني مبارك وعائلاتهم إلى مطار دبي بالإمارات العربية المتحدة يوم 29 من يناير 2011.

ومن ليبيا، يعد اللواء خليفة حفتر أبرز من زاروا الإمارات وتلقوا الدعم من حكامها، وبعد الثورة السورية قام الأسد بتهريب والدته أنيسة مخلوف إلى دبي في ظل تفاقم الأوضاع الأمنية مع ابنتها الكبرى بشرى.

وفي مجال دعم الإمارات المالي للثورات المضادة تضخ الإمارات الكثير من الأموال لاجهاض الربيع العربي وتهميش دور الإسلام السياسي في المنطقة، فحسب ما ذكرت صحيفة "فاينناشال تايمز" البريطانية في أحد عناوينها أن "الإمارات تضخ أموالًا لتهميش دور الإسلام السياسي في المنطقة" .

ومثال على ذلك , تؤكد الكثير من الدلائل تورط الإمارات في مخطط الثورة اليمنية كما حدث في مصر ويجري التنسيق له في ليبيا، ويؤكد ذلك عدة كتابات لضاحي خلفان قائد شرطة دبي ومنها ما قاله بأن اليمنيين : "قطيع من الأغنام حقنهم مرشد الإخوان المسلمين بالغلط"، وفي تسريبات سابقة ذكرت أن عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي اتصل شخصياً بأحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس اليمني المخلوع وبلغه استعداد الإمارات لدعم ترشيحه للرئاسة في 2014، وأن الإمارات ستقدم المليارات لدعم ترشيحه، في أمر يرسم علامات استفهام كبيرة حول الدور الذي تقوم به الإمارات عسكرياً في الأراضي اليمنية في الوقت الحالي.

كذلك أكدت مصادر عدة دعم الإمارات الانقلاب العسكري في مصر والذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، وتدعي الإمارات أن الأموال التي تضخها محاولة منها لدعم اقتصادر مصر المتردي بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير .

ويذكر أن الأمارات من أبرز الدول التي تتدخل في ليبيا عسكريًا، فالإمارات ومصر من أكثر الدول تحفزًا لقتال " الفصائل والتنظيمات الإسلامية " في ليبيا، خاصة بعد الدعم الذي قدمته الإمارات للواء خليفة حفتر الذي خاض معركة "الكرامة" في سعيه للقضاء على ما أطلق عليه "الميليشيات الإرهابية"، وهذا ما أكده ضابط أمريكي لمجلة فورين بوليسي الأمريكية.

وقال مسئولون أمريكيون أن مصر والإمارات كانتا وراء الغارات الجوية في ليبيا لأكثر من مرة، مستهدفة إسلاميين يقاتلون للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، ونفذت غاراتها في طرابلس بطائرات إماراتية مستخدمة قواعد عسكرية في مصر، كما وفرت الإمارات الطائرات الحربية وطائرات التمويل الجوي والأطقم، وقامت مصر بتسهيل وصولها إلى قواعدها الجوية .

وذكرت غرفة ثوار ليبيا في بيان سابق لها: "حسب المعلومات التي حصلنا عليها فإن الأمن الإماراتي شكل خليتين على مستوى عالٍ جدًا، الأولى أمنية تعمل على إسقاط النظام الليبي الجديد، ومواجهة المد الإسلامي، وإسقاط المؤتمر الوطني، أما الخلية الثانية فهي خلية (إعلامية) متخصصة تعمل خارج وداخل ليبيا وتتخذ من العاصمة الأردنية عمان مقرًا لها”.

و أوضح البيان أن دور الخلية الثانية بث الأخبار التي تخدم عمل الخلية الأمنية، والتحريض على التيار الإسلامي تحسبًا لوصوله إلى الحكم، خاصة مع ارتفاع رصيده في الشارع الليبي حسب أغلب التقديرات.

في المحصلة، فمن الواضح أن السلطات الإماراتية باتت لاعباً أساسياً في هدم وإجهاض الربيع العربي، مسخرة موارد و أموال شعبها لمحاربة التيارات الإسلامية، لا لشيء إلا لخدمة أجندتها الخاصة والمحافظة على كرسي الحكم، والحفاظ على حلفائها في المنطقة والذين تجمعهم بها مصالح مشتركة، وفي مقدمتهم مصر واسرائيل.

تمت الاستعانة بمعلومات وردت في تقرير سابق نشره موقع ساسة بوست، لمتابعة التقرير كاملاً اضغط هنا.

الكاتب