"العفو الدولية": محاكمة أبوظبي لـ 84 ناشطاً مثير للسخرية
قالت منظمة العفو الدولية في بيان لها إن قيام أبوظبي بمحاكمة جماعية لـ84 ناشطاً إماراتياً، في القضية المعروفة إعلامياً باسم "الإمارات 84"، تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق المتهمين في المحاكمة العادلة، وتتجاهل المبادئ القانونية الأساسية من خلال إعادة محاكمة بعض المتهمين لنفس التهمة التي أدينوا بها قبل عقد من الزمن.
وأشارت المنظمة إلى أن ما لا يقل عن 65 من المتهمين الذين عُرف اسمهم محتجزون تعسفيًا منذ وقت سابق؛ ومنهم 62 متهمًا، على الأقل، محتجزون منذ محاكمتهم الجماعية السابقة في عامي 2012 و2013، في قضية “الإمارات 94”. وتتهم السلطات المتهمين بـ”إنشاء تنظيم سري … بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب”
وأضافت في البيان ذاته "ارتُكبت انتهاكات جسيمة متعددة لحقوق المتهمين في المحاكمة العادلة، بما في ذلك قيام السلطات، كما بدا، بتوجيه شهادة الشهود، وعدم الكشف عن التفاصيل الرئيسية مثل التهم المحددة وما هي مواد القانون التي تُستخدم لتوجيه التهم، والقيود المفروضة على المحامين فيما يخص إطلاع المتهمين وأسرهم على وثائق متعلقة بالقضية، ومنع أفراد الأسر من حضور جلسات الاستماع خلال المحاكمة، التي بدأت في 7 ديسمبر/كانون الأول 2023.".
وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية آية مجذوب إن "الإمارات تستهزئ بالعدالة من خلال محاكمة العشرات من المتهمين بتهم غير محددة بموجب امر إحالة ظل سريًا حتى الآن".
وأضافت "منذ شهر مضى، لم تكن الإمارات العربية المتحدة قد اعترفت حتى بعد بأن المحاكمة جارية، على الرغم من انعقاد الجلسة الأولى لهذه المحاكمة ذات الدوافع السياسية خلال فترة مؤتمر كوب 28، في إظهار سافر للقمع”".
ووصفت المحاكمة بأنها "مثيرة للسخرية" مبررة ذلك بأن "السلطات الإماراتية تتهم العشرات من المتهمين بنفس الأفعال التي أدينوا بها سابقًا منذ أكثر من عقد من الزمن. وهذا انتهاك صارخ للمبدأ القانوني الأساسي الذي يمنع تكرار مقاضاة نفس الشخص على نفس الجريمة".
ونقلت المنظمة عن فرد من عائلة أحد المتهمين قائلا " لم يطلع أحد على ملف القضية. لم يره أحد. ممنوعون من الحضور. والمحامون عليهم امر مشدد بعدم التعاون مع المعتقلين واهاليهم وعدم اعطائهم معلومات كاملة وشفافة".
وتابعت مجذوب: "يبدو أن هذه المحاكمة محاولة ذات دوافع سياسية صارخة لترهيب الناس وإجبارهم على الصمت، وضمان بقاء المعارضين في السجن لأطول فترة ممكنة، حتى لا يتمكنوا من تحدي السلطات، أو التحدث علناً عن الوضع المزري لحقوق الإنسان في البلاد".
وكانت السلطات الرسمية قد أعلنت عبر وكالة الإمارات للأنباء (وام) في أوائل يناير/كانون الثاني الماضي وبعد شهر من المحاكمة عن محاكمة 84 ناشطا إماراتيا غالبيتهم من المعتقلين الذين قد أنتهت محكوميتهم، وذلك بعد كشف مركز مناصرة معتقلي الإمارات (منظمة حقوقية) عن المحاكمة نقلا عن أهالي المعتقلين الذي سُمح لهم بالاطلاع على الجلسة عبر شاشة صغيرة في غرفة مجاورة – بحسب المركز الحقوقي.
وفي حينها أفادت الوكالة الرسمية بأن النائب العام الإماراتي، حمد سيف الشامسي، أمر "بإحالة 84 متهما أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين، المصنف إرهابيا في الإمارات، إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة"، معللاً ذلك أن "المتهمين أخفوا هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم (17) لسنة 2013 جزاء أمن الدولة".
ومعظم المتهمين في القضية من الناشطين السياسيين الذين أُدينوا في عام 2013 في أعقاب المحاكمة السياسية الأكبر في تاريخ البلاد والمعروفة إعلاميا بـ "الإمارات 94"، ويواجهون حالياً خطر عقوبات صارمة تصل الى الإعدام والسجن المؤبد.
وفي عام 2011، وقع 133 من المحامين والطلاب وأساتذة الجامعات وشخصيات أخرى على عريضة قُدمت للسلطات يدعون فيها إلى القيام بالإصلاحات السياسية ويطالبون بالحق في التصويت وانتخاب برلمان.
ومنذ ذلك التاريخ، لوحق و حُبس أكثر من 100 ناشط سلمي ومنتقد للحكومة، على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم ذات دوافع سياسية تمس الأمن القومي أو تتعلق بالجرائم الإلكترونية. ولا زال أكثر من 60 منهم يقبعون خلف القضبان ويمضي البعض منهم أحكاما بالسجن تصل إلى 14 سنة.
ويوجد بين هؤلاء المحتجزين سجين الرأي الدكتور محمد الركن، وهو محامي بارز متخصص في حقوق الإنسان، والذي ظل طوال سنوات هدفا لمضايقات الحكومة جراء انتقاده لسجل حقوق الإنسان في الإمارات ومطالبته بإصلاحات ديمقراطية. وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات، أنتهت في 17 يوليو/تمّوز 2022 إلا ان السلطات تواصل احتجازه رغم انتهاء محكوميته.
بالإضافة الى المعتقل الدكتور محمد المنصوري خبير القانون الدولي، والناشط أحمد منصور الحاصل على على جائزة "مارتن إينال" للمدافعين عن حقوق الإنسان، و الدكتور ناصر بن غيث المري، أكاديمي وخبير اقتصادي، والشيخ الدكتور سلطان القاسمي الذي يُعد أبرز خبراء المناهج التعليمية والإدارة التربوية في الإمارات والعالم العربي.